
سوق العمل السوري: مأساة شباب بين مطارق الاستغلال وسندان الحاجة
يعاني الشباب السوري، سواءً الذكور أو الإناث، لاستغلال واضح الشكل في سوق العمل من قِبَل أربابه، وذلك نتيجة الظروف الصعبة التي خلَّفتها الحرب في سوريا، المتمثلة بـ الفقر، والنزوح، إلى جانب سوء الوضع المعيشي والاقتصادي، وغيرها من تداعيات النزاع القاسي.
واضطر الشباب إلى تحمل الاستغلال، أمام الواقع المعيشي القاسي خاصة مع ندرة فرص العمل، وانتشار البطالة، إلى جانب فقدان المعيل، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والدوائية. بالإضافة إلى تدهور قيمة العملة السورية وتراجع مستوى الدخل مقارنةً بالاحتياجات اليومية، مما جعلهم يقبلون بأعمال شاقة بأجور زهيدة، دون أي ضمانات لحقوقهم.
تحمُّل الشباب لأعباء إضافية
لم تقتصر معاناة الشباب السوري على توفير احتياجاتهم الشخصية فحسب، بل أصبح الكثيرون منهم مسؤولين عن إعالة أسرهم بالكامل، خاصةً بعد أن تسببت الحرب في تدمير حياة آلاف الأسر وفقدانها لمصادر دخلها الأساسية. فأصبح الشاب أو الشابة، المعيل الوحيد لأسرهم، مما جعلهم فريسة سهلة للاستغلال في سوق العمل.
أشكال الاستغلال وصمت المُستغلين
يواجه الشباب العامل في سوريا العديد من أشكال الاستغلال، منها: ساعات عمل طويلة مقابل أجور زهيدة لا تتناسب مع الجهد المبذول، إلى جانب لتأخير في صرف المستحقات، أو اقتطاع جزء منها دون مبرر منطقي، بالإضافة إلى تكليفهم بمهام إضافية، خارج نطاق عملهم الأساسي دون مقابل. وبعض الحالات عانت من الحرمان من الإجازات أو التعويضات في حالات المرض أو الإصابة. وبالرغم من تلك المعاناة، اضطر معظم الشباب إلى العمل بصمت خوفاً من فقدان مصدر رزقهم.
تختلف ظروف الشباب السوريين العاملين، لكنهم يتشاركون في المعاناة نفسها، ففي سوق العمل تجد الطالب الجامعي الذي يعمل بأقصى طاقته لتأمين نفقات دراسته، وآخر فقد والده وأصبح المسؤول الوحيد عن إخوته، والشابة التي تريد الاعتماد على نفسها دون أن تُحمل عائلتها أعباء نفقاتها في ظل الأوضاع المعيشية القاسية، إلى جانب الأرملة التي أصبحت مضطرة للعمل لتربية أطفالها بعد فقدان زوجها، وغيرها من الحالات الممكنة، وتتنوع المهن بين العمل في المحلات التجارية، المطاعم، الخياطة، والعديد من الأعمال اليومية الشاقة.
يقترح ناشطون حلولاً للحد من استغلال الشباب في سوق العمل، مثل: تفعيل قوانين تحمي حقوق العمال وفرض عقوبات على أرباب العمل المستغلين، وتقديم دعم مالي وتعليمي للشباب لتمكينهم من الحصول على فرص عمل لائقة. إلى جانب التوعية بحقوق العمال من خلال حملات إعلامية وبرامج تدريبية، وأكدوا على ضرورة تشجيع المشاريع الصغيرة التي توفر دخلاً مستقراً للشباب دون استغلال.
يعيش الشباب السوري واقعاً مريراً في سوق العمل، حيث يُستغلون في ظل الظروف الصعبة، مما يهدد مستقبلهم وراحتهم. ولا حل لهذه المعاناة إلا بدعم فرص العمل اللائق وتمكين الشباب من خلال مبادرات تنموية حقيقية. فحماية حقوقهم ليست ترفاً، بل ضرورة لإعادة بناء المجتمع وضمان مستقبل أفضل للجميع.