صورة
صورة
● أخبار سورية ٦ سبتمبر ٢٠٢٤

حكومة لبنان تفرض "قيود جديدة" وتحرم أطفال اللاجئين السوريين من حقهم في التعليم

اعتبر الحقوقي اللبناني "المحامي محمد صبلوح"، قرار منع أطفال اللاجئين السوريين غير الحائزين على إقامة قانونية من التسجيل في المدارس اللبنانية بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، محذراً من هذه الخطوة وآثارها.

وقال صبلوح، إن "الإجراء لم يسبق له مثيل في أي دولة بالعالم، وهو وصمة عار على جبين لبنان، حيث يُمنع الأطفال من حقهم الأساسي في التعليم المكفول بموجب القانون الدولي واتفاقية حقوق الطفل"، وفق موقع "الحرة".

في السياق، قال رئيس بلدية سن الفيل في لبنان، نبيل كحالة، إن تعميم حظر تسجيل الأطفال السوريين في المدارس إلا إذا كانوا يحملون إقامة قانونية، يأتي تنفيذاً لقرارات وزير الداخلية بسام مولوي ومجلس الوزراء والأمن العام اللبناني. 

وحذر كحالة من أن أي مدرسة تخالف القرار سيتم تبليغ الجهات المعنية عنها، معتبراً أن الإجراء "ليس عنصرياً، بل هو تنفيذ للقوانين اللبنانية وليس لقوانين الأمم المتحدة"، وأوضح أن وثيقة التسجيل لدى الأمم المتحدة غير كافية، ولا بد من توفر إقامة صادرة عن الأمن العام اللبناني لكي يتمكن اللاجئ من استئجار منزل والعمل وإلحاق أطفاله بالمدارس.

وكانت وسعت السلطات اللبنانية حملتها ضد اللاجئين السوريين لتطال أطفالهم، فوفقا لتقرير صدر قبل أيام عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، جاء فيه أن "السلطات المحلية والسياسيون في لبنان يحاولون فرض قيود تمييزية من شأنها أن تؤدي إلى حرمان عشرات آلاف الأطفال اللاجئين السوريين من حقهم في التعليم"، وتتضمن هذه القيود اشتراط حيازة إقامة صالحة كشرط للتسجيل في المدرسة.

وأشار تقرير المنظمة، الذي يحمل عنوان "أوقفوا تسييس تعليم الأطفال اللاجئين في لبنان"، إلى تغريدة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "إكس" في يوليو الماضي، والتي طلب من خلالها من وزير التربية عباس الحلبي، أن يصدر تعميماً "للمدارس كلها على اختلافها، بعدم قبول أي طالب أجنبي سوري أو سواه ليس بحوزته إقامة صالحة وصادرة عن الأمن العام اللبناني".

ومن بين البلديات التي اتخذت هذا الإجراء، بلدية القاع، التي أصدرت في 22 يوليو تعميماً دعت فيه مديري المدارس الرسمية والخاصة والجمعيات التعليمية إلى عدم تسجيل أي تلميذ سوري دون التأكد من حيازته وأهله على إقامة شرعية صادرة عن الأمن العام اللبناني ومسجل في البلدية.

بررت البلدية تعميمها، بأنه يستند إلى "قرارات الحكومة اللبنانية وتوصيات مجلس النواب، إضافة إلى رغبة المجتمع المحلي والأحزاب المؤثرة في القاع"، وادعت أن هذه الإجراءات تهدف إلى "الحد من أعباء وجود النازحين السوريين غير الشرعيين وترحيلهم إلى بلدهم"، وفق موقع "الحرة".


وسبقت بلدية سن الفيل بلدية القاع في إصدار تعميم مشابه، طالبت فيه المدارس الرسمية والخاصة ضمن نطاقها بعدم تسجيل أي تلميذ سوري لا يحمل إقامة شرعية، تحت ذريعة "الحفاظ على حقوق المواطن اللبناني".

تأتي هذه التعميم ضمن سلسلة من الإجراءات التمييزية ضد اللاجئين السوريين التي اتخذتها السلطات المحلية اللبنانية، شملت تقييد قدرتهم على استئجار منازل وفتح محلات تجارية، وإجبارهم على تزويدها ببياناتهم الشخصية، وترحيل من لا يملكون أوراق قانونية من نطاقها.


وتصرّ السلطات اللبنانية على مطالبة اللاجئين السوريين بالحصول على إقامات قانونية، رغم "العقبات البيروقراطية والمعايير الصارمة المفروضة على تجديدها"، ونتيجة لذلك، أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأن "20% فقط من اللاجئين السوريين في لبنان يمتلكون وضع إقامة صالح".

وتشير المنظمة الدولية إلى أن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين علّقت التسجيل الرسمي للاجئين السوريين منذ عام 2015 استجابة لقرارات الحكومة اللبنانية، وبسبب ذلك، "يواجه 80% من أطفال اللاجئين السوريين في لبنان، الذين لم يسجلوا رسمياً ويفتقرون إلى الأوراق الثبوتية، خطر فقدان إمكانية الالتحاق بالمدارس".

