
متورطة بملف الأطفال المختفين.. إنهاء تكليف "دالين فهد" بعد موجة استنكار ومطالب بمحاسبتها
أنهت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة السورية، العمل بالقرار رقم 54 لعام 2025، القاضي بتكليف "دالين بسام فهد" بتسيير أعمال الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، وذلك بموجب قرار رسمي حمل توقيع الوزيرة هند قبوات.
ونص القرار الجديد على تشكيل مجلس مؤقت لتسيير شؤون الهيئة، يستمر لمدة ستة أشهر، برئاسة "عزة رباط"، التي ستتولى إدارة الهيئة خلال الفترة المحددة، في وقت طالب نشطاء بعدم الاكتفاء بإنهاء التكليف، بل فتح تحقيق ومحاسبتها على الانتهاكات المتورطة بها.
ويأتي القرار بعد موجة اعتراضات قادها ناشطون وحقوقيون، إثر تداول صورة لقرار سابق صادر عن وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تسيير الأعمال السابقة، فادي قاسم، يقضي بتعيين "فهد" في منصب رفيع ضمن الوزارة.
وواجهت "فهد" اتهامات مباشرة بالتعاون مع جهاز المخابرات الجوية خلال فترة سيطرة النظام السوري السابق، إذ يُتهم بأنها ساعدت في طمس هوية عدد من الأطفال المعتقلين وتحويلهم إلى دور الأيتام، ما أثار ردود فعل واسعة.
وكانت منظمات حقوقية قد طالبت بعزلها والتحقيق في دورها المحتمل في ملف اختفاء الأطفال، خاصة عقب تسلمها مهام تسيير أعمال الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، وهو ما تحقق مع صدور القرار الأخير.
وفي ردها على الانتقادات، أصدرت "فهد" بياناً ذكرت فيه أنها كانت تنفذ أوامر الوزير، الذي كان بدوره ينفذ تعليمات صادرة من المخابرات، مضيفة: "كلنا نعرف معنى أن ترفض أمراً لهم"، وذلك في سياق حديثها عن ملف الطفلتين أريج وهدى، ابنتي المعتقل السابق عمار الرفاعي.
وسبق أن دعا ناشطون سوريون وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة السورية "هند قبوات"، إلى النظر في قرار صادر عن الوزير السابق فادي القاسم، القاضي بترقية المدعوة "دالين بسام فهد" كونها متهمة بالتعامل مع مخابرات الأسد البائد وضالعة في تسليم أطفال معتقلين إلى دور أيتام وطمس هوياتهم.
وتظهر وثائق متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، أن توقيع وختم "دالين بسام فهد"، تفضح تعاملها مع قرار من إدارة "المخابرات الجوية" إلى جانب "فاطمة عادل رشيد" من مديرية الشؤون الإجتماعية بريف دمشق ومحافظ ريف دمشق السابق ومديرة دار الرحمة.
وأثار تكليف "دالين فهد"، بتيسير أعمال الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان في 8 كانون الثاني 2025 جدلا كبيرا سيما بعد تأكيد توقيعها على كتاب موجه إلى جمعية الأنصار الخيرية، تطلب فيه إيداع طفلين من عائلة "الرفاعي" في دار الرحمة، بناءً على تنسيق مباشر مع محافظ ريف دمشق وأحد ضباط المخابرات الجوية.
وجاء الكتاب الذي حمل توقيع وختم "دالين بسام فهد"، ردًا على مراسلات أمنية، ويشكل واحدًا من عدة كتب مماثلة تظهر تورط فهد في ملف حساس يهدد مصير أطفال المعتقلين، ويُرجّح أن بعضهم قد اختفى تمامًا عن وجه الأرض بعد طمس هوياتهم.
وكانت أكدت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل العثور على عدة كتب سرية محوّلة من قبل عدة أفرع أمنية بنظام الرئيس الهارب بشار الأسد تتعلق بإحالة عدد من الأطفال إلى جمعيات معنية بتربية الأيتام، وذلك بعد أنباء ترددت عن إرسال أبناء المعتقلين إلى دور الأيتام وتغيير أسمائهم.
وطلب المكتب الإعلامي للوزارة من ذوي الأطفال المفقودين التوجه إلى المديريات الفرعية المعنية بمديريات الشؤون الاجتماعية والعمل، لتقديم أسماء الأطفال وأي معلومات قد تُساهم في تسهيل عملية البحث وإحصاء الحالات بشكل دقيق.
وأفاد المكتب بأن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل واجهت صعوبات كبيرة في جمع الوثائق، لكنها تعمل حاليا على تحسين أنظمة الأرشفة وضمان استعادة البيانات المفقودة أو المتضررة، وذلك لتسريع عملية التحقيق وضمان الشفافية في معالجة هذه القضايا.
وكانت "إدارة قرى الأطفال" في سوريا اعترفت بإرسال النظام السابق أطفال معتقلين إليها دون إيضاح نسبهم، قائلة إن "أحدا منهم ليس لديها الآن".
وكان حسان العباسي، شقيق المعتقلة البارزة رانيا العباسي، أكد أن عددا من أطفال شقيقته الستة، الذين اعتقلوا مع أخته وزوجها عام 2011، تم نقلهم إلى مراكز "إدارة قرى الأطفال"، علما أن أكبرهم كان يبلغ من العمر حين اعتقاله مع ذويه 11 سنة، وأصغرهم سنة واحدة، ولا يزال مصيرهم حتى اللحظة مجهولا.
هذا وخلال حكم نظام الأسد البائد، اعتقل عدد غير معروف من الأطفال مع ذويهم، ولا يزال مصير ومكان وُجود غالبيتهم غير معروف حتى اللحظة، وسط تأكيد من معتقلات سابقات أنه تم أخذ أطفالهن منهن بعد الاعتقال إلى دور أيتام حيث يبقى مصير بعضهم مجولا.
وكانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" قد أصدرت بيانًا في 23 كانون الثاني/يناير الفائت، أكدت فيه امتلاكها قوائم موثقة بأسماء نحو 3700 طفل اختفوا قسرًا خلال السنوات الـ14 الماضية، إبان حكم نظام الأسد، وذكر تقرير الشبكة أن الأطفال كانوا يُفصلون عن ذويهم في مراكز الاحتجاز، أو يُحولون قسرًا إلى دور أيتام ومراكز رعاية، من بينها مراكز تابعة لمنظمة "SOS".