
تقرير شام الاقتصادي | 28 آب 2025
سجّل سعر صرف الليرة السورية تراجعاً جديداً أمام الدولار الأمريكي خلال إغلاق الأسبوع اليوم الخميس 28 آب، حيث بلغ في دمشق وحلب وإدلب 10,850 ليرة للشراء و10,900 ليرة للمبيع، فيما وصل في الحسكة إلى 11,050 ليرة للشراء و11,100 ليرة للمبيع.
وجاء هذا التراجع بنسبة 0.37% في دمشق وحلب وإدلب، وبنسبة 0.23% في الحسكة مقارنة مع إغلاق الأمس، ما يعكس استمرار التغيرات وتحركات سوق الصرف على الليرة في مختلف المناطق.
ويأتي انخفاض العملة المحلية خلال تعاملات اليوم في ظل تقلبات مستمرة منذ رفع العقوبات مؤخراً، حيث تراوحت الأسعار بين الاستقرار النسبي والهبوط المتكرر خلال الأسابيع الماضية.
ومن المتوقع أن تواصل الأسواق حالة التذبذب خلال الأيام المقبلة بانتظار استقرار التدفقات المالية ووضوح السياسات الاقتصادية الجديدة.
وأصدر معاون الأمين العام لرئاسة الجمهورية لشؤون مجلس الوزراء علي كده، تعميماً يقضي بعودة جميع الموظفين إلى عملهم اعتباراً من الأول من أيلول 2025، وإنهاء الإجازات المأجورة الممنوحة سابقاً.
وطلب التعميم من الجهات العامة الالتزام بعدم الإعلان عن مسابقات للتعيين أو التعاقد أو التوظيف إلا في حالات الضرورة القصوى، وبموجب مذكرة تبريرية تثبت عدم توفر الكادر المطلوب ضمن الملاك العددي وبالتنسيق مع وزارة التنمية الإدارية.
كما شدد على عدم رفع طلبات تمديد الخدمة لمن بلغ سن التقاعد أو تجديد العقود المؤقتة إلا في حال الحاجة الماسة وبموافقة الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية.
ونص التعميم على منع إعادة العاملين المصروفين أو المستقيلين إلا إذا كان سبب إنهاء الخدمة يعود لدواعٍ أمنية في عهد النظام البائد و أكد على فرض العقوبات المسلكية وفق القانون الأساسي للعاملين في الدولة، وتطبيق المادة 25 التي تنص على تسريح العامل في حال عدم رفع تقييمه الوظيفي مرتين متتاليتين أو ثلاث مرات خلال سنوات خدمته.
بالمقابل تشهد الساحة الاقتصادية السورية في الآونة الأخيرة زخماً واضحاً مع الإعلان عن سلسلة من المشاريع والخطط التي تغطي قطاعات الصناعة والطاقة والسياحة والمصارف، إضافة إلى خطوات حكومية تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية وتعزيز الشفافية المالية.
فقد كشف مدير المدن والمناطق الصناعية، "مؤيد البنا"، عن خطة لإقامة أربع مدن صناعية خلال الأشهر الستة المقبلة، سيتم اختيار مواقعها في مناطق غنية بالمواد الخام، مع تركيز خاص على الصناعات الحيوية مثل الأدوية والطاقة المتجددة.
ويأتي المشروع في إطار السعي لتحقيق تنمية متوازنة بين المحافظات المتضررة وتوزيع الاستثمارات بشكل عادل، حيث جرى الإعلان عن تأسيس 936 معملاً جديداً لدعم القاعدة الإنتاجية.
وفي دمشق، أثارت تقارير غرفة الزراعة جدلاً حول الأرباح الكبيرة لمحال المأكولات الجاهزة، حيث أوضح عضو لجنة تربية الدواجن مازن مارديني أن بعض هذه المحلات تحقق أرباحاً تصل إلى 200 بالمئة، في ظل تفاوت واضح في الأسعار بين الأحياء الشعبية والمناطق الراقية، حيث يباع الفروج المشوي بنحو 65 ألف ليرة في باب مصلى بينما يتجاوز 110 آلاف في حي القصور.
على صعيد آخر، أعلنت وزارة السياحة عن إطلاق عشرة مشاريع كبرى خلال شهر واحد، من أبرزها مشروع "غاليري الحجاز دمشق" قرب محطة الحجاز التاريخية بمساحة تفوق 45 ألف متر مربع، يتضمن فندقاً يضم 181 غرفة و17 جناحاً وجناحاً رئاسياً إضافة إلى قاعة مؤتمرات، في خطوة تعكس التوجه نحو تعزيز الاستثمارات السياحية في العاصمة والمدن الأخرى.