أظهرت إحصاءات عام 2023 أن "37% من الأطفال اللاجئين في لبنان على مستوى التعليم الأساسي لا يرتادون المدارس"، وفق ما تقوله المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، "وتعود هذه النسبة المرتفعة إلى عدم قدرة الأسر على تحمل تكاليف النقل والمواد التعليمية، مما يحرم العديد من الأطفال من حقهم في التعليم".

وتشدد المفوضية في حديث لموقع "الحرة" على أن "التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان وضروري لتنمية الأفراد والمجتمعات"، وفي ظل الوضع الصعب الذي يعيشه اللاجئون السوريون في لبنان، توضح المفوضية أن "تسعة من كل عشرة لاجئين يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، مما يدفع العديد من الأطفال لترك مقاعد الدراسة من أجل العمل لإعالة أسرهم".

كذلك يؤكد مكتب منظمة اليونيسف في لبنان لموقع "الحرة" على أن "كل طفل يتمتع بحق أساسي في التعليم، بغض النظر عن جنسيته أو وضعه القانوني"، لافتاً إلى أنه "يوجد في لبنان أكثر من 700 ألف طفل خارج المدارس ولا يتلقون التعليم، وهو رقم لا تستطيع البلاد أن تتحمل ارتفاعه أكثر من ذلك".

الإجراءات التي اتخذتها بعض البلديات بحق أطفال اللاجئين السوريين تمثل وفق ما يقوله صبلوح "دعوة غير مباشرة لدفعهم إلى الشوارع وتهديد مستقبل جيل كامل، كما قد تؤدي هذه السياسات إلى تعميق الأزمة الإنسانية في لبنان، وزيادة معدلات الجريمة والعنف، وتدهور الأوضاع الأمنية."

أما مفوضية شؤون اللاجئين فتشير إلى أن "الأطفال الذين لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس يواجهون مخاطر متزايدة بالانخراط في عمالة الأطفال والتعرض لانتهاكات أخرى"، مؤكدة أنه "رغم التحديات الاقتصادية والمالية، تبذل الأمم المتحدة وشركاؤها قصارى جهدهم لضمان التحاق جميع الأطفال بالمدارس".

كذلك يؤكد مكتب منظمة اليونيسف في لبنان على أن "عواقب عدم التحاق الأطفال بالمدرسة وخيمة. فعندما يُحرمون من التعليم، يصبحون أكثر عرضة للمخاطر مثل الزواج المبكر والاستغلال الجنسي والإساءة وعمل الأطفال".

ويشدد المكتب على التزام المنظمة الكامل إلى جانب شركائها بدعم الخطة الخمسية للتعليم العام في لبنان (2021-2025)، التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم العالي في يناير 2022، "هذه الجهود تهدف إلى ضمان التعليم الإلزامي من الصف الأول حتى التاسع لجميع الأطفال في لبنان، دون تمييز".

ويوضح أن "اليونيسف تتفهم التحديات الاقتصادية الكبيرة والضغوط المالية التي يواجهها لبنان" مؤكداً على أهمية التعاون المستمر مع وزارة التربية والشركاء الآخرين لضمان استمرار التعليم لجميع الأطفال في البلاد.

وكان وزير التربية والتعليم اللبناني، عباس الحلبي، أعلن خلال مقابلة مع صحيفة "لوريان لوجور" في 13 أغسطس 2024، أن الوزارة ملتزمة بالمبدأ الأساسي لـ "اتفاقية حقوق الطفل"، مؤكداً أن جميع الأطفال سيتم تسجيلهم في المدارس اللبنانية، بصرف النظر عن جنسيتهم أو وضعهم القانوني، كما أوردت "هيومن رايتس ووتش".

ومع بدء العام الدراسي الجديد، دعت المنظمة الدولية الجهات المانحة الأجنبية، التي قدمت تمويلاً كبيراً للتعليم في لبنان، إلى الضغط على الحكومة اللبنانية للالتزام بتصريحات الحلبي، كذلك يشير صبلوح إلى أن "لبنان يتلقى مساعدات دولية باسم اللاجئين السوريين وتعليمهم، وبالتالي لا يحق له منع أي طالب من التعليم بحجة تسوية الإقامة".

ويؤكد على ضرورة مساءلة من أصدر هذه التعاميم أمام القضاء اللبناني والمجتمع الدولي، معرباً عن دعمه الكامل لتقرير "هيومن رايتس ووتش" الذي انتقد هذه السياسات، داعياً إلى التوقف الفوري عن هذه الإجراءات، التي وصفها بالعنصرية وغير الإنسانية.

ويشدد على أن "معالجة ملف اللاجئين يجب أن تتم بطرق تحترم كرامة الإنسان وتلتزم بأبسط حقوقه وفق الاتفاقيات الدولية التي وقّع عليها لبنان"، مشيراً إلى أن "الهدف من فرض قيود تعجيزية على اللاجئين هو دفعهم إلى المخاطرة بحياتهم من خلال الهجرة غير الشرعية عبر قوارب الموت بحثاً عن مستقبل أفضل".

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