رغم استعراضات النظام بـ"يوم الفرح" .. توزيع كتب مهترئة يعكس مدى تردي واقع التعليم وفساد النظام
أعلن إعلام النظام عن انطلاق فعاليات "يوم الفرح" مع افتتاح العام الدراسي 2022 - 2023، ورغم الترويج الإعلامي وحفلات الافتتاح لهذا اليوم سرعان ما وردت عشرات الشكاوى حول عدم توفر الكتب المدرسية فيما جرى توزيع كتب مهترئة على صفوف المراحل الدراسية ما أثار حالة استهجان واستياء كبيرة مع الأهالي والتلاميذ معاً، وفضح كذبة الحفلات التي دفع تكلفتها الأهالي.
ونشر عدد كبير من صفحات مديريات التربية والمدارس ضمن مناطق سيطرة النظام مشاهد مصورة تظهر استعراضات لافتتاح العام الدراسي الجديد، الذي ترافق مع رفع صور بأعداد كبيرة للإرهابي "بشار الأسد"، وذلك تحت شعار "التحول في التعليم" في يوم الفرح الذي يطلقه نظام الأسد سنوياً، وسط تردي واقع التعليم إلى مستويات غير مسبوقة.
وبدلا من لجوء تربية النظام إلى التعميم على المدارس لاقامة اجواء احتفالية استعراضية مع انطلاقة العام الدراسي والتي دفعت تكاليفها من جيوب إدارات المدارس والأهالي، كان من الاجدى به تركيز الاهتمام على توفير كتاب مدرسي لائق خاصة لتلاميذ المرحلة الابتدائية.
وذكرت مصادر محلية أن توزيع الكتب الجديدة اقتصر فقط على المدارس التي خصصت لتقام فيها تلك الاحتفالات وأمام الكاميرات فقط، ونوهت إلى أن عملية تدوير الكتب للصفوف الابتدائية وتوزيع نسخ قديمة مستعملة ومحلولة ومهترئة على تلاميذ تلك الصفوف أثار امتعاض الأهالي في الوقت نفسه وأفسد عليهم انطلاقة العام الدراسي.
وأعرب الأهالي عن استغرابهم من لجوء وزارة التربية لهذا الإجراء في التعامل مع الكتب المدرسية للصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية والتي هي بحاجة إلى كتب جديدة من شأنها أن تحفزها على الإقبال على التعلم وتحقيق الفائدة بشكل أكبر مما لو كانت الأسئلة محلولة في كتب قديمة أو مهترئة متسائلين ما الفائدة المرجوة من توزيع كتب قديمة والأسئلة فيها محلولة على طلاب المرحلة الابتدائية.
وتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، منشورات كثيرة لأشخاص يعرضون كتبهم القديمة للبيع، ويلاحظ إقبال كبيرة على هذه المنشروات والبحث عنها، خاصة أنها تباع بأثمان أرخص من تلك في السوق السوداء، ما يزيد أعباء إضافية على الأهل.
وتكشف هذه الإجراءات عمليات فساد وسرقة للأموال المقدمة من جهات دولية مانحة لملف التعليم، وتساءل الأهالي, لماذا تلجأ الوزارة لهذه الخطوة إذا كانت الكتب الجديدة لتلك الصفوف موجودة لدى مستودعات الكتب المدرسية ولماذا تعلن الوزارة جاهزيتها لانطلاقة العام الدراسي والكتب الجديدة غير متوفرة في المدارس.
يضاف إلى ذلك عدة تساؤلات منها هل المطلوب من كل أسرة أن تتكبد أعباء مادية اضافية لشراء نسخ جديدة لابنائها وفقاً للأسعار التي حددها المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية التابع لوزارة التربية تضاف إلى أعباء الأسعار وأجور النقل والمحروقات ومياه الشرب وغيرها.
وبرر مدير عام المؤسسة العامة للطباعة في وزارة التربية، لدى نظام الأسد "علي عبود"، بقوله "يتم طباعة الكتب المدرسية محلياً، وبمطابع داخل سوريا حصراً، حيث تمّ الإعلان عن مناقصات تقدّم إليها عدد من المطابع العامة والخاصة، وزعم أن عدد الكتب الجديدة الموزّعة لهذا العام بأعداد الطلاب للفصل الأول 29 كتاب، وهي كتب الصفين الأول والثاني، والأنشطة من الصف الأول وحتى الصف التاسع".
