
"العدالة الانتقالية في سوريا: كيف يمكن التغلب على تحديات المحاسبة ..؟
سلطت حلقة من برنامج "موازين" على قناة "الجزيرة" الضوء على أهمية العدالة الانتقالية في سوريا وآليات تحقيقها، بالإضافة إلى التحديات والعراقيل التي تواجهها في المشهد السوري الحالي.
مفهوم العدالة الانتقالية في سوريا
عرف الباحث في القانون الدستوري محمود سليمان العدالة الانتقالية بأنها مجموعة من الإجراءات القضائية وغير القضائية التي يتعين على أي بلد يمر بمرحلة انتقالية تطبيقها بهدف تحقيق الاستقرار بعد فترة من النزاع أو القمع. وأوضح أن العدالة الانتقالية تتطلب أن تكون هناك إرادة سياسية، وهو أمر متوفر في الحالة السورية وفقًا لما ذكره عضو لجنة صياغة الإعلان الدستوري، عبد الحميد العواك.
الدستور كأساس لتحقيق العدالة
لفت العواك إلى أن العدالة الانتقالية تبدأ من دسترة هذه المبادئ، وهي خطوة ضرورية للانتقال من حالة الاستبداد إلى الديمقراطية، أو من حالة العنف إلى السلم. وأوضح أنهم في سوريا حرصوا على تضمين العدالة الانتقالية في الدستور من خلال مادتين، كما تم إلغاء القوانين الاستثنائية والأحكام الجائرة التي تسببت في أضرار لفئات واسعة من المجتمع السوري، خاصة تلك الصادرة عن محكمة الإرهاب.
ضرورة محاكم خاصة للجرائم السورية
أكد محمود سليمان أن الجرائم المرتكبة في سوريا تحتاج إلى محاكم خاصة وليس محاكم عادية بسبب حجم وطبيعة الجرائم التي تشمل القتل والاختفاء القسري والتهجير القسري واغتصاب النساء وسرقة الممتلكات العامة والخاصة، بالإضافة إلى استخدام السلاح الكيميائي. وشدد على أن العدالة الانتقالية يجب أن تكون موجهة للمجرمين وليس ضد أي مكون أو شريحة معينة من الشعب السوري.
إشكاليات تحديد زمن المحاسبة
وأشار العواك إلى أن أحد العراقيل الكبيرة التي تواجه العدالة الانتقالية في سوريا هي تحديد فترة زمنية للمحاسبة، بمعنى تحديد تاريخ بداية المحاسبة ونهايتها. وبالنظر إلى الكم الهائل من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت خلال عهد بشار الأسد ووالده حافظ الأسد، فإن تحديد بداية ونهاية العدالة الانتقالية يمثل إشكالية كبيرة.
المحاسبة على الجرائم السابقة
وأكد سليمان أنه من الضروري أن تشمل العدالة الانتقالية محاسبة جميع الجرائم التي ارتكبت في عهد النظام السابق، بما في ذلك تلك التي ارتكبها نظام حافظ الأسد، وذلك لإنصاف الضحايا وضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات في المستقبل.
دور الجهات الدولية في العدالة الانتقالية
فيما يخص إمكانية تدخل جهات دولية في تطبيق العدالة الانتقالية في سوريا، استبعد العواك هذا الأمر، مؤكدًا أن اللجنة ستعتمد على أشخاص وطنيين سوريين، مع الاستفادة من الخبرات والتجارب الدولية عبر خبراء المنظمات الأممية مثل الأمم المتحدة.