مصادر حكومية لبنانية تُشكك بجدية نظام الأسد للتجاوب بملف إعادة اللاجئين السوريين
شككت مصادر حكومية لبنانية، في جدية نظام الأسد، للتجاوب مع الجهود المتعلقة بملف إعادة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا، وقال مصدر رسمي لبناني لصحيفة "الشرق الأوسط"، إن المسؤولين السوريين "يفكرون بشيء ويقولون شيئاً، لكنهم يفعلون شيئاً آخر، وبالتالي يفترض انتظار ما إذا كانوا سيكونون متعاونين حقيقة عند الوصول للتطبيق".
وقال المصدر، إن الجهد الأساسي الذي يفترض أن يبذل اليوم يجب أن يكون داخل لبنان، "من خلال تجميع المعلومات التي تفرز اللاجئين بين من دخل قبل 2015 وبعد ذلك، ليتم ترحيل كل الأعداد التي دخلت بعد قرار الحكومة اللبنانية وقف استقبال اللاجئين".
وكان أجرى مدير الأمن العام اللبناني إلياس البيسري، المكلف من الحكومة اللبنانية بالتواصل مع دمشق، لإيجاد حل لملف المسجونين السوريين في لبنان، زيارة إلى العاصمة السورية، وما نُقل عنه من تجاوب السلطات مع كل ما طرحه، وإبداء استعدادها لتقديم كل ما يلزم من أجل تسهيل هذه العودة.
وكانت طالبت 20 منظمة حقوقية لبنانية ودولية، بينها "العفو الدولية"، السلطات اللبنانية بوضع حد لممارسات "الإعادة القسرية والتعذيب" بحق اللاجئين السوريين، وطالبت في بيان لها، باحترام التزاماتها الدولية، وضمان محاسبة جميع حالات التعذيب وسوء المعاملة، من خلال إجراء تحقيق فعال، ووقف عمليات الترحيل غير القانوني للاجئين السوريين على الفور.
ودعا بيان المنظمات الذي نشره "مركز وصول لحقوق الإنسان"، السلطات والسياسيين في لبنان، للامتناع عن نشر معلومات مضللة أو خطاب كراهية حول اللاجئين السوريين، "الأمر الذي يتسبب في زيادة التوترات بين اللاجئين والمجتمع اللبناني المضيف".
وأكد على ضرورة اعتبار السوريين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، مقيمين قانونياً، وإنشاء مسارات شفافة وسهلة وميسورة التكلفة للاجئين السوريين لتسوية وضعهم دون تمييز.
وشدد البيان، على أهمية أن يتأكد الاتحاد الأوروبي ودوله، من أن أي أموال تم التعهد بها لدعم اللاجئين السوريين في لبنان لا تساهم في انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والترحيل القسري إلى سوريا.
وسبق أن قال "بسام المولوي" وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، إن لبنان ليس بلداً للبيع ولا يمكن إغراؤه بمساعدات هدفها إبقاء السوريين أو توطينهم في لبنان، معبراً عن ارتياحه لنتائج الخطة الأمنية التي أقرتها وزارته وبدأت تطبيقها في نيسان الماضي.
وأوضح في حديث صحيفة "الشرق الأوسط"، أن عودة السوريين إلى بلدهم يجب أن تكون آمنة، أما بالنسبة إلى مقولة العودة الطوعية، فيجب أن يكون ضمن إمكانيات وسياسة الحكومة اللبنانية وتقديرها، وأكد أنه مع العودة الآمنة للاجئين السوريين، أما موضوع العودة الطوعية فأمر لا أقرّه وفيه نظر.
وأضاف المولوي أن الخطة لها أربعة أهداف هي، منع المخالفات، ملاحقة المطلوبين وتطبيق القانون، توفير الشعور بالأمن، رفع معنويات القوى الأمنية لتنفيذ مهماتها، وأشار إلى أن الخطة حصدت نجاحاً واضحاً، حيث انخفضت معدلات الجريمة بشكل كبير.
وختم المولوي بالتأكيد أن ملف اللاجئين السوريين شائك جداً، ومرتبط بالسياسة الدولية وبالمواقف الغربية وبالداخل السوري، وأن الحل مرتبط بالحل المتكامل للأزمة السورية، لكن لبنان لا يستطيع انتظار هذا الحل المتكامل.
وسبق أن طالب "نجيب ميقاتي" رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عقب جلسة وزارية، جميع الوزراء في حكومته، كلاً حسب اختصاصه، بالاجتماع مع نظرائهم في حكومة الأسد في سوريا، مؤكداً أهمية التنسيق مع دمشق في ملف اللاجئين السوريين وغيره من المواضيع.
وقال وزير الإعلام زياد مكاري، إن لدى الأمن العام اللبناني "خطة"، سيمضي في تطبيقها، لكنها تحتاج إلى تنسيق مع قيادة الجيش لحماية الحدود، لأن كل لاجئ يتم ترحيله يمكن أن يعود مجدداً، ولفت إلى أن بيانات السوريين، التي حصل عليها لبنان من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، "ينقصها شيء مهم جداً، وهو تواريخ دخول هؤلاء النازحين إلى لبنان".
وكانت حذرت "دانيا قليلات الخطيب" مديرة "المركز الاستشاري الاستراتيجي للدراسات"، من تصاعد خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين في لبنان، والذي من الممكن أن يؤدي إلى انفجار، مطالبة الحكومة اللبنانية بـ "الاستيقاظ ووضع سياسة جديدة تجاه أزمة اللجوء".
وقالت الخطيب في مقال نشرتها في صحيفة "عرب نيوز"، إن الحكومات اللبنانية المتعاقبة اختارت عمداً عدم صياغة سياسة تتعلق باللاجئين، "وبدلاً من ذلك، تم استخدام المشكلة على المستوى التكتيكي اعتماداً على الحاجة، وكانت قضية اللاجئين ورقة مستخدمة محلياً".
ولفتت إلى أن الحكومة اللبنانية الحالية، التي يهيمن عليها المعسكر المؤيد لدمشق و"حزب الله" اللبناني، تستخدم اللاجئين للضغط على المجتمع الدولي لقبول بشار الأسد وتخفيف العقوبات، وطالبت المجتمع الدولي إلى الضغط على الحكومة اللبنانية لإحصاء السوريين في لبنان من أجل أن يكونوا قادرين على الحكم على من هم لاجئون حقيقيون ومن ليسوا كذلك.
وطالبت الخطيب، الحكومة اللبنانية باعتماد سياسة "واضحة وشفافة"، وإدراك أن خطاب الكراهية السائد لن ينجح، و"رغم أنه قد يخلق إلهاء لحظياً، إلا أن آثاره قد تكون أمنية خطيرة".