مُدّعياً "الإصلاح" مُتوعداً بـ"الحسم".. "الجـ ولاني" يتهم "الحراك الشعبي" بالانحراف لتبرير قمعه
خرج "أبو محمد الجولاني" القائد العام لـ "هيئة تحرير الشام"، اليوم الأربعاء 15 أيار/ مايو 2024، بتصريحات جديدة في لهجة تحمل التوعد بالتصعيد ضد الحراك الشعبي المتواصل ضده، مجدداً الحديث عن خطوطه الحمراء ومدعياً تنفيذ الإصلاحات، في وقت اعتبر أن المنطقة دخلت مرحلة جديدة، وفق مانقلت وزارة الإعلام في "حكومة الإنقاذ".
وقال "الجولاني" في حديثه، إنه أطلق تحذيرات سابقة موجه إلى من يريد المساس بالمصالح العامة، وذكر أن هذا المساس يشكل تجاوز لخطوط حمراء ستتحرك السلطة لمواجهته وذلك في تهديد علني ضد الحراك، وتحدث عن "تلبية معظم المطالب المحقة وبقي باقي المطالب لا يزال العمل عليها قائماً"، على حد قوله.
وزعم أن "المطالب قد انحرفت عن مسارها الحقيقي، وتحولت إلى حالة من التعطيل للمصالح العامة في المحرر"، واستخدمت أساليب تؤدي إلى تعطيل الحياة المؤسساتية والعامة في المحرر، وذلك في إشارة إلى الاعتصام الذي تم فضه بالقوة على يد جهازه الأمني.
وفي سياق متصل، كرر "الجولاني"، رواية إعلامه وحكومته حيال فض اعتصام المحكمة العسكرية بالقوة، واعتبر أن "الأمن العام تدخل وحسم الموقف بعد حصول الاعتداء على أهالي إدلب، أثناء مناصحتهم لهؤلاء الناس للمرة الثالثة"، وأضاف "لن نسمح أن تعود حالة الفوضى والتشرذم إلى المحرر"، وفق تعبيره.
واتهم المتظاهرين بـ"تعطيل المحرر، وقطع الطرقات وإزعاج الناس والألفاظ النابية، وحمل السلاح في المظاهرات" واعتبر أن من بين كل الوسائل التي تملكها السلطة، في الفترة الماضية، لم تستخدم إلا لغة الحوار والمسارعة في تلبية مطالب الناس، بالقدر الذي نستطيعه ضمن الظروف العامة الشاملة للمحرر.
كما اتهم الجولاني، خصومه بالحقد وذكر ولن نتهاون مع أي شخص أو تجمع أو حزب أو فصيل يريد إيذاء المحرر، وذكر أن الأهالي في المحرر ليسوا حقل تجارب لأحد، كل فصيل أو حزب يريد أن يجرب أفكاره التي فشلت على مدار 100 عام.
وقدر أن النمو في المحرر سريع مقارنة بالمناطق التي تعاني من حروب وصراعات، وكل عام يكون أفضل من قبله، وهذا يدل على أن المسيرة تصاعدية، حتى ولو كانت بطيئة، وتحدث عن تقديم خدمات كثيرة دون مظاهرات مطالبة بها، مثل المشفى الجامعي والمدينة الصناعية، ودعم الإنتاج الزراعي.
وفي تبني لنظرية المؤامرة، طرح عدة تساؤلات منها، "لصالح من يريد البعض إدخال المحرر في حالة من الفوضى؟" و"ما الصورة التي يراد تصديرها للعالم، عن الثورة السورية المباركة؟"، داعيا إلى التوحد ضد من "يريد الإخلال بالموازنات" حسب قوله.
ويوم أمس ألقى وزير الداخلية لدى حكومة الإنقاذ محمد عبد الرحمن كلمة تعليقا على الأحداث الأخيرة الحاصلة معتبرا أن الوزارة عملت في الفترة الأخيرة على جملة من الإصلاحات، إعادة دمج جهاز الأمن العام ضمن وزارة الداخلية، وإصلاح القوانين والإجراءات، وتوعد بالضرب بيد من حديد.
