
"متحف سجون داعـ ـش" يوثّق مجزرة الشعيطات: شهادة على أبشع الجرائم الجماعية في سوريا
أصدر "متحف سجون داعش" ملفاً توثيقياً خاصاً يُسلّط الضوء على مجزرة الشعيطات التي ارتكبها تنظيم "داعش" في ريف دير الزور الشرقي خلال شهر آب/أغسطس 2014، وذلك ضمن جهوده المستمرة لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي شهدتها سوريا على يد التنظيم.
يعدّ هذا الملف أول دراسة موسعة من نوعها توثّق وقائع المجزرة يوماً بيوم، متتبعة سياقاتها، خلفياتها، وتداعياتها، عبر شهادات حيّة، وتحليل معمّق لبيانات الضحايا والمقابر الجماعية، بمشاركة الباحثين ساشا العلو وأيمن علاو. واستندت الدراسة إلى مقابلات صوتية ومصورة مع أهالي الضحايا، ناجين، ووجهاء من العشيرة الذين شهدوا الأحداث.
مجزرة بحجم إبادة
تُعد مجزرة الشعيطات ثاني أكبر مجزرة موثّقة في سوريا بعد هجوم الغوطة الكيميائي عام 2013، إذ راح ضحيتها أكثر من 814 شخصاً، لتُصبح بذلك الأضخم التي ارتكبها "داعش" خلال فترة سيطرته. وقد تركت هذه المجزرة جرحاً عميقاً في الذاكرة الجمعية لعشيرة الشعيطات وللشعب السوري عموماً.
سجون ومقابر جماعية
يوثّق الملف ما لا يقل عن 20 موقعاً تضم مقابر جماعية تحوي رفات الضحايا، كما يعرض نماذج ثلاثية الأبعاد (3D) لثلاثة سجون أنشأها التنظيم داخل منازل وعقارات أبناء الشعيطات، استُخدمت للاعتقال والتعذيب. وقد أعيد تصميم هذه المواقع افتراضياً استناداً إلى شهادات تسعة ناجين، وتم تحليلها معمارياً لكشف ما دار داخلها.
بناء الرواية وتثبيت العدالة
مدير "متحف سجون داعش" عامر مطر شدد على أهمية التوثيق في بناء ذاكرة جماعية، معتبراً أن هذه الجهود لا تهدف فقط إلى الأرشفة، بل تسعى إلى تحقيق العدالة عبر تسليط الضوء على جرائم التنظيم، وتوفير منصة للعائلات لتوثيق معاناتها ودعم تحركات المحاسبة القانونية.
سردية موثقة وشهادات حيّة
الباحث ساشا العلو أوضح أن كثيراً من تفاصيل المجزرة ظلّ غامضاً رغم مرور أكثر من عقد على وقوعها، مشيراً إلى غياب دراسة منهجية موثوقة للسياقات والأرقام والشهادات. ولفت إلى أن هذه الدراسة تسعى إلى ضبط السردية التاريخية للمجزرة، وتأطيرها ضمن سياق أوسع لفهم ممارسات التنظيم وأنماط عنفه.
مشاركة مجتمعية وتعاون محلي
شارك في إعداد الملف "رابطة عائلات ضحايا الشعيطات" التي وفّرت بيانات وأرشيفاً مصوراً ساعد في تقديم صورة متكاملة عن المجزرة، بهدف تكريم الضحايا ودعم أسرهم، وتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين.
متحف يوثق الذاكرة الجماعية
"متحف سجون داعش" هو مشروع رقمي تفاعلي يوثق انتهاكات تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، باستخدام تقنيات ثلاثية الأبعاد لتجسيد السجون والمواقع التي شهدت الجرائم. يحتوي المتحف على أكثر من 70 ألف وثيقة، ومئات المقابلات مع ناجين وناجيات، ويركز على دعم عائلات المفقودين وتكريم الضحايا، إلى جانب دوره في تثبيت السردية الحقوقية حول حقبة "داعش" في المنطقة.