
بارزاني يؤكد استحالة حكم سوريا مركزياً ويدعو الكرد للمشاركة السياسية
قال رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، إن سوريا تقف اليوم عند "منعطفها الأخير"، داعياً القوى الكردية السورية إلى التوجه نحو دمشق والانخراط المباشر في العملية السياسية باعتبارها "السبيل الوحيد لضمان مستقبل مشترك ومستقر لكل السوريين".
وفي كلمة ألقاها خلال منتدى معهد الشرق الأوسط للأبحاث في أربيل، أشار بارزاني إلى أن "البلاد تمر بمرحلة حاسمة قد لا تتكرر"، مشدداً على أن السوريين يجب أن يبادروا إلى بناء دولتهم الجديدة "من الداخل لا من الخارج"، وأن المرحلة تتطلب شجاعة سياسية من مختلف المكونات، وفي مقدمتها الأكراد الذين وصفهم بأنهم "شركاء أصيلون في الوطن لا ضيوف عليه".
وأوضح أن "المجتمع الدولي مطالب بدعم السوريين في عبورهم نحو مرحلة ما بعد الحرب، لكن الأساس يجب أن يبقى سورياً خالصاً"، مؤكداً أن استمرار الرهان على التدخلات الخارجية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسام والتأخير.
رؤية لامركزية لمستقبل الحكم في سوريا
بيّن بارزاني أن التجربة المريرة التي عاشتها سوريا خلال العقود الماضية أثبتت أن "النظام المركزي لم يعد صالحاً لإدارة بلد متعدد الأعراق والطوائف"، داعياً إلى نموذج حكم لامركزي يوزع الصلاحيات ويضمن المشاركة المتوازنة في صنع القرار.
وقال إنه نقل هذه الرؤية مباشرة إلى الرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقاء جمعهما مؤخراً، مضيفاً: "قلت له بصراحة إن إدارة سوريا من مركز واحد لم تعد ممكنة، لكن ينبغي إعطاء الحكومة الجديدة الفرصة لتجريب أدواتها في الحكم وإثبات قدرتها على توحيد البلاد بروح منفتحة".
وشدد بارزاني على أن أي محاولة لإعادة إنتاج نمط الحكم القديم ستكون "كارثية"، موضحاً أن "الاستقرار الحقيقي لا يأتي بتبديل الوجوه، بل بتغيير أسلوب الإدارة وبناء شراكة وطنية جامعة".
رسالة واضحة للأكراد السوريين
وفي نداء مباشر وجّه بارزاني حديثه إلى الأكراد السوريين، قائلاً: "الوقت ليس في صالحكم، عليكم أن تذهبوا إلى دمشق وتفتحوا مكتباً سياسياً هناك. مكانكم الطبيعي في قلب سوريا، لا على هامشها".
وأضاف أن "التحاور مع الدولة السورية هو الطريق الوحيد لتثبيت الحقوق وضمان الدور السياسي"، مشيراً إلى أن "الانضمام الكامل إلى الجيش السوري قد لا يكون مقبولاً الآن، لكن هناك حلولاً وسطاً تحفظ الكرامة وتضمن المشاركة".
واستحضر بارزاني تجربة إقليم كردستان بعد عام 2003 قائلاً: "عندما ذهبنا إلى بغداد كنا جزءاً من العملية السياسية، وأسهمنا في إعادة التوازن للدولة العراقية. هذه هي الرسالة التي أوجهها لإخوتنا في سوريا: شاركوا في رسم مستقبل وطنكم بدلاً من انتظار من يرسمه عنكم".
تحذير من نفوذ حزب العمال الكردستاني
وحذر رئيس إقليم كردستان العراق من استمرار تدخل حزب العمال الكردستاني في شمال شرق سوريا، معتبراً أن "ذلك التدخل يعطل أي مسار سياسي حقيقي". وأكد أن "على الحزب أن ينسحب من الشأن السوري الداخلي ويفسح المجال أمام السوريين لإدارة مناطقهم بأنفسهم".
وشدد على أن دعم أربيل للأكراد السوريين قائم على مبدأ "التمكين الذاتي بعيداً عن أي وصاية خارجية"، لافتاً إلى أن "الاقتتال الكردي – الكردي صفحة طويت ولن تعود".
سوريا الجديدة.. دولة التعدد والمواطنة
وختم بارزاني حديثه بالتأكيد على أن مستقبل سوريا لا يمكن أن يُبنى إلا على أساس اللامركزية والمواطنة المتساوية، قائلاً: "سوريا لا يمكن أن تُدار بعقلية مركزية بعد اليوم. على كل مكون أن يشعر بأنه شريك أصيل في وطنه".
وأشار إلى أن العلاقة بين أربيل والأكراد السوريين قد تمر بأطوار مختلفة، لكنها ثابتة في جوهرها على "مبدأ الشراكة والمصير الواحد"، مؤكداً أن اللحظة الراهنة هي "الأكثر حساسية والأجدر بأن توحد الصفوف وتفتح الباب أمام صفحة سورية جديدة".