فرناندو أرياس
فرناندو أرياس
● أخبار سورية ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤

"حظر الأسلحة الكيميائية" تُشكك بإعلان نظام الأسد حول مخزونه من الأسلحة الكيميائية

عبرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، عن "قلق بالغ" إزاء ثغرات كبيرة تشوب إعلان النظام السوري بشأن مخزونه من الأسلحة الكيميائية، متخوّفة من احتمال وجود كميات كبيرة من المواد الحربية المحظورة. 

وقال المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية "فرناندو أرياس"، للمندوبين في الاجتماع السنوي للمنظمة إنه "على الرغم من العمل المكثّف منذ أكثر من عقد، ما زال من غير الممكن إغلاق ملف الأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية". 

وأضاف أرياس "منذ العام 2014، أبلغت الأمانة العامة (لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية) عن ما مجموعه 26 مسألة عالقة، تم استيفاء سبع منها" في ما يتعلق بمخزونات الأسلحة الكيميائية في سورية. وقال للمندوبين "إن جوهر المسائل الـ19 العالقة يثير قلقاً بالغاً لأنه ينطوي على كميات كبيرة من عناصر أسلحة كيميائية أو ذخائر كيميائية قد تكون غير معلنة أو لم يتم التحقق منها".

وكانت اتهمت الهيئة العالمية التي تتخذ مقراً لها في لاهاي، سابقاً نظام بشار الأسد بمواصلة شن هجمات على المدنيين بأسلحة كيميائية خلال الحرب الوحشية في سورية، وتم تعليق حق دمشق بالتصويت في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عام 2021، في تدبير عقابي غير مسبوق، عقب هجمات بغاز سام على المدنيين عام 2017. وفي العام الماضي حمّلت الهيئة النظام السوري المسؤولية عن هجوم بالكلور وقع عام 2018 وأسفر عن مقتل 43 شخصاً، في تقرير طال انتظاره عن قضية أثارت توترات بين دمشق والغرب.


وسبق أن قال "أديجي إيبو" نائب الممثل الأعلى لمكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، في كلمة له بجلسة عقدت في مجلس الأمن الدولي، إن حكومة نظام الأسد لم تقدم معلومات كافية ودقيقة حول برنامج الأسلحة الكيميائية.

ولفت إيبو، في الجلسة التي خصصت لمناقشة برنامج الأسلحة الكيميائية السوري، إلى أن الجولة الأخيرة من المحادثات بين وفد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وسوريا عقدت في مايو/ أيار الماضي.

وبين أن وفد المنظمة طلب توضيحاً إضافياً من الإدارة السورية بشأن العينات المأخوذة، وذكر أن الوفد وجد أن سوريا لم تعلن عن بعض أنشطتها، وأن المعلومات المقدمة بعد ذلك غير كافية، ولفت إلى أن "التعاون الكامل" من جانب سوريا أمر لا بد منه، وأنه يوجد حاليًا نحو 19 نشاطًا مختلفًا للأمر ذاته.

وقال إنه "بحسب وفد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فإن الإدارة السورية لا تقدم معلومات كافية ودقيقة حول برنامج الأسلحة الكيميائية"، ودعا إيبو، أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى العمل بشكل موحد، وشدد على أنه يجب على الأعضاء إظهار أنهم لن يقبلوا استخدام الأسلحة الكيميائية.

وسبق أن قال "ستيفان شنيك" المبعوث الألماني الخاص إلى سوريا، إن حكومة النظام في دمشق لا تتعاون في مسألة الكشف والإعلان عن كل أسلحتها الكيماوية، ولم تدمر منشآتها الخاصة بالسلاح، وجاء التصريح بمناسبة الذكرى السنوية الحادية عشرة لكيماوي الغوطتين.

ووثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" ما لا يقل عن 222 هجوماً كيميائياً في سورية منذ أول استخدام للسلاح الكيميائي السوري يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 2012 وحتى 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، كانت 217 منها على يد قوات النظام وخمسة على يد تنظيم "داعش" الإرهابي.


وأشارت الشبكة الحقوقية إلى أن مجمل هجمات النظام بواسطة الأسلحة الكيميائية تسببت بمقتل ما لا يقل عن 1514 شخصاً خنقاً، بينهم 214 طفلاً و262 سيدة، إضافة إلى 12 ألف مصاب. وحاول النظام صرف اهتمام بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، عن هجماته بهذه الأسلحة، باتجاه هجمات "داعش" المفترضة. 

