ما هي التحديات والآفاق التي تواجه قطاع العقارات في سوريا؟.. خبراء يجيبون
ما هي التحديات والآفاق التي تواجه قطاع العقارات في سوريا؟.. خبراء يجيبون
● أخبار سورية ١٢ يناير ٢٠٢٥

ما هي التحديات والآفاق التي تواجه قطاع العقارات في سوريا؟.. خبراء يجيبون

طرحت جهات اقتصادية سورية تساؤلات حول التحديات والآفاق التي تواجه قطاع العقارات في سوريا وكيف يمكن لهذا القطاع أن يشكل قاطرة نمو حقيقية للبلد وأهلها، في ظل الحاجة الملحة للسكن مع تدمير نظام الأسد البائد حواضر ومدن بأكملها.

وقال الخبير العقاري "عمار يوسف"، إن حالة جمود مطبقة تجتاح سوق العقارات في سوريا، فلا يوجد عرض ولا طلب عليه، والسبب أن كل شيء بخصوص العقارات متوقف حاليا، فالمحاكم والطابو والعقود جميعها مغلقة.

بالإضافة إلى أن التحذيرات الأخيرة من شراء عقارات تعود ملكيتها لفلول النظام قد ساهمت في تدمير سوق العقارات، -حسب تعبيره- بينما مع عودة آلاف اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وتوقع عودة الملايين خلال الأشهر القادمة، تبدو معضلة الإسكان أحد أبرز التحديات الصعبة التي تواجه الحكم الجديد في سوريا.

وخصوصاً في ظل البيانات التي تقول بأن ملايين الوحدات السكنية مدمرة بالكامل في العديد من المدن، وبالتالي تحتاج إلى عشرات وربما مئات مليارات الدولارات لإعادة إعمارها، الأمر الذي يجعل الصورة قاتمة، أو حتى مرعبة، خلال المرحلة القادمة، ولو على المستوى النظري.

لكن ومع ذلك، هناك من يرى أن مشاريع إعادة الإعمار، رغم تكلفتها الباهظة، قد تكون فرصة حقيقية لنهضة البلد اقتصادياً وولادتها من جديد، إذا ما أحسن استخدامها بالشكل الأمثل.

ونقل موقع "اقتصاد" عن المحلل الاقتصادي "أحمد العمار"، قوله إن القطاع العقاري يشكل في الكثير من الدول، حاملاً اقتصادياً للكثير من القطاعات، حيث يقال إنه في الأزمات هو آخر قطاع يرقد وأول قطاع يستيقظ.

يضاف إلى ذلك إلى ذلك هو قطاع يمتاز بأنه محرك للنشاط الاقتصادي، فإذا ما قارنا بين القطاع المالي والعقاري، فإن الأول يحرك ما بين 30 إلى 40 وظيفة في المتوسط، بينما يحرك قطاع العقارات أكثر من 160 وظيفة أو مهنة.

ويرى أن ما يتم تداوله من أرقام عن تكاليف إعادة الإعمار في وسائل الإعلام السورية والدولية، والتي تقدرها بـ 600 مليار دولار، غير دقيق وغير مبني على دراسات واقعية، وهي تنظر للموضوع من زاوية عدد المباني المدمرة فقط.

ونوه أن هناك خسائر غير مرئية في البنية التحتية، لأن النظام عندما كان يلقي البراميل المتفجرة والصواريخ على الأحياء السكنية، فهي لم تدمر الأبنية فحسب، وإنما دمرت الطرق وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والهاتف والطرق والجسور والأنفاق وغيرها.

لافتاً إلى أن هذا بحاجة إلى إعادة بناء من جديد ما يرفع تكلفة إعادة الإعمار إلى نحو تريليون دولار على الأقل، نظيره أحمد المسالمة، ذكر ان قطاع العقارات في سوريا منهك جداً، نتيجة الدمار الكبير الذي تعرض له.

مشيراً إلى أنه في حال قام الأهالي بعملية البناء بأنفسهم فإن ذلك سوف يزيد من التكلفة، لأن الأمر لا يتعلق بالبناء فقط، وإنما بترحيل الأنقاض، ما يتطلب ضرورة وجود رؤية حكومية لإعادة الإعمار، تقوم بها شركات مختصة وفق منهجية مدروسة تراعي بناء المدن بشكل حديث وعصري.

وأكد أن سوريا بحاجة ملحة لتوفير ما لا يقل عن 3 - 4 مليون وحدة سكنية حتى تستوعب النمو الطبيعي للسكان، مشيراً إلى أن ذلك يحتاج لتكلفة كبيرة يصعب حسابها بدقة، لأن الأمر متوقف على طبيعة المشاريع التي سيتم العمل عليها، فهل تنوي الدولة بناء مجمعات سكنية، مجهزة بكافة المرافق الخدمية، أم سوف تبني شققاً سكنية شعبية.

