
روبرت فورد : 3 حقائق تؤكد وهم نجاح اللجنة الدستورية
قال روبرت فورد السفير الأميركي السابق لدى سوريا والجزائر والباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن ما قام به مبعوث الأمم المتحدة الخاص غير بيدرسن من إعلان تشكيل اللجنة الدستورية قد حفظ ماء وجه أمريكا كي تزعم أن هناك عملية سياسية حقيقة في سوريا.
ولاحظ فورد في مقالة نشرت على جريدة الشرق الأوسط أن الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية كان في دمشق وليس في جنيف، مشيرا إلى أن أمريكا مدينة له بالشكر لحفظ ماء وجهها، فبفضل بيدرسن يمكن للأميركيين وللمجتمع الدولي الزعم بوجود عملية سياسية في سوريا.
ونوه فورد أن هناك فرق بين الخيال والواقع، مشيرا إلى 3 حقائق لا يمكن تغييرها في سوريا على الرغم من إعلان تشكيل اللجنة.
وقال فورد أن الحقيقة الأولى والأهم، هي أنه لا سيادة للقانون في سوريا. فقوات الأمن، ولا سيما أجهزة المخابرات الأربعة - المخابرات الجوية، والعسكرية، والعامة والأمن السياسي - تسيطر على البلاد لصالح لأسد فقط، والجميع هناك يتجاهل الدستور.
وضرب فورد أمثلة على ذلك :
حيث أن المادة 22 من الدستور الحالي تعد بأن تحمي الدولة صحة المواطنين وتوفر وسائل العلاج، فقد دمرت الدولة السورية الكثير من المستشفيات، وهو ما تعلم به الأمم المتحدة نفسها.
والمادة 29 من الدستور تقر بأن التعليم حق للمواطن، لكن القوات الجوية السورية قصفت الكثير من المدارس.
وتنص المادة 42 على أن للمواطنين الحق في التعبير عن آرائهم بحرية، لكن جرى إلقاء القبض على عشرات الآلاف ممن يعارضون الحكومة، وحتى أقارب معارضي الحكومة اعتقلوا وأعدموا من دون إجراءات قضائية.
المادة 43 تقر بحرية الصحافة. كيف يمكن أن نفسر إعلان الحكومة في أبريل (نيسان) من هذا العام أن الصحافي علي عثمان، الذي اعتقلته قوات الأمن عام 2012 مات في الحجز عام 2013؟ الإجابة أن قوات الأمن قتلته وقتلت عشرات الآلاف من السجناء الآخرين على الرغم من الوعود في الدستور الحالي.
أما الحقيقة الثانية، يقول فورد هي أن الدولة الأمنية لن تتغير ولن تصلح من نفسها. فحكومة الأسد تسيطر على دمشق وبعض المدن الرئيسية الأخرى في سوريا. والحرب والعقوبات الاقتصادية تدمران الطبقة الوسطى السورية، لكن الحكومة السورية باقية. هل يعتقد أحد حقاً أن بشار وعائلته، أو عائلة رئيس المخابرات، يعانون؟
وذكر فورد الذين لديهم أي أمل في إصلاح الدولة السورية بالاعتقالات التي طالت الأشخاص الذين وقعوا اتفاقات المصالحة في درعا وريف دمشق.
وقال فورد لقد فاز الأسد بثلاثة انتخابات بالفعل وسيخوض الانتخابات مرة أخرى عام 2021، كيف يمكن للأمم المتحدة أو المجتمع الدولي أن يفكروا في أن هذه الدولة الأمنية ستجري انتخابات حرة ونزيهة؟ هل ستتلقى المخابرات الجوية أوامر من مستشار انتخابات الأمم المتحدة الذي ربما لن يتكلم العربية؟ دعونا نكن جادين.
الحقيقة الثالثة التي تمنع لجنة الدستور من تحقيق حل سياسي للأزمة السورية هي عدم وجود ممثلين عن الجزء الشرقي من سوريا تحت سيطرة «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي السوري وقواته الديمقراطية السورية.
وأشار فورد إلى أن الولايات المتحدة لا تستطيع التأثير على تشكيل لجنة الدستور التي تفاوض عليها بيدرسن مع دمشق وأنقرة وموسكو وطهران، فالأميركيون مندهشون لأنهم وجدوا أنفسهم معزولين، حيث اعتقدوا أن «قوات سوريا الديمقراطية» تسيطر على بعض حقول النفط الصغيرة التي سيحضر إليها الأسد وبيدرسن.
ونوه فورد أن الأمريكيون ما زالوا لا يفهمون أن الاقتصاد ليس هو العامل الرئيسي في الحرب من أجل الوجود، حيث يخلقون خطراً أكبر على السلام في سوريا على المدى البعيد، عبر خلق دولة صغيرة في شرق سوريا ترفض الإتفاق مع الأسد، ما يعني في النهاية أنه ستكون هناك حرب بينهما بعد رحيل الأميركيين.
وأشار فورد أن هذه الدولة المصغرة بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي» تزعم أنها جزء من سوريا لكنها ترفض نقل ملايين السوريين اللاجئين إلى أراضيها، ويخشى الحزب من أن يتسبب اللاجئون في تغيير التركيبة السكانية لشرق سوريا.
وذكر فورد حقيقة «حزب الاتحاد الديمقراطي» أنه حزب كردي أكثر منه سوري.
وأكد فورد أن لجنة الدستور لن تحل قضية الهوية ولن تكون قادرة على فرض اللامركزية على حكومة الأسد التي تتمتع بتفوق عسكري على الأرض وتطالب بالمركزية.
وفي نهاية مقالته قال فورد "كل ما يمكننا فعله هو أن نشكر الأمم المتحدة على جهودها الشجاعة، لكن علينا أن نشفق على السوريين الذين عجزت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن مساعدتهم".