
سوريا تتصدّر كلمات قادة العالم في الأمم المتحدة مع عودة حضورها الرسمي بقيادة "الشرع"
تحوّل الملف السوري إلى محور بارز في أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ تصدرت سوريا كلمات عدد من الرؤساء العرب والأجانب، بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع الذي يخوض أول مشاركة رسمية بهذا المستوى منذ عقود.
لبنان والعراق: شراكة جديدة مع دمشق
عبّر الرئيس اللبناني جوزيف عون عن سعي بلاده إلى فتح صفحة جديدة مع سوريا تقوم على تجاوز أعباء الماضي والانطلاق نحو اتفاقات تعاون شاملة، مؤكداً أن المفاوضات الجارية مع دمشق برعاية المملكة العربية السعودية تهدف إلى ضمان عودة اللاجئين السوريين بكرامة وأمان وإرساء علاقات مميّزة تتخطى التباسات الماضي.
وفي الاتجاه ذاته، أكد الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد تطلع بغداد إلى تعزيز التعاون مع سوريا وزيادة الشراكة في مكافحة الإرهاب والقطاعات الأخرى، مجدداً التزام العراق بدعم وحدة الأراضي السورية ومنع أي اعتداءات على سيادتها، ومندداً بالغارات الإسرائيلية على سوريا ولبنان وقطر.
ماكرون: مساعدة سوريا بعد حقبة الديكتاتورية
من جانبه شدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن سوريا تخلصت من حقبة الديكتاتورية، داعياً إلى مساعدة الشعب السوري في مرحلة إعادة البناء وضمان احترام حقوق جميع مكونات المجتمع المدني، ومؤكداً أن الاستقرار لن يتحقق لإسرائيل طالما استمرت في حرب دائمة مع جيرانها.
الشيخ تميم: رفض التدخلات وبناء مؤسسات المواطنة
أما أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني فرأى أن سوريا تمر بمرحلة جديدة بعد طي صفحة قاتمة من تاريخها، ودعا المجتمع الدولي إلى استغلال هذه الفرصة لدعم سوريا في مسار إعادة البناء وتعزيز مؤسساتها الوطنية، محذراً من محاولات التدخل الخارجي وخاصة الإسرائيلية الرامية إلى تقسيم البلاد.
أردوغان: دعم سوريا خالية من الإرهاب
بدوره أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستواصل دعمها لسوريا موحدة وآمنة وخالية من الإرهاب، معتبراً أن إسقاط النظام البائد في ديسمبر الماضي فتح صفحة جديدة أمام السوريين، محذراً في الوقت نفسه من التهديدات الإسرائيلية للأمن الإقليمي التي لا تقتصر على غزة بل تمتد إلى سوريا وإيران واليمن ولبنان.
الشرع: عودة سوريا إلى المجتمع الدولي
في موازاة هذه المواقف، يستعد الرئيس أحمد الشرع لإلقاء خطاب مرتقب أمام الجمعية العامة يوم الأربعاء، حيث سيعرض ملامح المرحلة المقبلة وخطة سوريا لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وقد شارك الشرع بالفعل في جلسة مائدة مستديرة مع كبار المستثمرين ضمن قمة «كونكورديا» الخامسة عشرة في نيويورك، وأجرى مقابلة مباشرة مع المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ديفيد بترايوس، كما شارك في جلسة حوارية بمعهد الشرق الأوسط حيث اعتبر زيارته الحالية «عنوان عودة سوريا إلى المجتمع الدولي»، مؤكداً أن نجاح أي اتفاق مع دولة الاحتلال الإسرائيلي يمكن أن يمهّد لاتفاقات أخرى تسهم في تعميم السلام بالمنطقة.
دلالات الحضور
يشكل هذا الحراك الدبلوماسي المكثف حدثاً مفصلياً في السياسة الخارجية السورية، فهو أول حضور رسمي على هذا المستوى منذ مشاركة الرئيس الراحل نور الدين الأتاسي عام 1967، ويعكس رغبة دمشق في الانتقال من مرحلة الحرب والعزلة إلى مرحلة الشراكة والانفتاح واستعادة مكانتها كلاعب محوري في الإقليم.