وطالبت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في تقرير لها بمناسبة (الذكرى السنوية الحادية عشرة لهجوم النظام بالأسلحة الكيميائية على غوطتي دمشق)، مجلس الأمن والأمم المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية على النظام السوري كشكل من أشكال التعويض المعنوي لأسر الضحايا، ووفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وأكدت الشبكة، على ضرورة ملاحقة الأفراد الذين نشرت أسماءهم وبياناتهم، والتحقق في مدى تورطهم في استخدام الأسلحة الكيميائية ووضعهم على قوائم العقوبات والإرهاب، مشددة على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين.

ونوهت إلى ضرورة إنشاء محكمة جنائية خاصة لمحاسبة المتورطين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري، بما يساهم في وقف مسار الإفلات من العقاب المستمر منذ أكثر من عقد من الزمن والتحرك على كافة المستويات لردع النظام السوري وقطع كافة أشكال التعاون معه.

وطالبت الشبكة الحقوقية، باتخاذ خطوات استناداً إلى انتهاك النظام السوري لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، للتحرك أمام محكمة العدل الدولية، وذلك على غرار الدعوى التي تقدمت بها مملكة هولندا وكندا أمام محكمة العدل الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.


وأصدرت البعثة تقريراً في 11 يونيو/حزيران الماضي أشارت فيه إلى أن فريقها حقق في هجومين مزعومين أبلغت عنهما حكومة النظام، وطلبت التحقيق فيهما.

قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، إن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، نفت ادعاءات النظام في 5 هجمات كيماوية في سوريا، مجددة مطالبها بعدم استنزاف موارد المنظمة في مزاعم نظام ثبت بشكل قاطع استخدامه المتكرر للأسلحة الكيميائية وقتل شعبه بها.

ولفتت الشبكة إلى صدور تقرير بعثة تقصي الحقائق (FFM) التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والتي تتضمن ولايتها تحديد ما إذا كانت مواد كيميائية سامَّة قد تم استخدامها كأسلحة في سوريا أم لا، ولا تشمل ولايتها تحديد من المسؤول عن تنفيذ أية هجمات مزعومة بأسلحة كيميائية.

والتقرير الصادر يوم الثلاثاء 11/ حزيران/ 2024، حقق في هجومين مزعومين أبلغت عنهما الحكومة التابعة للنظام السوري الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وطلبت منها التحقيق في الحادثتين.

وأبلغت حكومة النظام السوري أنه في 21/ أيلول/ 2017، نفذ تنظيم داعش هجوماً عبر ذخائر تحوي على غازات سامَّة غير معروفة، في 9/ آب/ 2017، قرب قرية قليب الثور شرق مدينة السلمية في ريف حماة؛ مما تسبب في ظهور أعراض اختناق وإغماء على عدد من جنود الجيش التابع للنظام السوري.

أما الادعاء الثاني فكان في 24/ تشرين الثاني/ 2017، وقالت إن هجوماً نفذ باستخدام قذائف هاون تحوي غازات سامة في 8/ تشرين الثاني/ 2017، استهدف موقعاً تابعاً لجيش النظام السوري، في منطقة البليل، في محيط مدينة صوران في محافظة حماة.

وذكرت الشبكة أنَّ بعثة تقصي الحقائق عن الهجومين المزعومين، قامت بزيارات ميدانية إلى مواقع ذات صلة بالحوادث المبلغ عنها، وإجراء مقابلات مع شهود وضحايا الهجومين المزعومين، كما قامت بمراجعة وتحليل الصور وتسجيلات الفيديو والوثائق المقدمة من حكومة النظام السوري، ومراجعة المواد مفتوحة المصدر.

ولفت التقرير إلى أنه وبعد فحص وتحليل جميع المعلومات والوثائق المقدمة من العاملين في المجال الطبي، لا تستطيع بعثة تقصي الحقائق تقديم تقييم سمّي للتعرض المبلغ عنه، وخلص التقرير إلى أن المعلومات التي تم الحصول عليها وتحليلها وفقاً لولاية بعثة تقصي الحقائق لم توفر أسباباً معقولة البعثة تقصي الحقائق لتحديد أن المواد الكيميائية السامة قد استخدمت كسلاح في الحادثنين المبلغ عنهما في ريف حماة في الجمهورية العربية السورية، في قليب الثور في /9/ آب، وفي البليل في 8/ تشرين الثاني من عام 2017.

