
السينما كجسر للوعي والحرية: حوار بين "وزير الثقافة وجهاد عبدو" حول مستقبل الفن في سوريا
في لقاء ثقافي لافت، اجتمع وزير الثقافة محمد ياسين صالح مع الفنان السوري العالمي جهاد عبدو، حيث تناولا في حديث معمّق دور السينما في تعزيز الوعي الثقافي والمساهمة في صياغة هوية جديدة لسوريا في مرحلة ما بعد الحرب.
وشدّد الوزير على أهمية السينما كوسيلة مؤثرة للتعبير عن قضايا المجتمع وخلق مساحة للحوار والتغيير، مؤكداً على الحاجة إلى إعادة تنظيم المؤسسات المعنية بالسينما بما يضمن لها حرية أكبر وفاعلية أعلى.
من جانبه، أبدى جهاد عبدو استعداده للمساهمة في هذا المشروع الوطني، مستعرضاً مسيرته التي بدأت من دمشق وامتدت إلى الساحة العالمية بعد لجوئه إلى الولايات المتحدة، حيث شارك في أفلام بارزة إلى جانب نخبة من نجوم السينما العالمية. وأوضح أن قيم الثورة التي تبناها خلال فترة لجوئه كان لها دور محوري في تحول مسيرته الفنية.
كما أشار إلى أنه يعمل حالياً على إقامة شراكات مع مؤسسات سينمائية دولية بهدف دعم إنتاج سينمائي سوري حر ومعاصر، مؤكدًا ضرورة تصحيح المفاهيم المغلوطة التي خلّفها النظام السابق في الوعي الثقافي، وإعادة الفن إلى مكانته الأصيلة كرمز للحرية والكرامة.
مكافأة استثنائية لحارسي المتحف الوطني بدمشق
في مبادرة وُصفت بأنها الأولى من نوعها في سوريا الحديثة، أعلن وزير الثقافة السوري محمد ياسين صالح عن تخصيص مكافأة مالية سخية لحارسين ساهما في حماية المتحف الوطني بدمشق، ليلة سقوط نظام بشار الأسد وفراره إلى روسيا في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024.
وفي مؤتمر صحفي، قال الوزير: "أنا مؤمن جداً بفكرة التكريم المعنوي، وهما (الحارسان) يستحقّان التصفيق. ولكن بصفتي وزيراً للثقافة، أقول إن زمن البخل وزمن الرخص في النظام الساقط قد ولّى. لذلك أتمنى أن يقبل الشخصان هديةً بسيطةً من وزارة الثقافة: 50 مليون ليرة سورية لكل منهما".
وأكد الوزير أن هذا التكريم يعكس روح سوريا الجديدة، التي "تكافئ المجتهد وتعطي كل ذي حق حقه"، في إشارة واضحة إلى نهج مغاير تماماً لما كان سائداً في عهد النظام السابق.
قطيعة واضحة مع ممارسات النظام الساقط
اللافت في هذا الإعلان أنه يشكّل قطيعة واضحة مع ما كان يُمارَس في عهد بشار الأسد، الذي لم يُبدِ أي تقدير حقيقي للثقافة أو لحُماتها، ولا حتى لجنوده الذين قتلوا دفاعاً عنه. ففي أفضل الأحوال، كانت عائلات القتلى تحصل على "ساعة حائط" أو "سحارة برتقال"، فيما كان يُنفق المال على دعايات إعلامية تُظهر الأسد وهو يزور أطفالاً أو أسر قتلى لتلميع صورته.
إعادة افتتاح المتحف الوطني بعد التحرير
تزامناً مع بداية مرحلة جديدة، أعادت المديرية العامة للآثار والمتاحف فتح أبواب المتحف الوطني بدمشق في 8 كانون الثاني/يناير 2025، بعد شهر من سقوط الأسد، وذلك بعد إغلاق احترازي مؤقت خوفًا من أعمال النهب أو الفوضى.
وتأسس المتحف الوطني بدمشق عام 1919 تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، ويُعدّ من أبرز معالم سوريا الثقافية. يضم المتحف مجموعة فريدة من الآثار التي تمثل مختلف الحقب التاريخية، بدءاً من العصر الحجري القديم، مروراً بالآثار الشرقية والكلاسيكية والإسلامية، وصولاً إلى الفنون الحديثة.
اليوم، لا يقتصر رمزية المتحف على كونه حارساً للتراث، بل أصبح أيضاً رمزاً للعبور من عهد الديكتاتورية إلى دولة جديدة تُكرّم مواطنيها وتحترم إرثها.