بيروت تعيد فتح سفارتها بدمشق: تعيين هنري قسطون يطوي 8 سنوات من الشغور الدبلوماسي
قدَّم السفير اللبناني هنري قسطون، أمس الأربعاء، أوراق اعتماده إلى وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، منهياً فترة شغور دامت نحو أربع سنوات في منصب سفير لبنان لدى دمشق، وقالت وكالة الأنباء السورية إن الشيباني استقبل قسطون في مقر الوزارة وتسلم نسخة عن أوراق اعتماده تمهيداً لمباشرة مهامه رسمياً.
محطات تاريخية للتمثيل الدبلوماسي بين البلدين
تعود العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين سوريا ولبنان إلى أواخر عام 2008 حين عُيّن ميشال الخوري أول سفير لبيروت في دمشق منذ استقلال البلدين، واستمر في منصبه حتى نهاية عام 2013 قبل إحالته إلى التقاعد، ما أدى إلى أول فراغ دبلوماسي امتد لنحو أربع سنوات، ثم تولى سعد زخيا المهمة أواخر عام 2017 حتى نهاية 2021، ليعود الشغور ويستمر قرابة أربع سنوات أخرى قبل تعيين قسطون سفيراً ثالثاً للبنان في عام 2025.
مؤشرات سياسية لبناء علاقة جديدة
وكان نائب رئيس الوزراء اللبناني طارق متري قد أعلن في تشرين الأول الماضي قرب عودة التبادل الدبلوماسي الكامل بين بيروت ودمشق، مؤكداً أن العلاقات بين البلدين خلال العقود الماضية لم تكن متكافئة، وأن المرحلة المقبلة تمثل فرصة لإرساء علاقة تقوم على الندية والاحترام المتبادل، واصفاً العلاقة الحالية بين البلدين بأنها "صفحة بيضاء" تُفتح للمرة الأولى منذ زمن طويل.
زيارة الشيباني لبيروت… نهاية لمرحلة الوصاية القديمة
وشكّلت زيارة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى بيروت محطة أساسية في مسار إعادة بناء العلاقات السورية اللبنانية، إذ احتُفي بها كبداية لمرحلة جديدة تنهي إرث الوصاية التي مارسها نظام الأسد البائد في لبنان، والتي حولت البلاد سابقاً إلى ساحة خلفية للصراعات الإقليمية، وزجّت بها في ملفات لم تكن تخدم مصالح الدولة اللبنانية.
قمة دمشق: الشرع يلتقي متري لبحث الملفات العالقة
وكان الرئيس أحمد الشرع قد استقبل في دمشق نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري، حيث بحث الجانبان ملفات ثنائية حساسة، أبرزها قضايا المفقودين، وضبط الحدود، وتعزيز التعاون الأمني والقضائي. وأكدت الرئاسة أن اللقاء تناول "آفاق تطوير العلاقات اللبنانية–السورية بما يحقق مصالح البلدين ويضمن الاستقرار المشترك".
اجتماعات موسعة لتسوية الملفات الأكثر تعقيداً
وأشارت الوكالة الرسمية إلى أن الزيارة شملت سلسلة اجتماعات عقدها متري مع وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير العدل مظهر الويس، جرى خلالها استعراض أوضاع الموقوفين السوريين في لبنان ومسألة الحدود المشتركة، إلى جانب متابعة الملفات الإقليمية وتطوير العلاقات الثنائية ضمن رؤية جديدة تقوم على التكافؤ.
ملف الموقوفين السوريين… خطوة لمعالجة إرث السنوات الماضية
وفي بيان عبر منصة "تلغرام"، أكدت وزارة الخارجية أن المباحثات ركزت على "بحث قضية الموقوفين السوريين في لبنان منذ السنوات التي رافقت الثورة السورية، والعمل على التوصل إلى تسوية عادلة وسريعة"، معتبرة أن هذا الملف يمثل أحد أهم عناصر بناء الثقة بين الشعبين.
مرحلة إعادة بناء العلاقة بين دمشق وبيروت
وتأتي هذه الزيارة ضمن مسار مشترك لإعادة تنشيط العلاقات بين البلدين، إذ أعلن متري سابقاً أن دمشق وبيروت تستعدان لاستئناف التبادل الدبلوماسي الكامل، مؤكداً أن العلاقات تنتقل نحو مرحلة جديدة من "إعادة البناء" بعد عقود من الخلل والتوتر وعدم التوازن الذي رسّخه النظام البائد.