فرنسا تدرس رفع العقوبات المفروضة على سوريا باستثناء "الأسد وجلادي نظامه"
أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، اليوم الأربعاء 8 كانون الثاني، في تصريح إذاعي، إمكانية رفع بعض العقوبات المفروضة على سوريا "في وقت قريب"، وذلك بعد اتخاذ واشنطن إجراءات لمنح رخصة عامة رقم 24، التي تتيح مجموعة محددة من المعاملات مع المؤسسات الحاكمة في سوريا وبعض المعاملات المتعلقة بالطاقة والتحويلات الشخصية، ضمن إطار زمني ينتهي في 7 يوليو 2025.
أوضح بارو أن العقوبات المفروضة على "الرئيس المخلوع بشار الأسد وجلادي نظامه" ستبقى قائمة، بينما قد تُرفع العقوبات الأخرى التي تعرقل وصول المساعدة الإنسانية وتمنع انتعاش البلاد. وأشار إلى وجود عقوبات إضافية "قيد النقاش" مع الشركاء الأوروبيين، مؤكدًا أنها قد ترفع تدريجيًا تبعًا للتقييمات الأمنية المرتبطة بسوريا.
تأتي هذه التصريحات في وقت تقود فيه ألمانيا محادثات داخل الاتحاد الأوروبي حول تخفيف بعض العقوبات على سوريا، بهدف مساعدة الشعب السوري على تجاوز الأوضاع الاقتصادية المتردية. ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر في الخارجية الألمانية قوله إن بلاده تناقش جديًا سبل تخفيف العقوبات في قطاعات محددة، مع تأكيد الحاجة لإجماع أوروبي على أي قرار من هذا النوع.
زيارة أوروبية إلى دمشق
وكان زار وزير الخارجية الفرنسي ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك دمشق الجمعة الماضية، حيث التقيا "أحمد الشرع" قائد الإدارة السورية الجديدة، ودعا الوزيران إلى إشراك كافة أطياف المجتمع السوري في المرحلة الانتقالية السياسية، مع ضمان تمثيل النساء، وهو ما استجابت له الإدارة السورية بالإعلان عن لجنة حوار وطني تضم عناصر نسائية.
وأعرب بارو عن أمله في "نجاح سوريا"، معتبرًا أن الرهان الحقيقي يكمن في الحوار الوطني المرتقب، الذي أُعلن عنه عقب سقوط النظام السابق في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق والمدن الرئيسية، منهيةً حقبة امتدت 61 عامًا من حكم حزب البعث و53 عامًا من سيطرة عائلة الأسد.
وكانت رحّبت "وزارة الخارجية والمغتربين" السورية، بالإعفاءات والاستثناءات التي أصدرتها الإدارة الأمريكية مؤخراً، والمتعلّقة بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، لافتة إلى أن هذا التطوّر جاء نتيجة سلسلة من الجلسات المكثّفة التي عُقدت في الفترة الماضية، والتي شاركت فيها كوادر سورية متميّزة بذلت جهوداً كبيرة في هذا الصدد.
وأكدت الوزارة أنّ هذه العقوبات باتت تستهدف الشعب السوري مباشرة بعد زوال السبب الذي فُرضت من أجله، وأنّ رفعها بشكل كامل أصبح ضرورياً لدفع عجلة التعافي في سوريا وتحقيق الاستقرار والازدهار فيها.
وكانت أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، ممثلة بمكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، عن إصدار الرخصة العامة رقم 24، التي تتيح مجموعة محددة من المعاملات مع المؤسسات الحاكمة في سوريا وبعض المعاملات المتعلقة بالطاقة والتحويلات الشخصية. يأتي هذا القرار ضمن إطار زمني ينتهي في 7 يوليو 2025.
بموجب الترخيص الجديد، تم السماح بعدة معاملات تهدف إلى تحسين الوضع الإنساني والاقتصادي في سوريا، ومنها التعامل مع المؤسسات الحاكمة في سوريا بعد تاريخ 8 ديسمبر 2024، وذلك كجزء من الجهود المستمرة لدعم التحولات السياسية والاقتصادية في البلاد.
