تقودها مافيات منظمة ... عمليات احتيال ونصب تلاحق "العرب" في اسطنبول وهذه تفاصيل إحداها
تتنوع الأساليب التي تتبعها مافيات الاحتيال، في كل دول العالم، تقودها عصابات أو أفراد منظمة ومدربة، تلاحق ضحيتها لاسيما من الجنسيات الأجنبية في البلدات التي تستهدفها، مستغلة ضعف وعيهم ومعرفتهم بالقوانين في تلك البلدان، لاسيما تركيا التي يكثر فيها تواجد الجنسيات العربية، مع كثرة الأخبار والقصص عن عمليات نصب منظمة طالت سوريين وعرب وجنسيات أخرى.
إحدى هذه الحوادث، حصلت مع الشاب "ح، ن"، الذي تحدث لشبكة "شام" عن تفاصيل عملية احتيال تعرض لها في مدينة اسطنبول التركية، بعد اتصال مفاجئ من رقم تركي تلقاه، عرفت الجهة المتصلة أنها من قسم الشرطة في محلته التي يعيش بها، وقامت بتعريفه عن اسمه وتفاصيل عمله، كي لاتترك له مجال للشك في أن الجهة المتصلة تندرج في عملية نصب منظمة، تبين لاحقاً أن العصابة حصلت على رقمه من إعلان نشره على مواقع التواصل يوضح عمله وتفاصيل التواصل معه وموقع مكتبه والخدمات التي يؤديها.
وأضاف الشاب، أن الجهة المتصلة تكلمت معه باللغة التركية، وطلبت منه البقاء في مكانه ضمن مكتبه الذي يعمل فيه، وأوهمته بأن لديها كامل معلوماته الأمنية، لتعلمه أنه في موضع شك في التعامل مع خلية تنتمي لتنظيم داعش، يتم ملاحقتها في اسطنبول، وأن عليه التعاون أو أنه سيعرض نفسه للمسؤولية، كون تلك الخلية استخدمت خط هاتف مسجل على اسمه وبطاقته المؤقتة.
وقال الشاب لشبكة "شام"، إن المعلومات التي قدمت له توضح اسمه وعمله ومكان عمله، وأن الحديث عن التورط في خلية لداعش ونقل أموال، جعله لايفكر في مدى صدقيتهم، مع محاولته المتكررة السؤال عن هويتهم والقسم الذي يتبعون له، وكانت تأتيه الإجابات بشكل مدروس، وسط صخيب القبضات اللاسلكية في المكان وحديث أشخاص أخرين توهم الضحية أن المتصل فعلياً داخل أحد أقسام الشرطة.
وأوضح الشاب، أن المتصلين، طلبوا منه التعاون لإثبات براءته من ملكية الخط المسجل باسمه، وطلبوا منه وصلهم بشخص يثق به لكفالته وليكون على معرفة في حال تم طلبه لمراجعتهم في القسم، فاضطر لإعطائهم رقم أخيه المقيم في اسطنبول والحاصل على الجنسية التركية، كشخص موثوق له، وليكون على دراية بما قد يجري له.
وبين الشاب لشبكة "شام" أن المتصلين طلبوا منع عدم إغلاق الخط والبقاء على اتصال مباشر معهم لأكثر من ساعة من الحديث المتواصل والمعلومات التي عملوا على تبادلها مع شقيقه الذي كان قد أعلمه أن البوليس سيتواصل معه ليرد عليهم، فلم يترك لشقيقه أدنى شك في أن الجهة المتصلة قد تكون فخاً ورائها عملية نصب منظمة.
وخلال اتصال أجرته "شام" مع شقيق الشاب الأول، قال إن شقيقه أبلغه عبر برامج "واتساب" أنه سيتلقى اتصالاً من الشرطة وعليه الرد عليهم لقضية تتعلق فيه، موضحاً أنه خلال أقل من دقيقة وصله اتصال من شخص يتكلم التركية باسم البوليس التركي، وطلب منه التعاون، ليطلب الأخ مترجماً بسبب ضعفه في اللغة التركية، حيث تم إحضار مترجم على الفور بلهجة عراقية.
وأضاف الأخ، أنه تلقى معلومات دقيقة عن اسمه ومكان سكنه ومعلومات أخرى لم تترك لديه شك أن المتصلين لايعرفونه فعلياً وأنهم من جهاز الاستخبارات، وأنهم أبلغوه أن شقيقه متورط بخلية لتنظيم داعش، ويتطلب الأمر التعاون لخدمة الدولة ولتبرئة شقيقه في حال لم يكن على دراية بخط الهاتف المسجل على هويته.
وأوضح أن المتصلين، طلبوا منه وقف التواصل مع أي جهة أخرى، وأوهموه أن هناك عملية لمداهمة الخلية تتم ويحتاج الأمر لـ 40 دقيقة لإنجازها، وعليه البقاء في المنزل مع عائلته، دون أن يعلم أحداً بأي شيئ عن العلمية، مع تحميله كامل المسؤولية في حال أخبر أحداً قد تتسبب في إفشال العملية وفق تعبيرهم.
