منظّمات سورية ودولية تُطالب لبنان بوقف الترحيل القسري والتدابير الظالمة بحق اللاجئين السوريين
شدّدت سبع منظّماتٍ سورية ودولية، في بيانٍ مشترك، أنَّ على لبنان أن توقف عمليات الترحيل القسري للاجئين السوريين وأن تُلغي التدابير الظالمة غير المسبوقة التي أعلنت عنها يوم 8/ أيار/ 2024. وطالب البيان من الدول المانحة أن تطالب لبنان باحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية، وأن تضمن أنَّ المساعدات التي تقدّمها لا تُستخدم في تسهيل عمليات الترحيل التعسّفية.
وقامت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بزيارةٍ إلى العاصمة اللبنانية بيروت يوم 2/ أيار/2024، حيث أعلنت عن حزمة مساعدات تبلغ قيمتها مليار يورو للبنان بهدف الحدّ من تدفّق اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبي، ومن المخطّط أن يُخصّص ما نسبته الخمس من هذه الحزمة لدعم الجيش اللبناني وهيئات ضبط الحدود والهجرة التابعة للسلطات الأمنية اللبنانية. ومنذ حينئذٍ، ضاعفت السلطات اللبنانية من الضغوط المفروضة على السوريين المقيمين في لبنان بسنّها سياساتٍ جديدةٍ تدفع المزيد من اللاجئين إلى مغادرة البلاد.
وقد أعلنت المديرية العامة للأمن اللبناني يوم الأربعاء، 8/ أيار عن مجموعةٍ جديدةٍ من القواعد والتنظيمات من بينها، الطلب من السوريين المخالفين لنظام الدخول والإقامة، التوجه مباشرة إلى الدوائر والمراكز الحدودية لمنحهم التسهيلات اللازمة لتسوية أوضاعهم ومغادرة الأراضي اللبنانية تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقِّ غير المغادرين.
كذلك التشديد على المواطنين اللبنانيين عدم تشغيل أو إيواء، أو تأمين سكن لسوريين مقيمين بطريقة غير شرعية في لبنان، تحت طائلة تنظيم محاضر ضبط إدارية وعدلية بحقِّ المخالفين، وعدم السماح للسوريين المسجّلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ممارسة أي عمل مأجور من خارج قطاعات العمل المحددة لهم.
منها أيضاً استئناف تنظيم عمليات العودة (الطوعية والآمنة) للرعايا السوريين الراغبين بالعودة إلى بلادهم برعاية المديرية العامة للأمن العام، ووقف العمل بمنح أو تجديد إقامات بموجب عقد إيجار سكن، ووقف العمل بمنح أو تجديد إقامات سنداً لتعهد المسؤولية – شخصي، وتعديل شروط تجديد الإقامات بموجب كفالة مالية.
وتضمنت إقفال كافة المؤسسات والمحال المخالفة التي يديرها أو يستثمرها سوريون، واتخاذ الإجراءات المناسبة بحق ِّكلِّ من يستخدم عمالاً أجانب خلافاً لنظام الإقامة وقانون العمل.
وأوضحت المنظمات أنه منذ يوم 9/ أيار/ 2024، تمّ تنفيذ عشرات الاقتحامات والاعتقالات في مختلف أنحاء لبنان، وفي الوقت ذاته أعلنت الحكومة اللبنانية استئناف برنامج قوافل العودة إلى سوريا. كما أُغلق عددٌ من محال السوريين، مع ورود تقارير عديدة عن إلغاء عددٍ من الإقامات.
ومن الجدير بالذكر أنَّ ما لا يقلّ عن 83% من اللاجئين السوريين لا يستطيعون تحصيل إذن إقامةٍ قانوني، ويُضاف إلى ذلك أنّ الحكومة اللبنانية تعتبر أنَّ وجود أي سوري دخل لبنان بطريقةٍ غير نظامية بعد نيسان/ 2019 وجوداً غير قانوني. وفي ظروفٍ كهذه، فإنّ مئات آلاف السوريين يواجهون خطر الترحيل القسري الُمحدِق إلى سوريا خصوصاً بعد سنّ هذه التدابير الجديدة.
