البرلمان الفرنسي يعدّل قانون خاص بملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم حرب في سوريا
رحب ناشطون ومدافعون عن حقوق الإنسان، بإجراء البرلمان الفرنسي تعديلاً على القانون الخاص بملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم في سوريا. وأوضحوا أن التعديل القانوني من شأنه زيادة ملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم حرب في سوريا، وتحديداً الذين وصلوا الأراضي الفرنسية.
وحسب مصادر حقوقية، فقد جاء التعديل من قبل البرلمان الفرنسي بعد قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، والذي قرر عدم اختصاص القضاء الفرنسي للنظر بجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا بسبب عدم وجود نص في القانون السوري يعاقب على هذه الجرائم، وبعد التعديل، بات المجال متاحاً أمام القضاء الفرنسي لمحاكمة أشخاص تورطوا في ارتكاب جرائم في سوريا، بعد إسقاط شرط وجود نص قانوني يعاقب على تلك الجرائم في القانون السوري.
ويوضح مدير «المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية»، المحامي أنور البني، أن التعديل جاء بعد تعذر محاكمة متهم سوري من قبل القضاء الفرنسي، لأن قانون العقوبات السوري لا ينص على محاسبة الجرائم ضد الإنسانية.
وأضاف البني لصحيفة "القدس العربي" أن التعديل يعطي القضاء الفرنسي القدرة على محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب، شريطة وجودهم على الأراضي الفرنسية.
وحول ارتباط التعديل بمحاكمة مجدي نعمة "إسلام علوش)" الناطق السابق باسم "جيش الإسلام" المعتقل في فرنسا منذ العام 2020، قال البني: "ننتظر بدء محاكمته لنعرف التهم الموجهة إليه، وغالباً هو يواجه تهم التعذيب، وهذه التهمة موجبة للمحاكمة وفق قانون العقوبات السوري".
ويستدرك البني: "لكن يبدو أن التعديل يأتي تمهيداً لمحاكمة نعمة، ومحاكمة عشرات المتهمين في فرنسا"، ويشير إلى وجود عشرات حالات التحقيق بتهم ارتكاب جرائم حرب في سوريا، لأشخاص يتواجدون الآن في فرنسا.
وعلى النسق ذاته، رحب المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان، وعضو "لجنة الدفاع عن معتقلي الرأي والضمير"، ميشال شماس، بخطوة البرلمان الفرنسي، مؤكداً لـ "القدس العربي" أن التعديل يضيف فرنسا إلى قائمة الدول الأوروبية التي تحاكم على الجرائم في سوريا، كما هو حال ألمانيا، لكن فرنسا لا زالت تطبق "الولاية القضائية" على نطاق ضيق.
لكنه يربط التعديل الفرنسي بمحاكمة مجدي نعمة، موضحاً أن محامي الأخير طعن بقرار القضاء، من حيث عدم توفر نص قانوني في قانون العقوبات السوري، يحاسب على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
يقول المحامي إن القوانين السورية لم تأت على ذكر الجرائم ضد الإنسانية أبداً، ولذلك جاء التعديل لإغلاق الباب على محامي نعمة.
وكانت عائلة "مجدي نعمة"، أصدرت مؤخرا بياناً إلى الرأي العام حول قضيته واستمرار اعتقاله دون حكم قضائي في فرنسا، مطالبة كل السوريين الأحرار اتخاذ موقف إنساني والمشاركة في توقيع عريضة موجهة للسلطات الفرنسية.
وتحدث بيان العائلة عن مرور عامين على اعتقال "مجدي" في فرنسا، دون محاكمة، منهم ثمانية أشهر لم يعرض فيهم على التحقيق نهائيا، مؤكدة أن هذا أمر لا تقبله شرعة دولية أو إنسانية أو دينية.
ولفتت العائلة إلى أنها عانت من الظلم على يد نظام الأسد باعتقال ابنها الأكبر في سجن صيدنايا مدة أربع سنوات وسبعة أشهر دون محاكمة، وأن ماجعلها تنتفض ضد النظام في سوريا، هو الممارسات التي يقوم بها، كما لفتت العائلة إلى شروعها بإرسال عريضة للسلطات الفرنسية لإنهاء المهزلة، التي يختبئ ممارسوها خلف ستار القضاء والعدالة، متحدثة عن جمع التواقيع من الشخصيات والمؤسسات الثورية، واستجابت شريحة كبيرة منهم، حيث وقعت هذه العريضة، ولكن تفاجأت العائلة برفض بعضهم للتوقيع، وفق تعبيرها.
وأوضحت العائلة أن العريضة لا تحوي موقفا سياسياً البتة، ولا يمكن أن تضر الموقع عليها بأي اعتبار، ففحوى العريضة، إن كان مجدي نعمة مجرمأ فحاکموه، وإن لم يكن فأطلقوا سراحه، لكن ما نرفضه هو المماطلة بالتحقيق دون وجود أسباب معتبرة.
واعتقل مجدي في كانون الثاني/يناير 2020، بعد وصوله إلى مدينة مرسيليا الفرنسية بهدف إكمال دراساته العليا ضمن منحة دراسية كطالب في برنامج «إيراسموس».
وفي وقت سابق نشرت عائلته صورة تبدو عليه آثار تعذيب شديد، وقالت إنها حصلت عليها من محامي الدفاع الذي تم توكيله للدفاع عنه، مؤكدة تعرضه لضرب عنيف من عناصر الدرك ومكافحة الإرهاب الفرنسية.