وقال الشاب الأخ، إنه طلب منهم التعريف عن شخصياتهم، وموقع مركزهم، وأنه تلقى المعلومات التي يريد إضافة لمعلومات أخرى عن عائلته وسكنه وعمله، - تبين لاحقاً أنهم يحصلون من المعلومات من الأخ الأول ويتم تلقينها للأخ الثاني والعكس أيضا - لدى استفسارهم عن عمل ووضع كل شخص، دون إعطائهم المجال للتواصل مع بعضهم كونهم يرفضون إغلاق الاتصال مع الشخصين في ذات الوقت.
وقال الأخ لشبكة "شام" إنهم طلبوا معلومات عن الأموال الموجودة في المنزل وبأي عملات، وعم حجم المضاغ الذهبي في المنزل، من باب أن أي كشف على المنزل قد يتم من قبل جهاز الأمن لاحقاً والعثور على مبالغ كبيرة أو مصاغ غير المصرح به سيكون تأكيداً على تورطهم في نقل أموال لصالح خلية داعش.
ونوه المصدر في حديثه، إلى أن العصابة، لم تترك له مجالاً للشك في أن الأمر لعبة واحتيال، حتى أن الأخ الضحية قال إنه توجه على الفور لأقرب مركز شرطة في محلته بمدينة إسطنبول، وهم يواصلون الحديث معه، وأنه قام بإعلامهم أنه وصل لمخفر شرطة وطلب منهم الحديث مع عنصر الشرطة في المركز، وبالفعل استجابوا له بشكل طبيعي وتكلموا مع العنصر وأبلغوه أن الأمر يتعلق بالتعامل مع قضية أمنية خطيرة وعلى الشخص التوجه لمركز الشرطة الرئيسي في المنطقة.
وذكر الشاب، أن غايتهم كانت كسب المزيد من الوقت، والحصول على معلومات إضافية، لنقلها لأخيه لكي يثق بهم أكثر، من خلال مايتم استدراج الأول من معلومات، يتم نقلها للأخ الثاني على أنهم يملكون المعلومات وأنهم فعلاً جهة رسمية تركية، مع أصوات لاسلكي للشرطة وضجيج أنهم ضمن غرفة علميات حقيقية.
وقال الأخ الأكبر، إن "مادفعني لتصديقهم والتعاون معهم، أن أخي من أبلغني أن الشرطة ستتواصل معي أولاً، والثانية المعلومات التي أعطوني هي وكلها حقيقة، وفكرة أن يكون فعلاً هناك من استخدم هوية شقيقي لاستخراج رقم واستخدامه في عمل مخالف للقانون وهو شائع، ورسالة أخي التي قال لي فيها إنه في مركز الشرطة حين الوصول لهم، اعتقدت أنه فعلاً لدى الجهة المتصلة ولم يخطر ببالي شيئ آخر".
وذكر الأخ أن الجهات المتصلة "لم تترك لي ولشقيقي لأكثر من ساعة من الوقت، أي دقيقة للتواصل مع بعضنا البعض، لأنها تشغل بالاتصال كلا الخطين وترفض أن نغلق الخط أو حتى أن نجعله بوضع الصامت، ولم تتوضح نواياهم أبداً في البداية إلا أنهم يريدون البقاء معنا على اتصال فقط وآلا نغادر مواقعنا لحين انتهاء المداهمة، ليتم بعدها استدعائنا للمركز للإدلاء بإفادتنا".
وختم الأخ الأكبر حديثه لشبكة "شام" بالإشارة إلى أن النقطة الأخيرة التي طلبت منه أن يغادر منزله ويتوجه لمركز شرطة رئيسي في منطقة الفاتح ليلتحق بشقيقه، وليدلي بإفادته، وأن يترك زوجته وحدها في المنزل، دون إبلاغ أي من ذويها أو معارفهم بأي أمر يتعلق في مايجري، ليستدرك الحديث بأنه رفض الأمر رفضاً قاطعاً وقال لهم إنه لن يغادر المنزل ولن يترك زوجته وحدها مهما كانت القضية ويغلق الاتصال معهم، في الوقت الذي كان شقيقه الأول قد وصل لمركز شرطة رئيسي وعلم أن المتصلين لاينتمون للشرطة أو أي جهة رسمية.
وعلمت "شام" أن قسم الشرطة رفض تسجيل أي ضبط في القصة على اعتبار أنها لم تسبب لهم بأي أذى أو سرقة، متحدثين عن عشرات العمليات التي تصلهم أخبارها في هذا السياق، تقودها مافيات منظمة تتقن فن التعامل في مثل هذا العمليات التي لاتترك مجالاً للشك بأن هناك مكيدة ما، حتى أن عنصر الشرطة الذي تمت مراجعته في القسم الأول لم يشك في الأمر وحتى أن العصابة لم تتردد في الحديث مع الشرطي دون خوف.
طالب الشابان وهما من جنسية سورية، جميع الأجانب في تركيا ولاسيما مدينة اسطنبول، بتوخي الحذر وعدم الوقوع في الفخ الذي تنصبه تلك العصابات، وعدم إعطاء أي معلومة شخصية أو تفاصيل حساب بنكي أو أي تفاصيل عن إقامتهم وممتلكاتهم وعناوين إقامتهم لأي جهة كانت عبر الاتصال، واللجوء لأقرب جهة أمنية في حال تعرضهم لمثل هذه الحوادث، مؤكدين على أن نشر هذه التفاصيل قد تكون ذات فائدة لتنبيه غيرهم ممن قد يتعرضون لمثل هذا العملية المنظمة للاحتيال.