المثقفون خلال الحرب في سوريا: ما بين محرضون وتوعويون
المثقفون خلال الحرب في سوريا: ما بين محرضون وتوعويون
● أخبار سورية ١٢ أغسطس ٢٠٢٥

المثقفون خلال الحرب في سوريا: ما بين محرضون وتوعويون

في أغلب المجتمعات في العالم ومن بينها سوريا يشغل المثقف مكانة مهمة في محيطه، ويحب الأهالي أن يسمعوا نصيحته ويلجأون له وقت حلّ المشاكل والخلافات، ويفضلون التقرب منه. وفي ظل الأزمات والصراعات، يلعب المثقف دوراً حاسماً في توجيه الرأي العام. وذلك ما عكسته الحرب في سوريا، حيث عمّت الفتنة وانتشرت الخطابات المتطرفة، كان للمثقفين تأثير واضح – سواء في تأجيج الصراع أو تهدئته. 

هذه الورقة تناقش مسؤولية المثقف في نشر الوعي وتفنيد الأفكار المغلوطة، مقابل خطر تحوّله إلى أداة تحريض تستغل بساطة الناس. كما تبحث كيف يمكن للثقافة أن تكون أداة بناء بدلًا من هدم، خاصة في المجتمعات المنقسمة.

الأمانة التي يحملها المثقف على عاتقه
بشكل عام يحمل المثقف أمانةً كبرى، وهي أمانة الكلمة والفكر، فثقافته ليست ملكاً شخصياً، بل هي مسؤولية تجاه مجتمعه. وعليه أن يستخدم معرفته في توضيح الحقائق ونبذ الأكاذيب، خاصةً في أوقات الأزمات حيث تنتشر الشائعات والخطابات المُضللة، الأمانة هنا تعني النزاهة الفكرية والابتعاد عن التحيز الأعمى، والسعي نحو الحقيقة والعدالة.

تأثير المثقف على الناس
للمثقف تأثير كبير على شرائح المجتمع المختلفة، خاصةً البسطاء الذين قد يفتقرون إلى الأدوات المعرفية لفهم تعقيدات الأحداث. بكلماته وتحليلاته، يمكنه أن يوجه الرأي العام نحو التسامح والتعايش، أو أن يكون أداةً للتحريض والتأجير. لذلك، يجب أن يدرك المثقف أن كلمته قد تكون سبباً في إنقاذ أرواح أو إشعال نيران الفتنة.

عندما يستخدم المثقف ثقافته في التحريض ويؤثر على البسطاء
خلال الحرب في سوريا بعض المثقفين تحولوا إلى أدوات في يد الأجندات السياسية أو الطائفية، فساهموا – عن قصد أو غير قصد – في تأجيج الصراع. باستغلال بلاغتهم وقدرتهم على الإقناع، فشاركوا في تزييف الحقائق وتضخيم الخلافات، مما أدى إلى تفاقم الأزمات وتمزيق النسيج الاجتماعي. وهذا يعد خروج عن الدور الحقيقي للمثقف، الذي يجب أن يكون جسراً للوحدة لا سيفاً للانقسام.

عندما يلعب المثقف دوراً إيجابياً ويُطفئ الخلافات
في المقابل، التزم مثقفون برسالتهم السامية خلال الثورة، وساهموا في إخماد نيران الفتنة. من خلال الحوار العقلاني، ونشر ثقافة التسامح، وإبراز القواسم المشتركة بين أفراد المجتمع، يمكنه أن يُعيد اللحمة إلى المجتمع. المثقف الحقيقي هو من يُذكّر بأهمية الإنسان فوق الانتماءات الضيقة، ويدعو إلى الحلول السلمية بدلاً من العنف.

في خضم الأزمات، يصبح المثقفون أصحاب دور مصيري، فإما أن يكونوا شمعةً تُنير درب السلام، أو وقوداً يُغذي نار الفتنة. على عاتقهم تقع مسؤولية عظيمة، وهي استخدام ثقافتهم لخدمة الإنسان والحقيقة، لا لخدمة الأهواء والأجندات. وفي سوريا، حيث الجروح عميقة والانقسامات مؤلمة، يحتاج المجتمع إلى مثقفين شجعان يرفعون صوت العقل، ويبنون جسور الأمل بدلاً من جدران الكراهية.

الكاتب: فريق العمل - سيرين المصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