تقرير حقوقي: النظام قتل 43 شخصاً تعذيباً بعد مرور تسعة أشهر على قرار "العدل الدولية"
أصدرت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" اليوم الخميس 15/ آب، تقريرها الدوري الثالث بعنوان “بعد مرور تسعة أشهر على قرار محكمة العدل الدولية النظام السوري قتل ما لا يقل عن 43 شخصاً بسبب التعذيب، واعتقل ما لا يقل عن 756 مدنياً بينهم 9 أطفال و24 سيدة“.
ولفتت الشبكة إلى أنَّ تقرير المراقبة الدوري الثالث يثبت انتهاك النظام الصارخ لقرار محكمة العدل الدولية، وعلى المحكمة إصدار تقييمها له، ويأتي ذلك ضمن سلسلة التقارير والأخبار التي تصدرها الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في إطار عملية المراقبة اليومية التي نجريها لمدى التزام النظام السوري بأمر محكمة العدل الدولية الصادر في 16/ تشرين الثاني/ 2023.
وتظهر البيانات الواردة في التقرير أنَّ النظام السوري لا يزال ينتهك بشكل صارخ الامتثال للقرار الدولي. على الرغم من الالتزامات القانونية المفروضة عليه، ولم يتخذ أي خطوات فعلية لإيقاف التعذيب في مراكز احتجازه، بل على العكس سجلت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان قيامه على نحو ملحوظ في استهداف المواطنين المقيمين، وكذلك اللاجئين والعائدين لمناطق سيطرته.
وأكدت أن هذا يثبت عدم جديته في التعامل مع قرار المحكمة، واستمراره في ارتكاب الجرائم والانتهاكات بحقِّ المعتقلين والمختفين قسرياً. مؤكدة أنَّ النظام السوري أظهر مراراً تجاهلاً كبيراً لقرارات المحكمة، ولطلبات الغالبية من المكلفين في ولايات الإجراءات الخاصة بمجلس حقوق الإنسان وكذلك لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة في الأمم المتحدة، خاصةً فيما يتعلق بمسألة الاحتجاز والتعذيب.
وجاء في التقرير أنَّه خلال الفترة المشار إليها، وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان انتهاكات جسيمة تمارس بشكل منهجي في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، بما في ذلك التعذيب والاعتداء الجسدي والنفسي على المعتقلين، حيث وثَّقت الشَّبكة ما لا يقل عن 756 حالة اعتقال تعسفي، بينهم 9 أطفال و24 سيدة، تمَّ اعتقالهم داخل مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، أفرج عن 97 حالة منهم، وتحول 659 منهم إلى حالة اختفاء قسري. منذ صدور قرار محكمة العدل الدولية في 16/ تشرين الثاني/ 2023، وحتى 15/ آب/ 2024.
وقد شملت هذه الاعتقالات العائدين قسرياً من “اللاجئين والنازحين” أثناء محاولتهم الوصول إلى مناطق عودتهم الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري، واللاجئين الذين عادوا عبر المعابر مع لبنان وتركيا “معبر كسب” و”مطار دمشق الدولي” في مدينة دمشق، مسجلة اعتقال ما لا يقل عن 156 حالة من اللاجئين الذين تمت إعادتهم قسرياً، والنازحين منذ مطلع عام 2024، بينهم 2 طفل و5 سيدات (أنثى بالغة)، من قبل قوات النظام السوري.
كما سجَّل التقرير مقتل ما لا يقل عن 43 شخصاً بسبب التعذيب داخل مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، منذ صدور قرار محكمة العدل الدولية في 16/ تشرين الثاني/ 2023، وحتى 15/ آب/ 2024، سجلنا تسليم 4 جثامين فقط من الضحايا لذويهم، بينما لم نسجل تسليم جثامين الضحايا الآخرين.
ومن بين ضحايا التعذيب ما لا يقل عن 4 ضحايا من اللاجئين الذين عادوا أو أُعيدوا قسرياً لمناطق سيطرة قوات النظام السوري. إضافة إلى تسجيل ما لا يقل عن 16 حالة، لمختفين تم تسجيلهم على أنَّهم متوفون في دوائر السجل المدني، وذلك منذ 16/ تشرين الثاني/ 2023، حتى 15/ آب/ 2024.
مشيرة إلى أنَّ من بين الحالات التي تم تسجيلها عدداً من الضحايا الذين هم على صلة قربى فيما بينهم، وحالات لنشطاء سياسيين وطلاب جامعيين، وفي جميع الحالات لم يُذكَر سبب الوفاة، ولم يُسلِّم النظام الجثث للأهالي، ولم يُعلن عن الوفاة وقت حدوثها. ومرجحة إلى أنَّ النظام السوري لا يزال يقوم بإرسال مزيدٍ من بيانات المختفين قسرياً في مراكز احتجازه إلى دوائر السجل المدني لتسجيلهم كمتوفيين.
استنتج التقرير إنَّ هذه البيانات تؤكِّد أنَّ النظام السوري مستمر في عمليات التعذيب بمختلف أشكاله، بدءاً من عملية الاعتقال التعسفي التي تعتبر شكلاً من أشكال التعذيب، حيث تتم بأسلوب أقرب إلى الخطف، ودون مذكرة قضائية، وما يتزامن معها من استخدام للعنف المفرط والضرب بمختلف أشكاله ودرجاته، والذي عادةً ما يبدأ منذ اللحظة الأولى للاعتقال، ويبقى متواصلاً طوال مدة الاحتجاز عبر إخضاع المعتقل لظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، وإحالته إلى محاكم استثنائية أمنية تشابه ظروف محاكمتها عمليات التحقيق في الأفرع الأمنية.
وأوصى التقرير محكمة العدل الدولية بأنَّ هذه القضية اختبار حقيقي لمصداقية وسلطة المحكمة الدولية، وتحتم عليها أن تتخذ إجراءات فورية وفعالة للتصدي لهذه الانتهاكات، وضمان تحقيق العدالة والمساءلة، لذلك لا بدَّ من اتخاذ كل الإجراءات الممكنة ضد النظام السوري، بما في ذلك إصدار قرار ملزم من مجلس الأمن يطالب بوقف التعذيب المنهجي الذي يُشكِّل جرائم ضد الإنسانية، ويدين انتهاك النظام السوري لقرار محكمة العدل الدولية.
وأوصى مجلس الأمن بفرض عقوبات على المسؤولين السوريين المتورطين بشكل مباشر في التعذيب والاعتقال التعسفي أو المسؤولين عنهما. وطالب مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بمسألة التعذيب بالاستمرار في مراقبة امتثال النظام السوري لأوامر محكمة العدل الدولية، وإصدار بيانات دورية توضح عدم التزامه بها. كذلك أوصى الجامعة العربية باتخاذ موقف واضح ضد ممارسات النظام السوري الوحشية تجاه قتل الشعب السوري تحت التعذيب، وإعادة تعليق عضوية سوريا في الجامعة حتى يمتثل لقرار المحكمة الدولية، إلى غير ذلك من توصيات.