القراءة بين الورق والشاشة: تراجع الاعتماد على الكتب المطبوعة في الزمن الرقمي
القراءة بين الورق والشاشة: تراجع الاعتماد على الكتب المطبوعة في الزمن الرقمي
● أخبار سورية ٧ أغسطس ٢٠٢٥

القراءة بين الورق والشاشة: تراجع الاعتماد على الكتب المطبوعة في الزمن الرقمي

شهد العالم في السنوات الأخيرة تقدما تكنولوجياً كبيراً، وانتشرت وسائل التواصل الاجتماعي التي سهلت الوصول إلى مختلف المعلومات، حيث أتاح العصر الرقمي للمستخدمين إمكانية تصفح الكتب والمقالات والمراجع على الانترنت بضغطة زر، دون الحاجة إلى مغادرة منازلهم أو شراء كتاب ورقي واحد عن طريق البحث في المكتبات والمراكز الثقافية.

ومع هذه القفزة، بدأت علاقة الإنسان بالقراءة تتغيّر تدريجياً، وبات الاعتماد على الكتب المطبوعة يتناقص عن السابق، وتغيّرت أساليب الأفراد في البحث عن المعلومة وممارسة المطالعة التي تعدُّ واحدة من أبرز الهوايات لدى الشباب.

وللقراءة أهمية بالغة في حياة الفرد، حيث تساهم في تطور معارفه، وتنمي لديه الوعي والإدراك، وتساعده في حياته الشخصية والعلمية، عدا عن كونها واحدة من أدوات التطور والرقي والتقدم لدى الشعوب والمجتمعات. فهي لا تقتصر على اكتساب المعلومات، بل هي فعل يومي يعزّز مهارات اللغة والتحليل. 

والقارئ الجيد يُصبح أكثر قدرة على التعبير، واتخاذ القرار، وفهم ذاته والآخرين. كما أنّ القراءة تزرع قيمًا عميقة، وتخلق جسرًا بين القارئ والعوالم الثقافية المختلفة، وتُعدّ وسيلة فعّالة للهروب الإيجابي من ضغوط الحياة اليومية.

القراءة في الماضي
قبل انتشار الإنترنت، كانت الكتب والروايات المطبوعة وغيرها مصدر المعرفة الوحيد تقريباً في سوريا وأغلب دول العالم. كان من الطبيعي أن ترى شاباً يحمل كتاب ورقي يقرؤه في الباص أو ينتظر بها دوره في مكتب البريد أو حتى في الحدائق، وكان هذا المنظر يُعطي انبطاعاً إيجابياً. 

كان الوصول إلى المعلومة في ذلك الحين يتطلب جهدًا: زيارة المكاتب، استعارة كتب من الأصدقاء، سؤال المعلمين والباحثين. وبالرغم من هذه الصعوبات، كان للقراءة قيمة وجدانية وثقافية، وارتبط الكتاب آنذاك بصورة الشخص المثقف، والمُطّلع، والمتفوّق، وذلك ما كان يلمسه الأشخاص على أرض الواقع وحتى من خلال الأعمال الدرامية.

وكان الشباب يتفاخرون فيما بينهم بعدد الكتب التي يقرؤوها، ويتبادلونها فيما بينهم، بل كانت بعض العائلات تهدي أبناءها كتباً كمكافآت على النجاح، وكانت أرفف الكتب جزءاً من ديكور البيوت، ولها موقع هام في منازل العوائل المتعلمة والمثقفة، حتى البسطاء كانوا ببعض الأحيان يشترون كتباً.

الحاضر: التكنولوجيا تسهّل 
مع بروز الهواتف الذكية، ومنصات التواصل الاجتماعي، ومواقع الكتب المجانية بصيغة PDF، انتقل كثير من القراء إلى الشاشة. لم تعد المعلومة حكراً على من يمتلك كتاباً أو يشترك في مكتبة. حتى الروايات العالمية والعربية أصبحت متاحة، لكن مع هذه السهولة، ظهرت تحديات مثل: 

الاعتماد على مصادر غير دقيقة، والتشتت أثناء القراءة بسبب الإشعارات والإعلانات، بالإضافة إلى القراءة السطحية بدل التعمق، كما أن البعض بات يكتفي بعناوين الأخبار أو ملخصات الكتب بدل قراءتها كاملة، مما أثّر على نوعية المعرفة.

تنوعت آراء الشباب حول الأفضلية بين المطبوعات والإنترنت، فلكل وسيلة ميزات وعيوب، ومن الآراء التي نقلناها أن الكتب الورقية تتحلى بمزايا أهمها تركيز أكبر، شعور بالالتزام، عدم الحاجة للانترنت، لكن هناك عيوب أنها تتطلب مال للشراء، وصعوبة الوصول ببعض الأحيان، إذ تتطلب وقت خلال البحث عنها.

بينما القراءة الرقمية تمتاز بسرعة الوصول، والتنوع الكبير، والتوفر الدائم، لكن ببعض الأحيان هناك خطر الاصطدام بالمعلومات الخاطئة، والتشتت الذهني، وتعرض العين للإجهاد. لذلك الاختيار بينهما ليس سهلاً، فاقترح قرّاء الجمع بين الوسيلتين: استخدام الإنترنت للوصول السريع، والعودة للكتاب الورقي للتعمق والتركيز.

في الختام، يمكن القول إن القراءة، سواء على الورق أو الشاشة، تظل جسراً للمعرفة والثقافة، لكن العصر الرقمي أعاد تشكيل هذا الجسر بتحدياته وفرصه. فبينما تتيح التكنولوجيا سهولة الوصول إلى المعلومات وتنوعها، تحافظ الكتب الورقية على قيمتها الوجدانية وقدرتها على تعزيز التركيز والتعمق. 

لذا، يبقى التوازن بين الوسيلتين هو الخيار الأمثل، بحسب آراء محبي القراءة، حيث يمكن للقارئ استغلال سرعة الشاشة وغناها، مع الاستمتاع بتجربة القراءة التقليدية التي تثري العقل والروح. فالقراءة، بأي شكل كانت، هي مفتاح الارتقاء بالفرد والمجتمع، ووسيلة لفهم العالم وتجاوز تحدياته.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