مركزان قانونيان يؤكدان فشل نظام الأسد بتطبيق قانون "تجريم التعذيب" بموجب القانون الدولي
كشفت ورقة تحليلية صادرة عن "البرنامج السوري للتطوير القانوني" ومركز "دياكونيا للقانون الدولي الإنساني"، عن فشل نظام الأسد في تطبيق قانون تجريم التعذيب بموجب القانون الدولي، في ظل تسجل آلاف الانتهاكات التي مارسها النظام بحق المعتقلين في سجونه.
وأكد التحليل، أن ضحايا التعذيب وسوء المعاملة في سوريا يواجهون عقبات كبيرة في السعي لتحقيق العدالة والإنصاف على الرغم من تضمين قانون تجريم التعذيب في القانون السوري، ووثق التحليل فشل قانون تجريم التعذيب في ضمان الحظر المطلق للتعذيب في السجون السورية، بناء على التزامات دمشق بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.
ولفت التحليل، إلى أن قانون تجريم التعذيب في سوريا، فشل في معالجة الاختفاء القسري كشكل من أشكال التعذيب، في ظل عدم الاعتراف بأثر التغييب القسري على الأسر، وعدم توفير سبل الانتصاف للضحايا.
وأشار إلى أن القانون لم يضع حدًا للإفلات من العقاب الذي يتمتع به أفراد القوات الحكومية والأجهزة الأمنية ومديرية المخابرات العامة، ما أدى إلى انتهاك حق الضحايا في التحقيق والوصول إلى الانتصاف القضائي.
وسبق أن أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تقريرها السنوي الثاني عشر عن التعذيب في سوريا، بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب 26/ حزيران، وقالت فيه إنَّ ممارسات التعذيب في سوريا مستمرة دون محاسبة المتورطين فيها وإنَّ حصيلة الذين قتلوا بسبب التعذيب قد بلغت 15281 شخصاً منذ آذار/ 2011 حتى حزيران/ 2023 بينهم 198 طفلاً و113 سيدة (أنثى بالغة).
اشتملَ التقرير، على كمٍّ واسع من حوادث التعذيب، وشهادات ناجين من الاعتقال والتعذيب، وكذلك حوادث موت بسبب التعذيب، التي تم تسجيلها في غضون عام منذ 26/ حزيران/ 2022، وقال إن التعذيب يرتبط بشكل عضوي بعملية الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، لكنه لا يقتصر عليهما، ولا يزال هناك ما لا يقل عن 155 ألف شخصٍ قيد الاعتقال والاحتجاز التعسفي في سوريا من قبل أطراف النزاع.
وأكد أن النظام السوري مسؤول عن 88 % والغالبية العظمى منهم هم معتقلون سياسيون على خلفية الحراك الشعبي، وجميعهم يتعرضون لشكل أو أشكال عدة من أساليب التعذيب على مدى سنوات عديدة، فلا يوجد في سوريا حد زمني يتوقف فيه التعذيب منذ اللحظة الأولى للاحتجاز التي تتم بعيداً عن أي محددات قانونية حقيقية ويستمر بشكل مفتوح بمختلف أنماط التعذيب.
وثق التقرير مقتل ما لا يقل عن 15281 شخصاً بسبب التعذيب منذ آذار/ 2011 حتى حزيران/ 2023 على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، من بينهم 198 طفلاً و113 سيدة (أنثى بالغة)، النظام السوري مسؤول عن مقتل 15039 بينهم 190 طفلاً و94 سيدة، وتنظيم داعش مسؤول عن مقتل 32 بينهم 1 طفلاً و14 سيدة، أما هيئة تحرير الشام فمسؤولة عن مقتل 34 بينهم 2 طفلاً بسبب التعذيب.
وبحسب التقرير فإنَّ 94 شخصاً بينهم 2 طفلاً و2 سيدة قد قتلوا بسبب التعذيب على يد قوات سوريا الديمقراطية، فيما قتل 53 بينهم 1 طفلاً و2 سيدة بسبب التعذيب على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، وسجل التقرير مقتل 29 شخصاً بينهم 2 طفلاً و1 سيدة على يد جهات أخرى.