وأضاف أن كافة المحافظات التي درست على النظام القديم العام الماضي توزّع لديها كتب جديدة بأعداد الطلاب، وباقي العناوين يعاد توزيعه من الكتب المستردة الصالحة للتوزيع بنسبة معينة وفق البلاغات الوزارية، زاعما أن كتب الصف الأول والثاني توزّع جديدة وبأعداد الطلاب لكافة المواد عدا التربية الإسلامية، الموسيقا، والفنية تدوّر بنسبة معينة
وحول الميزانيّة التي يتم تخصيصها للكتاب المدرسي، ذكر أن "المؤسسة العامة للطباعة مؤسسة عامة ذات طابع اقتصادي، يتم تمويلها بموجب الدفعات المالية التي تحوّل لها من وزارة المالية وفق العجز المقدر في موازنتها التقديرية السنوية، يضاف إلى ذلك الإيرادات المتحققة من بيع كتب المرحلة الثانوية المهنية الصناعية، وبسعر أقل من التكلفة".
وزعم مدير تربية ريف دمشق "ماهر فرج"، بأن هناك تشديد من الوزارة على أن الكتاب المدرسي مقدس لا ينبغي تواجده بالسوق السوداء، وقدر أن اليوم الأول من العام الدراسي استقبلت المدارس 850 ألف طالب وطالبة ضمن 1692 مدرسة والحملة الإعلامية التي أطلقتها التربية بالتعاون مع اليونسيف ساهمت بالتحاق الطلاب بنسبة كاملة بريف دمشق.
وتحدث عن توزيع 3.5 مليون كتاب تم توزيعهم مع الأيام الأولى للعام الدراسي وربما هناك انخفاض بتوزيع الكتب المدرسية لكن نتيجة التكاليف صعوبة تأمين طباعة الكتاب اقتصر توزيع الكتب الجديدة على طلاب الأول والثاني والثالث وبالمقابل استخدمنا الكتب المدورة من الأعوام الماضية، وفق تعبيره.
فيما تصاعدت هذه الشكاوى حيث قال مسؤول تربوي بحمص بأن كتب الصف السابع معظمها مستعملة، ونسبة الجديد فيها لا تتجاوز 10%، أما الصف الثامن معظمها كتب قديمة عدا المواد العلمية، ونسبة المدّور في الصف التاسع تراوحت بين 15-20% لافتا إلى عدم توزيع كتب جديدة للغتين الإنجليزية والفرنسية.
وتدفع هذه الممارسات من قبل تربية النظام الأهالي إلى التوجّه نحو المكتبات والمستودعات لشراء نسخ جديدة، في ظل الغلاء الفاحش وضيق الأحوال المادية للسوريين، فمعظم الأسر تعجز عن ذلك، وعلى الطالب أن يدرس في الكتب الموزّعة حتى لو كانت تعمي البصر والبصيرة، وفق تعبير عدد من الأهالي ممن لا يقدرون على شراء نسخ جديدة بأسعار تفوق قدرة المواطنين الشرائية.
وكانت أصدرت تربية النظام في 10 نيسان الماضي تعليمات استرداد الكتب المدرسية الموزّعة مجاناً في مرحلة التعليم الأساسي، تخفيضاً لأعداد النسخ المطبوعة سنوياً وأشارت التعليمات حينها إلى أنه يتم تغريم تلاميذ الصفوف من الرابع وحتى التاسع بقيمة كل كتاب لا تتم إعادته إلى المدرسة بموجب إيصالات مالية معتمدة ترفق بجداول منظمة لهذه الغاية.
هذا وتصدرت هذه مشكلة الكتب المهترئة والمستعملة مواقع التواصل الاجتماعي منذ الأحد الماضي، بعد أن تم تسليمها من تربية النظام رغم تخصيص المليارات لطباعة الكتب المدرسية والحصول على منح مالية بهذا الشأن، وقال مدير إحدى مدارس التعليم الأساسي بطرطوس إن "واقع الكتاب المدرسي هذا العام سيء للغاية" وأضاف أنه: "تم تخصيص المدرسة بكتب جديدة تكاد لا توزّع على أكثر من 25 طالب من أصل 300 طالب مسجّلين لديها".