لإلزامهم إخلاء خيمهم .. اعتقالات بالجملة تطال قاطني مخيم للنازحين بأطمة شمالي إدلب
ناشدت عشرات العائلات المقيمة في مخيمي "الخليل وأطفالنا تناشدكم"، الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية والحقوقية، لإيجاد حل لمشكلتهم بعد ضغوطات تمارس عليهم من قبل القوى الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام، وصل الأمر لاعتقال أكثر من خمس رجال من أبناء المخيم، بهدف الضغط عليهم لإجلائه دون تقديم أي حلول تخفف عنهم.
وتقول المعلومات التي وصلت لشبكة "شام"، إن مالك الأرض التي يقيم عليها نازحون من ريف إدلب الجنوبي، في مخيمي "الخليل وأطفالنا تناشدكم" ضمن تجمع مخيمات أطمة بريف إدلب الشمالي، يطالب بإخلاء أرضه وتسليمه إياها، رافضاَ جميع الحلول التي طرحها قاطني المخيم لإمهالهم حتى انتهاء فصل الشتاء على أقل تقدير.
وأوضحت المصادر، أن قاطني المخيم، استنجدوا بوزارة التنمية التابعة لحكومة الإنقاذ المسؤولة عن المنطقة، دون أي نتيجة تذكر، قبل أن يقوم صاحب الأرض بتقديم شكوى لدى قضاء الهيئة في أطمة، ضد أشخاص بعينهم من قاطني المخيم، ليصار إلى اعتقالهم.
ووفق المصادر، فإن القوى الأمنية التابعة لحكومة الإنقاذ والهيئة في محكمة أطمة، قامت بإرسال تبليغات لعدد من المدنيين قاطني المخيم لمراجعتها، إلا أن تلك الجهات قامت باعتقالهم فور وصولهم للمحكمة دون سابق إنذار، ودون إعطائهم أي مهلة لحل الأمر وإيجاد مكان بديل لنقل المخيم.
ومعاناة قاطني هذه المخيمات ليست الوحيدة، بل هناك العديد من المخيمات التي تواجه مصير الترحيل، بسبب ممارسات مسؤولي حكومة الإنقاذ وتسلطهم على تلك المخيمات، في وقت يكرر "أبو محمد الجولاني" القائد العام لـ "هيئة تحرير الشام"، الظهور بين الحين والآخر، بأنه قريب من الحاضنة الشعبية والمهجرين في المخيمات، في سياق عمليات التسويق التي يقوم بها، ولعب دور "محافظ إدلب"، وأنه حريص على المدنيين الذين ترهقهم المؤسسات التابعة لهم بانتهاكات مستمرة.
وقبل أيام، ظهر "الجولاني" في مخيمات المهجرين في منطقة دير حسان بريف إدلب الشمالي، ترافقه قوات أمنية كبيرة، ووسط عدد من المهجرين، تحيط بهم من كل الجهات كمرات التصوير، في سياق إخراج مسرحية جديدة لتبييض صورة الأمير وإعطائه صبعة مدنية على أنه قريب من الحاضنة الشعبية ويشعر بمعاناتهم.
وأعلنت مايسمى بـ "إدارة المناطق المحررة"، التي تديرها مؤسسات الهيئة، عقد جلسة طارئة في شمال إدلب دعت لها قيادة المحرر المتمثلة بـ "أبي محمد الجولاني" ورئيس مجلس وزراء الإنقاذ "علي كدة" ورئيس مجلس الشورى "مصطفى موسى"، قالت إنها لدعم المهجرين في المخيمات.
ونقلت عن "الجولاني" قوله: "من واجبنا مساعدة أهلنا والسعي في تأمين حوائجهم وإعانتهم في النوائب والنوازل" زاعماً أن المحرر اليوم ينتظم ويمشي وفق خطة محكمة مدروسة ستساهم في إيجاد حياة كريمة وتوفر فرص العيش الكريم أبرزها استبدال الخيم ببيت يليق بكرامة الناس".
وقال رئيس حكومة الإنقاذ الغائبة كلياً عن معاناة المهجرين طيلة فصل الشتاء، "علي كدة" إن معاناة أهالينا في فصل الشتاء خصوصا مع اشتداد البرودة والصقيع هي مسؤوليتنا جميعا، مؤكدا أن حكومة الإنقاذ تبذل الوسع إلى جانب باقي الجهات العاملة من أجل الاستجابة الطارئة للمتضررين سعيا منها في تدشين مرحلة مقبلة عنوانها وطن بلا خيمة.
وكانت غرقت عشرات المخيمات التي تأوي آلاف النازحين في مناطق ريف إدلب، في مأساة متكررة كل عام، مع بدء تساقط الأمطار خلال فصل الشتاء، وسط معاناة مريرة مستمرة لقطاني تلك الخيام، وغياب كامل لحكومة تدعى "الإنقاذ" غابت عن تقديم أي حلول تخفف عنهم، إلا تلك القيود التي تفرضها عليهم بوسائل شتى.
ولايخفى على أحد أن إدلب التي تهيمن عليها حكومة "الإنقاذ" الذراع المدنية لـ "هيئة تحرير الشام" باتت موطناً لملايين المهجرين المعذبين، الهاربين من بطش الأسد ونظامه، جل هؤلاء يعيشون في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الكرامة والمروءة، ليتسلط عليهم من يدعي تنظيم أمورهم وحياتهم، ويزيد من معاناتهم وأوجاعهم بالأتاوات والضرائب والقوانين التي تخدمها وحدها.
ولطالما طالب قاطنو المخيمات بتحسين أوضاع المخيمات، لاسيما من ناحية الخدمات وفرش الطرقات وفتح ممرات المياه لمنع تشكيل البحيرات الصغيرة وفتح قنوات الصرف، علاوة عن السماح لبعض المخيمات بالانتقال لمناطق قريبة من المدن الرئيسية ليسهل تحرك المدنيين وتسيير أمور حياتهم، دون فائدة أو استجابة.
ومنذ تأسيس حكومة الإنقاذ الذراع المدني لـ"تحرير الشام" تواصل ممارساتها التضييق على المدنيين، حيث تفرض نفسها كقوة مدنية مدعومة بذراع عسكرية أمنية من الهيئة، وتقوم على سحب مقدرات المناطق المحررة، وممارسة التسلط على المنظمات والمخيمات، والمدن الرئيسية، في وقت تعجز تلك الحكومة عن تأمين أبسط مقومات الحياة للأهالي.
وعملت مؤسسات الهيئة على اتخاذ إجراءات تفاقم الوضع المعيشي والاقتصادي، بالتوازي مع تصدير المبررات والذرائع الإعلامية، فيما ينتج عن هذه الممارسات تدهور أوضاع المدنيين، وسط تقارير تنذر وتحذر من واقع المعيشية وغلاء الأسعار في مناطق الشمال السوري، دون أي خطوات تخفف عنهم، بل تمعن في ممارسة مايزيد من معاناتهم لصالح أمراء الحرب.
ولم تكتف "الإنقاذ"، التي يؤكد ناشطون سوريون إنها عبارة عن واجهة تنفيذية لأمراء الحرب ممن يستحوذون على موارد وإيرادات المناطق المحررة، باتخاذ قرارات تتعلق بمصادر تمويلها الضخمة، بل وصلت إلى لقمة العيش والغذاء والمواد الأساسية للمواطنين مما يفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية لا سيّما وأن نسبة كبيرة من السكان هم من النازحين ومجمل السكان يعانون من ظروف معيشية غايّة في الصعوبة.