وفي 12 آذار/ مارس، الماضي قالت وسائل إعلام تابعة لـ"تحرير الشام"، إن "الجولاني"، عقد اجتماعاً مع "القوى الثورية والمؤسسات العامة وفعاليات المجتمع المدني"، وذلك لـ"مناقشة الأحداث الأخيرة"، وبثت صورا ومشاهد من الاجتماع.
وظهر "الجولاني"، منفعلاً في حديثه من الحراك الشعبي المستمر ضده حيث حذر المتظاهرين في تهديد مبطن، بقوله "هناك مطالب أعتقد أن الوقت لا يسمح لها الآن، وستؤثر على مسار حياة عامة الناس، وهناك حد وخطوط حمراء في المحرر، يجب أن يعيها الجميع، أرجو أن لا يصل أحد إليها".
ورغم عدم ذكره هذه "الخطوط الحمراء" صراحةً إلا أنها فسرت كتهديد واضح في حال استمرار المحتجين بالحراك ضده، معتبرا أن هناك أطراف تسعى إلى خراب المحرر، داعيا المتظاهرين إلى كف يد هؤلاء، وأضاف مهدداً ومتوعداً "في حال تدخلنا سنتدخل بشكل شديد"، على حد قوله.
وتابع في حديثه، "لم نسمح لأحد على الإطلاق أن يمس المحرر بسوء، وما وصلنا إليه من مكتسبات بالمحرر لن نعود فيها إلى الخلف والمربع الأول، كونها تمت بالدماء والأشلاء والتضحية"، واعتبر أنه بحال طبق المطالب المتفق عليها يجب الانتباه والعيش بأمان وسلام في المحرر.
وقال "الجولاني"، هناك جهات "لم يسمها" متضررة من انضباط المحرر وتريد العودة إلى الخلف في ظل استغلال بعض المطالب المحقة، والحادثة الأخيرة في إشارة إلى "قضية العملاء"، وأضاف: "بعد هذا المجلس أرجوا أن يكون تم حل الأمر، بالنسبة للمطالب والتجاوزات خلال التحقيقات الأخيرة".
وخاطب الحضور وبينهم شخصيات حكومية وإعلامية وقادة من الجناح العسكري ووجهاء بقوله، "ليس الأمر بالعبث، وطالبهم بتنبيه كل من خلفهم بأن لا يصلوا إلى الخطوط الحمراء المرسومة في المحرر، معتبراً أن "الخط الأحمر، هو أن تمس الثورة السورية المباركة بضرر كبير".
ولم يتجاهل "الجولاني"، المطلب الأساسي للحراك وهو إسقاطه إلا أنه راوغ خلال تطرقه لهذا الموضوع قائلا: "ليس هناك خلاف على السلطة، تستطيعون من مجلسكم هذا الآن، الاتفاق على شخص يسمع له غالبيتكم، بنسبة 60_70%، وأنا أسلم له كل ما لدي لقيادة المحرر إلى بر الأمان".
واشترط بالقيادة الجديدة السير بضوابط مشيراً إلى أن الحضور يمثل كافة شرائح المجتمع، وذكر أنه تم دعوة كل من يستطيع دعوته ومن تخلف يتحمل مسؤولية ذلك، وكرر "الجولاني"، ظهوره بعد إثارة قضية العملاء والاحتجاجات ضده، إلا أنه المرة الأولى يرسل رسالة التهديد بشكل مباشر، وسط مؤشرات على محاولة ترهيب المتظاهرين ومخاوف من قمعهم بالقوة.
ويذكر أن قيادة الهيئة عولّت سابقا على امتصاص حالة الغضب في الشارع الثوري، وتقديم الوعود بالإصلاحات، لكسب وقت إضافي وعدم توسع المشهد الاحتجاجي في عموم المناطق المحررة، في وقت ألمحت مصادر "شام" حينها إلى أن "الجولاني" لن يقف مكتوف الأيدي في حال خرجت الأمور عن السيطرة، وأنه مستعد لإدخال المنطقة بحالة فوضى عارمة من عمليات تفجير واغتيال وتسلط اللصوص وقطاع الطرق، يجبر الحراك على خيارات ضيقة في الاستمرار أو الفوضى.