وأوضحت بعثة تقصي الحقائق في تقريرها أنها واجهت تحديات في تأكيد المعلومات التي تم جمعها حول الحادثة، من بينها أنها لم تجد أي صور أو مقاطع مصورة لمواقع الحوادث المبلغ عنها، كما لم يتم تضمين (في الوثائق والمراسلات المقدمة من الحكومة) أي عمليات تفتيش أو صور أو مقاطع مصورة للذخائر المزعوم استخدامها، ولم يتم جمع أية عينات بيئية، بما في ذلك ملابس الضحايا.

كما لم يتم اجراء فحوصات دم لعينات مأخوذة من المصابين وقت الهجوم، ولم يتم توفير هذه العينات لبعثة تقصي الحقائق. إضافة إلى تعارض بين روايات الشهود والسجلات الطبية فيما يتعلق بإصابات رضحية ناتجة عن الرصاص والشظايا. كما لم يكن هناك وصف دقيق لـ "الغازات السامة" المبلغ عن استخدامها. واستناداً إلى تحليل المعلومات والوثائق لا تستطيع بعثة تقصي الحقائق تقديم تقييم سقي للتعرض المبلغ عنه.

ولفتت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إلى أن بعثة تقصي الحقائق كانت قد أصدرت تقريرين اثنين في 28/ حزيران/ 2023، وفي /22/ شباط 2024 استعرضا نتائج تحقيقات البعثة في هجومين اثنين في خرية المصاصنة في ريف حماة وهجوم واحد في مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق (على الترتيب)، وبإضافة الهجومين اللذين تناولهما التقرير الأخير، الذي يتناوله هذا البيان، يصبح لدينا 5 هجمات مزعومة أبلغت عنهما الحكومة التابعة للنظام السوري الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائي.

وقد خلصت التقارير التي حققت فيها جميعاً إلى أن المعلومات التي تم الحصول عليها وتحليلها وفقاً لولاية بعثة تقصي الحقائق لم توفر أسباباً معقولة للبعثة لتحديد أن المواد الكيميائية السامة قد استخدمت كسلاح في هذه الحوادث المبلغ عنها.

وكانت طالبت الشبكة في بيانين تعقيباً على التقريرين السابقين، فيهما منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعدم إضاعة الوقت والجهد والموارد المحدودة على ادعاءات النظام السوري. ونجدد توصيتنا هذه الآن بعد إصدار التقرير الأخير، الذي ثبت فيه أيضاً خداع النظام السوري وتبديده لجهد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ووقتها ومواردها.

وقد كان فريق التحقيق وتحديد المسؤولية في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والتي تتضمن ولايته تحديد الجهة المسؤولة عن استخدام الأسلحة الكيميائية في الهجمات التي أثبتت بعثة تقصي الحقائق استخدام الأسلحة الكيميائية فيها قد أصدر أربعة تقارير حيث أصدر تقريره الأول في 8/ نيسان/ 2020، والذي خلص إلى أن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيميائية في 3 حوادث مختلفة في مدينة اللطامنة.

ثم أصدر تقريره الثاني في 12 نيسان/ 2021، والذي خلص إلى أن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيميائية في الهجوم على مدينة سراقب في 4/ شباط/ 2018، فيما أصدر تقريره الثالث في 27/ كانون الثاني/ 2023، والذي خلص إلى مسؤولية النظام السوري عن هجوم دوما الكيميائي في 7/ نيسان/ 2018، وأصدر تقريره الرابع في /23 شباط / 2024، والذي خلص إلى تنفيذ تنظيم داعش هجوماً على مدينة مارع في محافظة حلب في /1/ أيلول 2015.

وانضم النظام السوري في 13 سبتمبر/أيلول 2013 إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، وتلى ذلك صدور قرار مجلس الأمن رقم 2118 الخاص بملف السلاح الكيميائي السوري. وجاء إعلان النظام انضمامه للمعاهدة بعد نحو شهر من شنّه فجر 21 أغسطس/آب 2013، عدة هجمات بالأسلحة الكيميائية على مناطق مأهولة بالسكان في الغوطتين الشرقية والغربية في محافظة ريف دمشق.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