وأكدت المنظمات أنه ليس هناك مكانٌ في سوريا يمكن وصفه بأنَّه آمنٌ لعودة اللاجئين، ولا يزال موقف الأمم المتحدة هو أنَّ الظروف في سوريا “غير مناسبةٍ لعودةٍ كريمةٍ وآمنة”. في نيسان/ 2024، وجدت وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء (EUAA) أنَّ سوريا، بمختلف مناطقها لا تزال تعاني من مستوياتٍ عاليةٍ أو حقيقيةٍ من العنف العشوائي.
ويُضاف إلى ذلك أنَّ مستويات العنف قد وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ 2020. وفي شباط وآذار/ 2024، أصدرت كلٌّ من لجنة التحقيق الدولية المستقلة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان تقارير تؤكّد من جديد على أنّ سوريا لا تزال غير آمنةٍ لعودة اللاجئين، وأنّ اللاجئين يُستهدفون خصيصاً دون غيرهم وقت عودتهم. ولا تزال المنظّمات الحقوقية، كمنظّمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش والشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، توثّق ممارسات الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء والقتل بحقّ اللاجئين على يد القوات الأمنية التابعة للنظام السوري والميليشيات الموالية لحكومة النظام السوري.
ومن الناحية الأخرى، فإنَّ لبنان لا تزال الدولة التي تستضيف الحصة الأكبر من اللاجئين السوريين بالنسبة إلى عدد سكانها. وتقدّر الحكومة اللبنانية أنَّ عدد اللاجئين السوريين في البلاد يصل إلى 1.5 مليون. وتعاني لبنان من توفير المساعدة للاجئين في ظلّ أزمةٍ اقتصاديةٍ حادة، مع وصول نسبة الفقر إلى 80% من مُجمل التعداد السكاني في لبنان.
ويأتي كلّ ذلك في الوقت الذي قامت فيه الدول المانحة بتقليص حجم تمويلها لبرامج اللاجئين بنسبٍ كبيرة. كما أنَّ عدد اللاجئين السوريين الذين تمّ إعادة تسكينهم في الاتحاد الأوروبي لم يتجاوز 2800 لاجئٍ في عام 2023، أي ما نسبته فقط 1% من التعداد الكلي للاجئين السوريين في لبنان الذين يحتاجون إلى إعادة تسكين.
وأكدت المنظمات أن على المانحين تحمّل مسؤولياتهم واتخاذ الخطوات اللازمة لتحسين وضع اللاجئين السوريين في لبنان. كما أنّ على المانحين القيام بما يلزم من تحرّيات لضمان عدم استخدام ما يقدّمونه من مساعداتٍ في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان.
وشدد أن على الدول المانحة أيضاً استغلال منصة مؤتمر بروكسل الثامن لدعم مستقبل سوريا والمنطقة (27/ أيار) لتوفير تمويلٍ إضافي لدعم اللاجئين والمجتمعات المُضيفة في لبنان، في ظلّ الأوضاع المتدهورة في لبنان، مع العمل على إعادة تسكين أعدادٍ أكبر من اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي ختام البيان، قالت المنظّمات السبع إنّ سوريا لا تزال غير آمنةٍ لعودة اللاجئين من جميع النواحي. وعلى الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وغيرهم من الدول المانحة أن توصل رسالةً واضحةً مفادها أنَّ انتهاك مبدأ عدم الإعادة القسرية سيكون له تبعاتٌ جادة على العلاقات الثنائية بين هذه البلدان وبين لبنان، بدلاً من تقديم ما هو على أرض الواقع ضوءٌ أخضرٌ لعمليات الترحيل الموجزة للاجئين السوريين.
ووقع على البيان كلاً من (منظّمة العفو الدولية (Amnesty International) - المركز اللبناني لحقوق الإنسان (CLDH) - الشَّبكة الأورومتوسّطية لحقوق الإنسان - باكس (PAX) - منظّمة اللاجئين الدولية (Refugees International/RI) - الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان).