"الخوذ البيضاء" تُعلن انتشال قرابة 20 رفات لمجهولي الهوية بحمص وتوضح منهجيتها
أعلنت مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، أن فرق البحث انتشلت رفاتاً مجهولة الهوية مكشوفة غير مدفونة في موقع مكشوف، يتراوح عدد الجثث التي تعود إليها الرفات ووفق التقييم والمعطيات الأولية بين 20 ـ 25 جثة، اليوم الاثنين 30 كانون الأول، وجاءت عملية الانتشال بعد بلاغ وصل للفرق بوجود رفات، في منطقة القبو بريق حمص الشمالي الغربي.
وأوضحت المؤسسة أنه عند وصول البلاغ توجهت فرق من الدفاع المدني السوري للموقع وهو عبارة منطقة زراعية تتخللها هضاب تنتشر فيها الصخور البركانية، وكانت الرفات موجودة فوق الأرض مكشوفة وغير مدفونة ومعرّضة للاندثار، وموزعة على 8 مواقع في منقطة تقدر مساحتها بـ 3 كيلومترات مربعة، ويوجد صخور فوق عدد من الرفات.
وبينت أن المسافة التي تفصل بين المواقع التي توجد فيها الرفات متفاوتة بين 10 أمتار و 600 متر، وكل موقع من المواقع 8 كان يوجد فيه عدد من الرفات، وعملت الفرق على انتشال الرفات وهي غير معلومة العدد بالضبط وتحتاج لخبير أنثروبولوجي لتشكيلها ومعرفة العدد بالضبط، يترواح عددها بين (20َ ـ 25)، ضووفق التقييم والمعطيات الأولية الظاهرة يوجد رفات لأطفال ونساء، وجميع الأعمال تمت وفقاً للبروتوكولات الخاصة بتوثيق وجمع الرفات وانتشالها، ونقلت الفرق الرفات والجثث وسلمتها للطبابة الشرعية في مدينة حمص ليتم استكمال الإجراءات من قبلهم.
ووفق المؤسسة، انتشلت فرقها 21 رفاتاً وجثة يوم الأربعاء 18 كانون الأول، وجاءت عملية الانتشال بعد بلاغ وصل للفرق بوجود جثث ورفات، في موقع في مدينة السيدة زينب في ريف دمشق الجنوبي الشرقي.
كما انتشلت فرق البحث في الدفاع المدني السوري رفات 7 جثث يوم الثلاثاء 17 كانون الأول، وجاءت عملية الانتشال بعد بلاغ وصل لفرق الدفاع المدني السوري بوجود رفات تم العبث بها ضمن قبر مفتوح، في موقع قرب مدينة عدرا في ريف دمشق الشرقي.
أيضاً، انتشلت الفرق رفات 21 جثة منقولة مجهولة الهوية الاثنين 16 كانون الأول، وجاءت عملية الانتشال بعد بلاغ بوجود رفات منقولة مكشوفة غير مدفونة في موقع مفتوح طريق مطار دمشق الدولي في ريف دمشق الشرقي
ويركز دور فرق الدفاع المدني السوري حالياً على الاستجابة الطارئة لنداءات الأهالي بوجود رفات مكشوفة غير مدفونة لتقوم الفرق ضمن ضوابط الالتزام الصارم بالمبادئ الإنسانية والجنائية، بتوثيق وجمع الرفات وتسليمها للطب الشرعي وفقاً للبروتوكولات الخاصة والتنسيق لاستكمال كافة الإجراءات الخاصة بحفظها بما يساعد في إمكانية التعرف عليها لاحقاً.
وأكدت المؤسسة أن فرقها لا تقوم بفتح أي مقابر جماعية ولا تستخرج أي رفات مدفونة فيها، وإنما تعمل في إطار الاستجابة للتعامل مع الجثامين والقبور المفتوحة أو الرفات المكشوفة خارج المقابر الجماعية، إذ أن التعامل مع المقابر الجماعية يحتاج إلى ولاية قضائية وجنائية وإلى فرق مختصة وتفويض قانوني، بالإضافة إلى وجود تقنيين مختصين ومختبرات متخصصة لضمان التعامل مع الرفات بشكل علمي ودقيق.
ولفتت إلى مخاطر كبيرة تتعرض لها المقابر الجماعية المنتشرة في سوريا نتيجة النبش العشوائي والتدخلات غير المهنية التي تهدد بشكل مباشر كرامة الضحايا وحقوقهم وحقوق عائلاتهم، وتهدد الجهود المستقبلية لتحقيق المساءلة والعدالة.
وشددت على أن النبش العشوائي والتدخلات غير المهنية تؤدي إلى تدمير الأدلة الجنائية في المقابر، ما يُفقد فرصة مهمة لاكتشاف التفاصيل التي قد تُساعد في تحديد هوية الضحايا والمتورطين في الجرائم المتعلقة باختفائهم، كما أنها تؤدي لتدمير للأدلة ولمسرح الجريمة ومعرفة المتورطين بهذه الجرائم يعرقل الجهود الرامية إلى محاسبة مرتكبي هذه الجرائم وضمان تحقيق العدالة.
وقالت إن حماية المقابر يجب أن تكون أولوية للحفاظ على كرامة الضحايا ومعرفة هوية ومصير المعتقلين والمفقودين وضمان تحقيق العدالة لعائلاتهم، وأنه من الضروري أن تتكاتف جهود جميع الأطراف بدءاً بالمؤسسات والجهات العاملة في هذا المجال و المجتمعات المحلية والسلطات للتعامل مع هذا الملف على نحوٍ عاجل وبقدر عالٍ من المهنية، لمعرفة مصير عشرات آلاف المفقودين وتقديم الأجوبة الشافية لعائلاتهم ومحبيهم.
وأشارت المؤسسة إلى أن فرقها تستجيب بحال تلقي بلاغات عن رفات مكشوفة أو قبور مكشوفة الرفات فيها مهددة بالعبث والضياع، ولا تبحث أبداً عن رفات ولا عن مقابر جماعية حالياً إنما فقط تستجيب في حال تلقي البلاغات، ولاتقوم أبدا بنبش القبور أو فتحها أو فتح المقابر الجماعية أو استخراج الرفات منها.
وأكدت أن فتح القبور دون تصريح تعديد كبير يؤدي للعبث بالأدلة، وانتهاك للمعايير الدولية، وتعريض التحقيقات الجنائية المحتملة للخطر، وأن التعامل مع المقابر الجماعية وفتحها يحتاج إلى ولاية قضائية وجنائية وإلى فرق مختصة وتفويض قانوني، بالإضافة إلى وجود تقنيين مختصين ومختبرات متخصصة لضمان التعامل مع الرفات بشكل علمي.
وأشارت المؤسسة إلى أن التدخلات غير المهنية التي تتعرض لها المقابر الجماعية من قبل غير مختصين يجب أن تتوقف وتمثل انتهاكاً لكرامة الضحايا وحقوقهم وحقوق عائلاتهم، وتؤدي إلى إلحاق ضرر بالغ بمسرح الجريمة والأدلة الجنائية التي يمكن أن تساعد في كشف مصير المفقودين والمتورطين في جرائم اختفائهم ومحاسبة مرتكبي تلك الجرائم.
وسبق أن طالبت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، الحكومة السورية الجديدة أن تبادر بإرسال دعوة رسمية لـ "الجنة الدولية لشؤون المفقودين (ICMP)"، التي تتمتع بخبرات واسعة في العمل على الكشف عن مصير المفقودين، والتعامل مع المقابر الجماعية في نزاعات متعددة، بما في ذلك سوريا.
وقالت الشبكة الحقوقية، إن نظام الأسد استخدم الإخفاء القسري كأداة وحشية من أدوات القمع والتعذيب ضد المجتمع السوري، ولا يقتصر تأثير هذه الجريمة على الضحية فحسب، بل امتد ليشمل عائلته وأصدقاءه الذين يعانون بشكل دائم طوال فترة اختفائه.
وكرّست الشَّبكة جهودها منذ عام 2011، لتوثيق حالات الاعتقال التعسفي، التي تحوّل أغلبها لاحقاً إلى حالات إخفاء قسري. يعمل فريق متخصص بشكل يومي على بناء قاعدة بيانات دقيقة تعتمد على منهجية توثيق علمية، مستندة إلى شهادات الناجين، وأقوال ذوي الضحايا، إلى جانب وثائق وأدلة أخرى.
ووفقاً لآخر تحديث لقاعدة البيانات المنشورة على موقع الشَّبكة (حتى آب/أغسطس 2024)، يبلغ العدد الإجمالي للمعتقلين والمختفين قسراً 136,614 شخصاً، من بينهم قرابة 97 ألف مختف قسرياً. ومع بدء معركة “ردع العدوان”، سجلنا الإفراج عن قرابة 24,200 معتقل، مما يرفع العدد الإجمالي للمختفين قسراً إلى ما لا يقل عن 112,414 شخصاً.
وأكدت الشبكة أنه لا يمكن لأي حكومة سورية، ولا لأي منظمة مجتمع مدني سورية، معالجة هذا الملف الحساس بمفردها. هناك حاجة ملحّة إلى الاستعانة بخبرات وجهود منظمات دولية، مثل: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اللجنة الدولية لشؤون المفقودين (ICMP)، لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة المعنية بسوريا منذ عام 2011، والمؤسسة المستقلة للأمم المتحدة المعنية بالمفقودين في سوريا.
فيما تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالفعل داخل سوريا، وزارت لجنة التحقيق الدولية الأممية البلاد مؤخراً استعداداً لبدء عملها، فإنَّ المؤسسة المستقلة للأمم المتحدة المعنية بالمفقودين ما زالت بحاجة لبضعة أشهر قبل أن تبدأ تنفيذ مهامها. ومع ذلك، فإنَّ هناك دوراً محورياً للجنة الدولية لشؤون المفقودين (ICMP)، التي تأسست عام 1996، إذ
وذكرت أن على الحكومة الجديدة تحدد نطاق التعاون والمساعدة المطلوبة من اللجنة الدولية، ويمكن أن تكون هذه الدعوة مشابهة لما قامت به الحكومة الأوكرانية عام 2022، بحيث تضمن وصول اللجنة إلى مواقع المقابر الجماعية، وذلك بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني السورية.
وأوضحت الشبكة أهمية التعاون مع اللجنة الدولية لشؤون المفقودين (ICMP)، في التعامل مع ملف المفقودين بفعالية وكفاءة من خلال آليات توثيق دولية، إذ تتمتع اللجنة بخبرة واسعة في توثيق بيانات المفقودين باستخدام منهجية عمل صارمة تعزز مصداقية المعلومات، ما يجعلها مصدراً معتمداً وموثوقاً.