وتم السماح بمعاملات الطاقة، بما في ذلك بيع أو توريد أو تخزين أو التبرع بالنفط ومنتجاته والغاز الطبيعي والكهرباء، سواء كانت موجهة إلى سوريا أو تستخدم داخلها، كما تم السماح بالتحويلات الشخصية غير التجارية، وهي المعاملات الضرورية لتحويل الأموال إلى سوريا، بما في ذلك التحويلات التي تتم عبر البنك المركزي السوري.
واستثنت الرخصة وباتت مسموح بها دفع الضرائب أو الرسوم أو الجمارك إلى المؤسسات الحاكمة في سوريا، او دفع رواتب الموظفين الحكوميين السوريين غير المدرجين في قائمة المواطنين المصنفين بشكل خاص في قائمة (SDN)، وشراء التصاريح أو التراخيص أو الخدمات العامة في سوريا.
وبهذه الرخصة بات أي جهات دولية أو منظمات انسانية أو افراد لها القدرة على دعم سوريا بالطاقة اللازمة وإرسال المساعدات المالية والانساية إلى سوريا بدون تعرضها لأي عقويات أمريكية.
وتضمنت الرخصة قائمة بالأنشطة التي لا تزال محظورة، حيث لم يتم رفع التجميد عن أي ممتلكات محظورة بموجب الفصل الخامس من لوائح CFR، ، ولم يتم السماح بالمعاملات مع الكيانات العسكرية أو الاستخباراتية السورية، أو أي أشخاص يعملون نيابة عنها، وما يزال استيراد النفط أو منتجاته ذات الأصل السوري إلى الولايات المتحدة ممنوعا.
كما لا تسمح الرخيص بالتعامل مع حكومتي روسيا أو إيران أو أي معاملات تتعلق بنقل أو تقديم سلع أو خدمات أو تمويل ذو أصل روسي أو إيراني، وتمنع الرخصة التحويلات المالية لأفراد محظورين ومعاقبين أمريكيا، كما منعت الرخصة الاستثمار الجديد في سوريا، إلا إذا كان يهدف إلى تغطية رواتب موظفي المؤسسات الحاكمة.
وأكدت وزارة الخزانة أن الرخصة لا تعفي الأشخاص أو الكيانات من الالتزام بالقوانين الفيدرالية الأخرى، مثل لوائح الاتجار الدولي بالأسلحة (ITAR) ولوائح إدارة التصدير (EAR) التي تشرف عليها وزارة الخارجية والتجارة الأمريكية على التوالي.
ويُعتبر هذا القرار جزءًا من الجهود الأمريكية لدعم التحولات السياسية في سوريا بعد التغيرات الكبيرة التي شهدتها البلاد منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024، وتهدف الرخصة إلى السماح ببعض التدفقات الإنسانية والاقتصادية مع الحفاظ على ضوابط صارمة لضمان عدم استفادة الكيانات العسكرية أو الاستخباراتية أو الجهات الداعمة للإرهاب من هذه التسهيلات.
وتستند الرخصة إلى مجموعة من القوانين الأمريكية، أبرزها:( 31 CFR الجزء 542: لوائح العقوبات السورية، 31 CFR الجزء 594: لوائح عقوبات الإرهاب العالمي، 31 CFR الجزء 597: لوائح عقوبات المنظمات الإرهابية الأجنبية).
وأشارت الرخصة إلى القيود المفروضة على استيراد النفط السوري بموجب 31 CFR § 542.208، والتعامل مع الممتلكات المحظورة وفقًا للقوانين الفيدرالية.
وصرّحت ليزا بالوكّوني، المديرة بالإنابة لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية، أن الرخصة الجديدة تأتي في إطار التزام الولايات المتحدة بدعم التحولات السياسية والاقتصادية في سوريا مع الحفاظ على الضوابط التي تمنع استفادة الجهات الإرهابية أو العسكرية من التسهيلات المقدمة.
يأتي هذا القرار في وقت تشهد فيه سوريا تحولات سياسية كبيرة، وتسعى الإدارة الأمريكية لتعزيز الاستقرار الإقليمي من خلال تشجيع الحوكمة الرشيدة في سوريا، مع الحفاظ على الضغط على الجهات الفاعلة التي تعرقل السلام والاستقرار.