صحيفة بريطانية: العقوبات الغربية تهدد فرص استقرار سوريا بعد سقوط الأسد
صحيفة بريطانية: العقوبات الغربية تهدد فرص استقرار سوريا بعد سقوط الأسد
● أخبار سورية ٩ فبراير ٢٠٢٥

صحيفة بريطانية: العقوبات الغربية تهدد فرص استقرار سوريا بعد سقوط الأسد

في مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، تناول الكاتب سيمون تيسدال الأوضاع في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، محذرًا من أن الصراعات الإقليمية والمنافسات الدولية قد تهدد فرص التغيير التي أتاحتها الثورة.

وأكد أن العقوبات الغربية المفروضة منذ عهد الأسد تشكل العائق الأكبر أمام تعافي سوريا، داعيًا الحكومات الغربية إلى التوقف عن المماطلة ورفع العقوبات فورًا لدعم عملية الاستقرار وإعادة الإعمار.

انسحاب أمريكي محتمل وتأثيره على سوريا

كشف تيسدال عن خطط لم يعلن عنها سابقًا من قبل البنتاغون لسحب 2000 جندي أمريكي من سوريا، وسط تراجع اهتمام إدارة دونالد ترامب بالملف السوري. حاليًا، تدعم القوات الأمريكية قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مواجهة بقايا تنظيم داعش، الذي لا يزال يحتفظ بحوالي 9000 مقاتل محتجزين في سجون بشمال سوريا.

ويرى الكاتب أن الانسحاب الأمريكي قد يفتح الباب أمام فوضى جديدة، بما في ذلك هروب عناصر داعش وإعادة تهديد أوروبا والغرب بهجمات إرهابية.

التنافس الإقليمي على النفوذ في سوريا

على عكس الموقف الأمريكي المتردد، تسعى دول مثل تركيا والسعودية ودول الخليج إلى تعزيز وجودها في سوريا، بينما تحاول إسرائيل ترسيخ احتلالها للجولان واستغلال الفوضى لتدمير أي قوة عسكرية قد تهددها مستقبلًا. أما أوروبا، فتريد سوريا مستقرة وديمقراطية يمكن للاجئين العودة إليها بأمان.

في خضم هذا المشهد، يجد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع نفسه في موقف حرج، حيث يواجه ضغوطًا من كافة الأطراف الدولية. فقد التقى الشرع مؤخرًا بكل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، مؤكدًا أن أولوياته تتمثل في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، دمج الفصائل في جيش وطني، تشكيل حكومة منتخبة، وإعادة إعمار سوريا بعد 13 عامًا من الحرب.

الدور التركي وإشكالية الملف الكردي

يرى تيسدال أن أردوغان لديه أجندة خاصة في سوريا، فهو يريد إعادة 3 ملايين لاجئ سوري من تركيا، والاستفادة من عقود إعادة الإعمار، لكنه يضع على رأس أولوياته القضاء على ملشيات قسد في شمال سوريا.

ولذلك، فإن دعمه لدمج مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الجيش السوري الجديد يخدم مصالحه، إذ إنه لا يميز بين قسد وحزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي يخوض تمردًا في تركيا منذ الثمانينات. يرى تيسدال أن أردوغان يدّعي  أن تركيا يمكنها قيادة الحرب على داعش بدلاً من الولايات المتحدة، وهو ما يروق لترامب، لكنه طرح مشكوك فيه.

لكن الأكراد السوريين ليسوا مستعدين للتنازل عن استقلالهم الذاتي بسهولة، ويرفضون الاندماج في جيش يقوده الشرع، خاصة وأنهم خاضوا معارك ضده سابقًا. ويضيف تيسدال أن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان قد يكون مستعدًا لإعلان استسلامه، مما يضع الأكراد أمام مفترق طرق جديد، قد ينتهي بصدام مزدوج مع دمشق وأنقرة.

إسرائيل وإيران وروسيا.. سباق النفوذ في سوريا

استغلت إسرائيل الفوضى في سوريا لتكثيف هجماتها على الجيش السوري، وتثبيت احتلالها لهضبة الجولان، متجاهلة دعوات الشرع إلى التعايش السلمي. وتظل إسرائيل متشككة في نوايا الشرع، خاصة بسبب علاقته مع أردوغان، الداعم لحركة حماس.

في المقابل، لا تزال إيران وروسيا تسعيان لاستعادة موطئ قدم في سوريا. فبعد هزيمتهما في ديسمبر، تحاول طهران إعادة بناء نفوذها عبر الميليشيات السرية، بينما تواصل موسكو المفاوضات مع الشرع للاحتفاظ بقاعدتيها العسكريتين في سوريا. وخلال لقاء جمع الطرفين الشهر الماضي، طالب الشرع موسكو بإعادة بشار الأسد إلى سوريا لمحاسبته، لكنه في الوقت ذاته لم يغلق باب التعاون مع روسيا، مفضلًا إبقاء العلاقة متوازنة.

العقوبات الغربية.. العائق الأكبر أمام تعافي سوريا

وسط كل هذه التحديات، تبقى العقوبات الغربية المفروضة منذ عهد الأسد العائق الأبرز أمام إعادة إعمار سوريا. وعلى الرغم من حاجة البلاد إلى مليارات الدولارات لإعادة الإعمار، لا تزال العقوبات الأمريكية والأوروبية تمنع تدفق المساعدات المالية والتجارية.

يرى تيسدال أن الغرب يجب أن يتوقف عن حساباته الضيقة، وأن يبدأ بإلغاء العقوبات وفتح قنوات الدعم الاقتصادي لسوريا، بالتنسيق مع الدول العربية والشركاء الإقليميين. فالفرصة الآن سانحة لتحويل نجاح الثورة السورية إلى قصة نجاح دائمة، وإنشاء دولة ديمقراطية مستقرة تخدم المصالح الغربية وتعزز الأمن الإقليمي.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