
قبل لقاء باريس .. الحكومة السورية تؤكد تمسكها بالسيادة وترفض الشروط المسبقة في مفاوضات "قسد"
شدد مصدر حكومي سوري رفيع على أن الدولة السورية لن تقبل بأي محاولة لفرض شروط مسبقة أو التهديد بالسلاح خلال المفاوضات الجارية مع "قوات سوريا الديمقراطية"، مؤكدًا أن الحوار الوطني يجب أن يجري تحت مظلة السيادة السورية الكاملة، بعيدًا عن أي ضغوط خارجية أو نزعات انفصالية.
وأوضح المصدر في تصريح لقناة الإخبارية السورية أن الحديث عن "الإبقاء على كتلة عسكرية مستقلة" أو "رفض تسليم السلاح" يُعد طرحًا مرفوضًا كليًا، ويتعارض مع مبادئ الدولة السورية وأسس الاتفاق الموقع بين الرئيس أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي في آذار الماضي، والذي ينص على دمج القوات ضمن جيش وطني موحد.
وأكد أن أي كيان مسلح خارج المؤسسة العسكرية لا يمكن اعتباره مشروعًا للدولة، محذرًا من أن الاستمرار في هذا النهج سيقود إلى مزيد من التوتر والانقسام، لا إلى تسوية وطنية شاملة، مضيفًا أن استخدام أحداث مثل ما جرى في السويداء أو الساحل لتبرير التمرد على مؤسسات الدولة هو "محاولة مرفوضة لتشويه الحقائق وتأليب الرأي العام".
وأشار إلى أن الدولة السورية قامت بجهود حقيقية لاحتواء الأزمات في مختلف المناطق، بما فيها السويداء، وواصلت أداء دورها الوطني دون تمييز بين أي مكون، مشددًا على أن الهوية الوطنية لا تُبنى من خلال تشكيلات عسكرية أو شعارات مناطقية، بل بالانتماء إلى دولة موحدة ودستور ومؤسسات سيادية واحدة.
وفيما عبّر المصدر عن استعداد الدولة لمواصلة الحوار مع كل الأطراف تحت سقف الوطن، أكد أن الدعوات إلى "هوية مستقلة" تمثل مشاريع انفصالية مرفوضة، وأن الطريق الوحيد نحو الحل السياسي المستدام هو العودة إلى كنف الدولة السورية وفتح حوار جاد، دون شروط مسبقة أو الارتباط بأجندات خارجية.
لقاء رفيع في باريس لتسريع تنفيذ اتفاق 10 آذار
بالتزامن مع التصريحات الرسمية، كان من المفترض أن تحتضن العاصمة الفرنسية باريس يوم الجمعة المقبل اجتماعًا عالي المستوى يضم وفودًا من الحكومة السورية و"الإدارة الذاتية"، بحضور المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك، ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، لمتابعة تنفيذ اتفاق 10 آذار الهادف إلى دمج "قسد" ومؤسسات الإدارة الذاتية ضمن الدولة السورية.
وأفادت مصادر كردية بتأجيل اللقاء دون الكشف عن الأسباب وموعد آخر، مؤكدة أن ممثلي الإدارة الذاتية لم يصلوا إلى فرنسا بعد، وذلك ردا على سؤاله بشأن احتمال عقد لقاءات مع مسؤولين في فرنسا.
وبحسب مصادر كردية، يترأس وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وفد دمشق، بينما يمثل "قسد" قائدها مظلوم عبدي، إلى جانب إلهام أحمد وفوزة يوسف عن الإدارة الذاتية. ويُنتظر أن يسفر الاجتماع عن إعلان "خطوات متقدمة" نحو التنفيذ العملي للاتفاق، بعد اجتماعين سابقين في عمّان وباريس.
وأكدت المصادر أن التفاهمات تشمل إدارة مشتركة للمعابر، وإعادة تفعيل المؤسسات الحكومية في مناطق الإدارة الذاتية، مع إعطاء أولوية لإعادة المهجّرين، فيما سيُدمج "قسد" في فيلق ضمن وزارة الدفاع، مع احتفاظه بخصوصية انتشار محدودة لكن دون استقلال سياسي أو عسكري.
مهلة دولية وضغوط متزايدة
في المقابل، كشفت مصادر إعلامية أن الولايات المتحدة وتركيا منحتا مهلة لا تتجاوز 30 يومًا لإنهاء عملية الاندماج، ملوّحتين بإجراءات في حال استمر التباطؤ. وتشترط واشنطن وأنقرة نزع السلاح من بعض الوحدات وخضوع القيادة العسكرية بالكامل للدولة السورية.
وسبق أن عُقد أول اجتماع رسمي بين الجانبين في قصر تشرين بدمشق، بحضور وزراء الدفاع والخارجية والداخلية، والمبعوثين الأميركي والفرنسي، وقيادات من الإدارة الذاتية، بينما راقبت وفود تركية مجريات اللقاء من موقع قريب دون مشاركة مباشرة.
نحو تسوية شاملة
وتُعدّ جولة باريس المرتقبة مفصلًا مهمًا في طريق التفاهمات، وسط مناخ إقليمي ودولي يضغط باتجاه حل نهائي يضمن وحدة الأراضي السورية ويُنهي مظاهر الانقسام العسكري. ورغم تعقيد المشهد، يعلّق المراقبون آمالًا على أن تؤدي هذه الخطوة إلى تثبيت مسار سياسي شامل، وإعادة بناء الثقة الوطنية بما يتجاوز آثار الحرب والانقسام.