إدلب: ارتفاع أسعار الإيجارات يهدد استقرار العائلات وطلاب الجامعات
يشكو سكان مدينة إدلب من ارتفاع متسارع في إيجارات المنازل والشقق خلال الأشهر الأخيرة، ما ضاعف التزاماتهم المالية وفرض تحديات اقتصادية إضافية، في وقت يكافح فيه معظم الأهالي لتأمين احتياجاتهم الأساسية وسط ضغوط معيشية قاسية.
وفي هذا السياق، يروي أبو محمد، المقيم في مخيم تابع لقرية دير حسان بريف إدلب الشمالي، أنه لديه شاب وفتاة يدرسون في الجامعة، ففضل نقل سكنه إلى إدلب ليكون قريباً منهما. إلا أنه تفاجأ بالأسعار المرتفعة للمنازل، حيث لم يجد أي منزل مناسب لوضعه بأقل من 250 دولاراً، فيما كان أصحاب العقارات يصرون على الدفع المسبق، ما زاد من صعوبة تأمين سكن ملائم لعائلته.
أسباب تضاعف أسعار الإيجارات
يشير مراقبون إلى أن الارتفاع الأخير في أسعار الإيجارات بمدينة إدلب يعود إلى عدة عوامل، أبرزها زيادة الطلب على المنازل المستأجرة، وخصوصاً من قبل العائدين من المهجر والمغتربين الذين اختاروا العودة إلى البلاد بعد سقوط نظام الأسد.
وفضل هؤلاء العيش في منازل مستأجرة داخل المدينة، نظراً لأن وضعها أفضل مقارنة بالمناطق الريفية التي تضررت نتيجة القصف والنزوح. كما أن ضعف الخدمات هناك، وحاجة العديد من المنازل المتضررة لإعادة البناء أو التأهيل، جعل من الصعب تأمين سكن صالح للسكن.
إلى جانب ذلك، ساهمت ندرة اليد العاملة وارتفاع أجورها في إدلب، إلى جانب الزيادة المضاعفة في أسعار مواد البناء خلال الفترة الأخيرة، في رفع تكلفة العقارات، ما جعل إيجاد منزل أو شقة مناسبة أمراً أشبه بالتحدي بالنسبة للسكان.
ارتفاع الأسعار يرهق العائدين
وأدى ارتفاع أسعار الإيجارات إلى خلق عقبات كبيرة أمام العائدين من المهجر، سواء من لبنان أو تركيا أو غيرها، وخصوصاً لأولئك الذين لم تتح لهم فرصة العمل بعد، أو لم يبدأوا مشاريعهم الخاصة، ولم يتمكنوا من تأمين مصدر دخل مستقر، ما زاد من صعوبة تأسيس حياة جديدة في وطنهم.
تقول منال المصطفى: "عدنا من تركيا قبل نحو شهرين وأقمنا أولاً في منزل قريبتنا بمدينة الدانا، ثم قررنا الانتقال إلى إدلب مع افتتاح المدارس والجامعات. زوجي يبحث منذ شهر عن منزل مناسب، ولم يجد حتى الآن، الخيارات المتاحة أسعارها مرتفعة تفوق قدرتنا المادية".
ضغوط جديدة على المستأجرين السابقين
هذا الوضع انعكس أيضاً على المستأجرين السابقين من النازحين في مدينة إدلب، إذ بدأوا يتعرضون لضغوط من أصحاب العقارات، من خلال رفع الإيجارات أو إجبارهم على مغادرة منازلهم حال عدم تلبية مطالبهم المالية، ما زاد من صعوبة الحفاظ على استقرارهم وتأمين سكن ملائم.
نداء السكان للسلطات لضبط سوق الإيجارات
في ظلّ هذه الظروف، يطالب الأهالي في إدلب الجهات المعنية والسلطات المحلية بإصدار قوانين واضحة تضبط سوق الإيجارات، وتلزم أصحاب العقارات بعدم رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، إلى جانب تحديد حد أدنى وحد أقصى للإيجار، مع مراعاة الأوضاع الاقتصادية الصعبة للمستأجرين وظروفهم المعيشية.