وفي سياق متصل، شهدت الدورة الثانية والستون لمعرض دمشق الدولي مشاركة سعودية واسعة، حيث أكد مساعد وزير الاستثمار السعودي عبد الله الدبيخي أن بلاده حريصة على تعزيز التعاون مع سوريا، مشيراً إلى أن الشعار الذي رفعه الجناح السعودي "نشبه بعضنا" يعكس عمق الروابط بين الشعبين.
وأما في ملف الطاقة، فقد التقى وزير النفط والثروة المعدنية "محمد البشير"، مع مدير شركة "غولف ساندز" البريطانية لبحث إعادة تأهيل حقول النفط المتوقفة وتعزيز الشراكات الدولية، حيث أبدت الشركة استعدادها للمساهمة في برامج الإنتاج والتطوير، ما يعكس توجهاً رسمياً لإحياء قطاع النفط السوري.
كما وقعت المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء اتفاقية مع الشركة السورية التركية للطاقة الكهربائية STE لشراء 100 ميغاواط من الكهرباء الشمسية من مشروع كهرضوئي في محافظة حماة، على أن يتم ربطه على الشبكة الوطنية خلال 12 شهراً.
في مجال الصادرات، انطلقت من مرفأ طرطوس باخرة محملة بنحو سبعة آلاف رأس من الأغنام باتجاه المملكة العربية السعودية، بإشراف صحي وبيطري كامل، في مؤشر على عودة الحيوية إلى قطاع الثروة الحيوانية والقدرة التصديرية.
وأعلن مصرف سوريا المركزي عن إصدار عملة جديدة تتضمن حذف صفرين من الليرة، في خطوة تهدف إلى إصلاح النظام النقدي وتعزيز الثقة بالعملة الوطنية. وقد انقسمت آراء الخبراء بين من اعتبر القرار فرصة لضبط الكتلة النقدية وتحسين آليات الدفع، ومن رأى أن التوقيت لا يخدم هذه الخطوة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. وفي موازاة ذلك، كشف حاكم المصرف عبد القادر الحصرية عن إنشاء هيئة لضمان الودائع لحماية حقوق المودعين وتعزيز الثقة بالقطاع المصرفي.
وأما في ملف الموازنة العامة، فقد أكد وزير المالية محمد يسر برنية أن موازنة عام 2026 ستركز على تحسين الرواتب والأجور وتعزيز الإنفاق على الصحة والتعليم باعتبارهما أولوية وطنية.
وأوضح الوزير أن الموازنة ستمنح مساحة أكبر للإنفاق الاستثماري، مع تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في العملية الاقتصادية من دون منافسة حكومية له في مجالاته الأساسية.
ولتعزيز الشفافية، أطلقت وزارة المالية منصة إلكترونية جديدة خاصة بالموازنة العامة خلال مشاركتها في معرض دمشق الدولي، تتضمن بيانات تفصيلية حول إدارة المال العام بهدف الحد من الهدر والفساد، وهو ما اعتبره خبراء خطوة متقدمة على طريق تحسين الثقة بين الدولة والمجتمع.
وبهذه الخطوات المتعددة، يظهر أن المشهد الاقتصادي في سوريا دخل مرحلة جديدة تقوم على جذب الاستثمارات وتفعيل المشاريع الإنتاجية والخدمية، إلى جانب إصلاحات نقدية ومالية تسعى لتعزيز الثقة ودعم الاستقرار، بما يعكس ملامح خطة شاملة لمرحلة إعادة البناء والتنمية.
وكان أصدر البنك الدولي تقريراً جديداً تضمن مراجعة إيجابية لتوقعات النمو الاقتصادي في ثماني دول عربية، من بينها سوريا، التي ظهرت مجدداً في بيانات البنك للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاماً.
يشار أن خلال الفترة الماضية أصدرت القيادة السورية الجديدة قرارات عدة لصالح الاقتصاد السوري، أبرزها السماح بتداول العملات الأجنبية، والدولار في التعاملات التجارية والبيع والشراء، وحتى الأمس القريب، وكان النظام البائد يجرّم التعامل بغير الليرة ويفرض غرامات وعقوبات قاسية تصل إلى السجن سبع سنوات.