ووفقاً للتقرير فإنَّ النظام السوري قد اعتقل العدد الأكبر من المواطنين السوريين، ولا يزال لديه العدد الأكبر منهم، ومن المختفين قسرياً، ويتزامن التعذيب طوال مدة اعتقال الشخص، ورصد التقرير ممارسة النظام السوري لعمليات التعذيب في كثير من الأحيان على خلفية انتماء الضحية لمنطقة ما مناهضة له، كنوع من الانتقام الجماعي في مراكز احتجازه، وأشارَ إلى أنَّ محافظتي درعا وحمص كانتا في مقدمة المحافظات التي فقدت أبناءها بسبب التعذيب، كما استعرض التقرير المؤشر التراكمي لحصيلة الوفيات بسبب التعذيب في سوريا منذ عام 2011.
وتحدث التقرير عن قانون تجريم التعذيب رقم 16 الذي أصدره النظام السوري في 30/ آذار/ 2022 وأكد أنَّ هذا القانون سيبقى حبراً على ورق ولن يسهم في ردع الأجهزة الأمنية عن ممارسة التعذيب ما دامت بقية القوانين القمعية التي تعطي حصانة للأجهزة الأمنية من أية ملاحقة قضائية والمتعارضة مع العديد من مواد قانون العقوبات العام والدستور الحالي.
إضافةً لذلك عدم وضع آلية واضحة وحقيقية تمكن الأهالي والضحايا من الإبلاغ عن عمليات التعذيب التي يتعرضون لها وتقديم الدعاوي بشكل فعال بسبب سطوة الأجهزة الأمنية، وعدم توفير الحماية لمقدم الشكوى أو الإبلاغ عن هذه الجريمة، والحفاظ على السرية وحماية الشهود والخبراء وأفراد أسرهم.
ووثق التقرير مقتل ما لا يقل عن 48 شخصاً، بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، منذ صدور قانون تجريم التعذيب رقم 16 في 30/ آذار/ 2022 حتى حزيران/ 2023. إضافةً إلى عمليات الاستدعاء من قبل الأجهزة الأمنية في مختلف المحافظات السورية استهدفت ذوي ضحايا التعذيب، وتم التحقيق معهم وتحذيرهم من الإعلان عن الوفاة، وتهديدهم بإعادة اعتقالهم في حال قاموا بذلك.
وقال التقرير إنه وفقاً للقانون الدولي الإنساني يتحمل القادة والأشخاص الأرفع مقاماً مسؤولية جرائم الحرب التي يرتكبها مرؤوسوهم، وعرض قائمة جديدة لأبرز أسماء المتورطين لدى النظام السوري في جريمة التعذيب، بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان الخاصة ببيانات مرتكبي الانتهاكات، كما طالب لجنة التحقيق الدولية المستقلة عن سوريا بالكشف عن أسماء الأفراد الذين تحققت من تورطهم في ارتكاب انتهاكات فظيعة تُشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ومن ضمنها جريمة التعذيب.
وأثبت التقرير أنّ جميع القوى المسيطرة في سوريا قد مارست التعذيب ضد خصومها، وبأن هذه الممارسات ما زالت مستمرة حتى الآن وأنّ النظام السوري قد انتهك بشكل واضح نصوص الدستور السوري، وبنود اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها سوريا في عام 2004، وتلاعبَ في سنِّ القوانين والتشريعات التي تحمي عناصر قواته من أية ملاحقة.
أوصى التقرير مجلس الأمن والأمم المتحدة بإيجاد آلية لإلزام كافة أطراف النزاع وبشكل خاص النظام السوري لوقف عمليات التعذيب، والكشف عن أماكن جثث الضحايا وتسليمها للأهالي. وأوصى المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عقابية جديَّة بحق النظام السوري لردعه عن الاستمرار في قتل المواطنين السوريين تحت التعذيب، والضغط على بقية أطراف النزاع بمختلف الطرق الممكنة لوقف استخدام التعذيب بشكل نهائي.