
تحديات إعادة الإعمار في سوريا: المخاطر الناتجة عن الممارسات الخاطئة في ترميم المنازل
يُعدّ إعمار المنازل أو ترميمها حالياً أحد أبرز التحديات التي تواجه آلاف العائلات السورية، خاصة بعد تحرير البلاد من نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024. فعند عودتهم إلى قراهم ومدنهم التي هُجّروا منها، اكتشفوا أن معظم المنازل مدمرة بالكامل، بينما تحتاج البيوت المتبقية إلى عمليات ترميم مكلفة.
بدأ العديد من العائلات السورية عمليات إعادة البناء والترميم خلال الفترة الماضية، بهدف تأمين مسكن يؤويهم ويوفر الاستقرار بعد عودتهم من رحلة نزوح طويلة استمرت سنوات. ومع ذلك، يقع البعض في أخطاء خلال عمليات البناء والترميم، نتيجة أسباب عدة، أبرزها السعي لتقليل النفقات وتوفير المال، إلى جانب نقص الوعي والخبرة في مجال البناء.
المهندسون يحذرون من استخدام الحديد القديم في البناء
من بين هذه الممارسات الخاطئة استخدام الحديد المستعمل في أعمال البناء بدلاً من الحديد الجديد، وهو أمر يعتبره المهندسون المدنيون وأصحاب الخبرة في مجال البناء غير صحيح. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها احتمال وجود تشققات في الحديد المستعمل، أو تعرضه للصدأ مما يؤدي إلى نقصان قطره. كما أن عملية سحبه أو تنظيفه قد تتسبب في ظهور تشققات دقيقة غير مرئية بالعين المجردة.
أكد المهندسون أن الحديد المستعمل لا يمكن الاعتماد عليه في أي عنصر إنشائي، سواء في الأعمدة أو الصبات، نظراً لمخاطره. وشددوا على ضرورة إجراء اختبارات للتحقق من وجود الصدأ، وفي حال وجوده، يجب إزالته تماماً، مع إجراء فحوصات لقياس مقاومة الحديد. وإلا، فإن استخدامه قد يعرض سلامة المنزل للخطر.
ضرورة الإشراف الهندسي قبل البناء والترميم
يعود سبب لجوء الأهالي إلى استخدام الحديد المستعمل إلى انخفاض تكلفته، حيث يقوم البعض باستخلاصه من المنازل المهدمة، إضافة إلى محدودية قدراتهم المالية التي تحول دون شراء الحديد الجديد. وعلاوة على ذلك، يلجأ البعض إلى ترميم المنازل دون استشارة مهندس أو خبير، مما يعرض سلامة المنزل للخطر.
في 14 أيار/مايو الماضي، لقي الشاب مصطفى الإبراهيم حتفه أثناء ترميم أحد المنازل المدمرة في بلدة الهبيط بريف إدلب الجنوبي، إثر انهيار سقف المبنى عليه. حاول مدنيون إنقاذه قبل وصول فرق الدفاع المدني، التي نقلته إلى مشفى حماة الوطني، لكنه توفي متأثرًا بنزيف حاد. وفي تموز/يوليو الماضي، لقي الشاب أحمد قاسم الرجب مصرعه أثناء ترميم منزله بسبب انهيار سقف المنزل عليه.
الناشطون يحذرون من خطورة الموضوع
هذه الحوادث أثارت موجة من التحذيرات بين الناشطين المدنيين بشأن خطورة إعادة إعمار الأبنية المتضررة دون إشراف هندسي، فأطلقوا تحذيرات، داعين المدنيين إلى تجنّب العمل العشوائي في المباني المتضررة دون تقييم فني مسبق، مشددين على أهمية الاستعانة بمهندسين مختصين لتحديد سلامة الأبنية قبل الشروع بأي عملية ترميم، وذلك لحماية الأرواح وتفادي كوارث مماثلة.
ويُشار إلى أن عدداً كبيراً من قرى وبلدات إدلب، حماة، حلب ومناطق أخرى تعرضت لدمار واسع بسبب سنوات من القصف والمعارك، لا سيما في المناطق التي شهدت معارك ميدانية مباشرة. كما وثقت تقارير إعلامية وحقوقية قيام عناصر من قوات بشار الأسد المجرم في أوقات سابقة بسرقة محتويات الأبنية المدمرة، بل ووصل الأمر إلى تفكيك الأسقف لاستخراج قضبان الحديد لبيعها، كما ظهر في فيديو مسرّب من مدينة سراقب في آب/أغسطس عام 2020.