
بعد رفض محكمة ألمانية للقرار.. برلين تتجه إلى محكمة العدل الأوروبية لتبرير إعادة اللاجئين
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أعلنت الحكومة الألمانية اعتزامها التوجه إلى محكمة العدل الأوروبية للحصول على حكم يجيز عمليات إعادة طالبي اللجوء عند الحدود، رغم صدور حكم سابق من محكمة برلين الإدارية يقضي بعدم قانونية تلك الإجراءات.
وتأتي هذه التطورات في إطار سياسة أشمل تعتمدها برلين حالياً للحد من الهجرة غير النظامية، في ظل تصاعد الجدل السياسي والضغط الشعبي على الحكومة الاتحادية.
وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت قال إن حكومته ستقدم مبررات إضافية لتفعيل المادة 72 من قانون الاتحاد الأوروبي، وهي بند يسمح بإجراء استثنائي في حالات الطوارئ، معبراً عن قناعته بأن الإجراءات المتخذة تتوافق مع التشريعات الأوروبية.
وأضاف أن الهدف من هذه الخطوة هو الوصول إلى مرحلة يمكن فيها إلغاء ضوابط الحدود الداخلية داخل أوروبا، بشرط وجود حماية فعالة للحدود الخارجية.
تأتي هذه التطورات بعد أن قضت المحكمة الإدارية في برلين بعدم قانونية إعادة ثلاثة طالبي لجوء صوماليين على الحدود الألمانية-البولندية، معتبرة أن السلطات لم تفتح إجراءات لجوء رسمية، وفضلت إرجاعهم إلى بولندا من دون تطبيق نظام دبلن الموحّد.
ورغم أن القضية الأساسية لم تتناول اللاجئين السوريين بشكل مباشر، إلا أن تداعياتها تثير مخاوف عميقة في أوساط السوريين في ألمانيا، لا سيما أولئك الذين ينتظرون الدخول من دول أوروبية مجاورة أو يسعون إلى لمّ شمل أسرهم في الداخل الألماني.
في موازاة هذا الملف، لا تزال الحكومة الألمانية ماضية في تنفيذ خطتها لتعليق لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية لمدة عامين، وهي الفئة التي ينتمي إليها عدد كبير من السوريين. ويقتصر الاستثناء في هذا القرار على الحالات الإنسانية الصعبة، مثل الأطفال القاصرين غير المصحوبين بذويهم.
المجتمع السوري في ألمانيا، الذي يتجاوز تعداده 800 ألف شخص بين لاجئ ومجنس وطالب، يجد نفسه اليوم في عين العاصفة السياسية، إذ تتزايد الإجراءات التي تقيد تحركاته وتعطل استقراره الاجتماعي.
تعليق لم الشمل يُضاعف العزلة ويهدد بانهيار الكثير من الروابط الأسرية التي تشكل عامل دعم نفسي واجتماعي للاجئين.
من جانبها، عبرت أحزاب المعارضة الألمانية، وخاصة حزب الخضر واليسار، عن رفضها لهذه الإجراءات. ووصفت النائبة عن حزب الخضر شاهينا غامبر قرار الحكومة بأنه يقوّض المسارات القانونية ويعزز نشاط شبكات التهريب، فيما رأت النائبة عن حزب اليسار كلارا بونغر أن هذه السياسات “غير إنسانية” و”تتناقض مع القيم العائلية والاجتماعية لألمانيا”.
في العمق، يكشف التوجه نحو تشديد سياسات الهجرة واللجوء عن سعي الحكومة إلى احتواء تنامي اليمين المتطرف، الذي يستثمر في تصعيد خطاب الكراهية ضد اللاجئين. إلا أن هذا المسعى يضع السوريين، الذين يشكلون إحدى أنجح تجارب الاندماج الجزئي، في موقع الخاسر الأكبر من معادلة سياسية معقدة تتجاوزهم، لكنها ترسم مستقبلهم.
وبين محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ وبرلين، تنتظر آلاف العائلات السورية جوابًا على سؤال وجودي: هل سيبقى الأمل في الحياة الكريمة مشروعًا مشروعًا؟ أم أن الإجراءات الأمنية ستغلق ما تبقى من نوافذ الأمل بلم الشمل مع ذويهم؟