جولة ميدانية في مدارس دمشق.. مشروع دولي لدعم التعليم المهني في سوريا
أعلنت وزارة التربية والتعليم في سوريا عن زيارة وفد مشترك من فريق التعاون الإنمائي السويسري ووكالة التعاون الدولي الألمانية (GIZ)، برفقة مديرة التعليم المهني والتقني في وزارة التربية سوسن الحرستاني، عدداً من مدارس التعليم المهني في دمشق للاطلاع على واقع هذا المسار التعليمي وتحديد الاحتياجات التطويرية.
وشملت الجولة كلاً من ثانوية التجارة الثالثة للبنات (تجاري/نسوي)، وثانوية بسام حمشو المهنية النسوية، والثانوية الصناعية الثانية، حيث اطّلع الوفد على الأقسام النظرية والعملية، ومسارات التعليم المهني الثلاثة الصناعي، التجاري، النسوي.
كما تم التعرف على منتجات الطلاب ومراحل التدريب من التصميم حتى الإنتاج والتسويق، إضافة إلى أبرز التحديات التي تواجه عملية التطوير، ولا سيما ضعف التجهيزات والبنية الكهربائية، بهدف وضع رؤية لتطوير البنية التعليمية ودراسة احتياجات الطلبة في المرحلة المقبلة.
وأوضح فريق وكالة GIZ أن هذه الزيارة تأتي ضمن إطار مشروع ثلاثي مشترك بين الحكومة الألمانية والحكومة السويسرية والاتحاد الأوروبي لدعم التعليم المهني والتقني في سوريا، وبناء القدرات اللازمة لتطوير استراتيجيات التعليم بما ينسجم مع متطلبات سوق العمل، وبالتعاون مع وزارة التربية السورية.
وأكد "لارس بوتشلر"، مستشار التعليم الإقليمي السويسري، أهمية تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير نظام التعليم المهني المزدوج ورفع جودته، عبر توحيد معايير التدريب وتنمية المهارات. من جانبها، أشارت الحرستاني إلى أن هذه الزيارات تهدف إلى تقييم واقع التعليم المهني ووضع خطة مستقبلية للنهوض به، مشددة على دوره الأساسي في دعم إعادة الإعمار ومواكبة التطورات التقنية.
كما أشار "مايكل فار"، مسؤول برنامج التعليم والاقتصاد في الحكومة السويسرية، إلى أهمية تشكيل لجنة توجيهية من قبل وزارة التربية لدراسة الاحتياجات وتلبيتها، والتركيز على الجوهر الأساسي للتعليم المهني، إضافة إلى دعم آليات دمج بيانات سوق العمل وتشجيع مشاركة الشركات ضمن نظام التعليم المزدوج.
وأعلنت وزارة التربية السورية يوم الاثنين 27 تشرين الأول/ أكتوبر، عن إطلاق مشروعاً وطنياً متكاملاً لتحويل التعليم المهني إلى قوة إنتاجية رديفة للاقتصاد الوطني، من خلال تصنيع المقاعد المدرسية ضمن ورش التعليم المهني في مختلف المحافظات.
وذكرت الوزارة أن تصنيع المقاعد المدرسية بمشاركة الطلاب والمعلمين بشكل مباشر، في خطوة تعكس توجهاً استراتيجياً لربط التعليم بسوق العمل وتطوير المهارات العملية لدى الطلبة بما يؤهلهم لدخول ميدان الإنتاج بثقة وكفاءة.
ونوهت أن المشروع، الذي بدأت مرحلته الأولى بإنتاج المقاعد وتسليمها للمدارس وفق احتياجات كل محافظة، يشكل تحولاً نوعياً في دور المدارس المهنية، إذ تعمل الوزارة على تحويلها إلى مراكز إنتاجية حقيقية تسهم في دعم القطاع التربوي، وتؤسس لبيئة تعليمية حديثة تعتمد على الكفاءة والعمل.
وأشارت مديرة التعليم المهني في وزارة التربية الأستاذة "سوسن حرستاني"، إلى أن الخطوة تسهم في تحسين ظروف التعلم داخل الصفوف وتخفيف الأعباء عن المدارس التي تعاني من نقص في التجهيزات.
في دمشق، نفذت ورش التعليم الصناعي المشروع بإشراف مباشر من مدرسي الحرف والتدريب العملي، حيث أنتج الطلاب عدداً كبيراً من المقاعد التي جرى توزيعها على المدارس المحتاجة، ما ساعد في تحسين البيئة الصفية وتقليل الاعتماد على القطاع الخاص.
وفي محافظة حماة، تمكن الطلاب والمعلمون، بالتعاون مع المجتمع المحلي، من تصنيع أكثر من خمسةٍ وعشرين ألف مقعد مدرسي جرى توزيعها على المدارس في مناطق الغاب وشمالي صوران والحمرا، الأمر الذي ساهم في رفع الجاهزية التربوية في المناطق التي شهدت عودة السكان مؤخراً.
أما في حمص، فقد بدأ العمل على المشروع منذ نحو خمسة أشهر، حيث انخرط طلاب التعليم المهني في عملية التصنيع بشكل مباشر، ما وفر فرص تدريب عملي متقدم، وساعد في سد النقص في المقاعد بالمدارس الحكومية.
وفي محافظة درعا، تواصل المعاهد الصناعية العمل بوتيرة مرتفعة لتلبية الطلب الكبير على المقاعد المدرسية، مع الالتزام بمعايير الجودة التي وضعتها الوزارة لضمان متانة المنتج واستدامته.
وفي ريف دمشق، شرعت الوزارة بتنفيذ خطة لإنتاج أكثر من عشرة آلاف مقعد مدرسي ضمن الثانويات الصناعية، بالتعاون مع المجتمع المحلي، بهدف تحسين بيئة التعلم في المناطق الريفية ومواجهة الزيادة في عدد الطلاب.
كما شهدت إدلب مبادرة بارزة من المدرسة الصناعية في معرة مصرين، حيث شارك الطلاب والمعلمون في تصنيع المقاعد ضمن ورش مجهزة، ما عزز لديهم روح العمل والإنتاج وأكد أهمية التعليم المهني كرافعة للمجتمع لا مجرد مسار تعليمي نظري.
هذا وتؤكد وزارة التربية أن المشروع يشكل نموذجاً عملياً لدمج التعليم بالإنتاج وتحويل المدارس المهنية إلى بنية اقتصادية مساندة للقطاع التربوي، مشيرةً إلى أن ما تم تحقيقه خلال الأشهر الماضية يعكس نجاح هذه التجربة على المستوى الوطني، ليس فقط في سد النقص في التجهيزات، وإنما في بناء جيل مؤهل علمياً ومهنياً، قادر على خدمة المجتمع والمساهمة في التنمية الوطنية.