وأما العمار فيقول إن المطلوب في المرحلة القادمة هو جذب شركات التطوير العقاري المتخصصة في بناء المدن، والأهم هو تجاوز هذه التشوهات التي أوجدها النظام على مدى أكثر من 50 عاماً حول المدن الكبرى.

ويرى المحلل أننا سوف نشهد في الأيام القادمة قدوم الكثير من الشركات الاستثمارية ورجال الأعمال الذين سيزورون سوريا لوضع الأفكار والخطط والرؤى والمشاريع، لكنه أشار إلى أن مشاريع إعادة الإعمار بحاجة على الأقل لمدة سنة أو أكثر حتى تبدأ.

واقترح أن يتم اللجوء إلى حلول إسعافية في هذه المرحلة، لافتاً إلى أن هناك من يقترح نموذج الكرافانات بشكل مؤقت، لكنه أشار أن العائدين قد لا يقبلون بهذه الحلول بعد أكثر من عشر سنوات من المعاناة والجلوس في المخيمات.

وتُعتبر أسعار العقارات المرتفعة من أبرز الصور التي كرسها النظام عن سوريا، وذلك بسبب إهماله لمشاريع الإسكان بما يلبي متطلبات النمو السكاني، الأمر الذي أدى إلى انتشار السكن العشوائي الأفقي حول المدن الكبرى، وارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، لا تتناسب ومستوى الدخل.

كما تحدث الخبراء عن تحديات تخفيض تكلفة البناء في سوريا، مع ضرورة إنشاء مصانع لمواد البناء، مثل مصانع الألمنيوم والحديد والأخشاب ومصانع المواد العازلة بالإضافة إلى الكثير من المصانع المرتبطة بعملية الإنشاء، وذلك سوف يخفض كثيراً من التكاليف ويجعل الأسعار مقبولة لدى جميع الفئات.

بدوره رأى المحلل الاقتصادي "أحمد المسالمة"، أن الأسعار لن تهبط كثيراً في المرحلة القادمة بعد انطلاق مشاريع إعادة الإعمار، بل على العكس، سوف ترتفع أكثر وأكثر وقد تصل إلى أرقام فلكية، نتيجة الطلب الكبير مع عودة ملايين اللاجئين إلى مناطقهم، وحاجة هؤلاء للإسكان ومواد البناء.

وأشار إلى أن تحديات الطاقة تعتبر من أبرز الصعوبات التي تواجه إنطلاق مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، فضلاً عن أنها تعتبر عاملاً حاسماً في مسألة الأسعار والتكاليف، فلا يمكن للشركات العقارية أن تأتي إلى سوريا بينما لا يوجد محروقات ولا كهرباء في البلد.

كما لفت إلى موضوع نقص الغرف الفندقية في سوريا، والذي يعتبر جزءاً من عملية قدوم الشركات العقارية وكوادرها إلى البلد، مشيراً إلى أن سوريا بحاجة على الأقل إلى 150 ألف غرفة فندقية كحد أدنى، وهو ما يدعو للتفكير في استحداث مبانٍ سياحية جديدة في أغلب المدن السورية.

هذا وأكد الخبراء أن هناك تحديات كبيرة تواجه سوق العقار السوري، مشيراً إلى أنه على الصعيد القانوني لدينا مشكلة الملكيات، إذ يجب سن قوانين جديدة للتملك سواء بالنسبة للسوريين أو للأجانب، وضبط هذه القوانين وإلغاء القوانين السابقة التي كانت مجحفة بحق السوريين خلال 14 عاماً.

ولفت إلى أن هناك اليوم طلب كبير على العقارات بينما العرض قليل، وهو ما سيرفع أسعار العقارات، مضيفاً أن الأسعار سوف تستقر ريثما يتوازى العرض مع الطلب، وهو ما يحتاج إلى ثلاث سنوات على الأقل، مع توفر الآلات الضخمة والتقنيات والتكنولوجيا المخصصة لبناء العقارات.

ويذكر أن السوق العقارية في سوريا كانت تعيش في القاع من الأسعار، التي لم تكن تتناسب إطلاقاً مع البنية التحتية وطبيعة البناء، وهناك أسعار بيوت في دمشق وحلب، من الممكن أن تشتري بثمنها ثلاثة بيوت في أمريكا نفسها، لافتاً إلى أن أسعار العقارات سوف تنخفض إلى المستوى المنطقي في المرحلة القادمة مع انطلاق مشاريع إعادة الإعمار.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