"مجلس حقوق الإنسان" يتبنى قرار يدعو نظام الأسد لحماية اللاجئين والنازحين العائدين من الانتهاكات
تبنى "مجلس حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة، قراراً يدعو حكومة الأسد إلى الالتزام بمسؤولياتها تجاه احترام وحماية حقوق الإنسان لجميع الأشخاص ضمن نطاق سلطتها في سوريا، في وقت رفض مندوب النظام الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف حيدر أحمد، القرار، ووصفه بأنه "عدائي ويحمل تناقضات ومخالفات" ويخرج عن قواعد عمل المجلس.
وطالب القرار الذي اعتمده المجلس خلال الدورة 53، نظام الأسد في دمشق بحماية اللاجئين والنازحين العائدين من الانتهاكات، والعمل على خلق الظروف المواتية لعودة اللاجئين، وأكد القرار على ضرورة أن تتسق عمليات استعادة الممتلكات التي تشترطها دمشق، مع مبادئ استرداد الملكيات والمنشآت السكنية للاجئين والنازحين.
ودعا القرار، جميع الأطراف على إطلاق سراح الأشخاص المختفين قسرياً، وتقديم معلومات دقيقة لعائلات المفقودين بشأن مصيرهم وأماكن وجودهم، وطلب من أطراف الصراع كافة، التعامل بصورة أكثر فعالية مع العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وندد بالقيود المفروضة على الصحافيين والمجتمع المدني.
وسبق أن أصدرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، بياناً بمناسبة "اليوم العالمي للاجئين"، قالت فيه إن سوريا بلد غير آمن وعودة ملايين اللاجئين مرتبطة بتحقيق انتقال سياسي ديمقراطي. وطالبت السلطات اليونانية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بفتح تحقيق للكشف عن أسباب غرق قارب طالبي اللجوء المتجه إلى اليونان والذي أسفر عن وفاة 37 سورياً.
ذكر البيان أن الانتهاكات التي مارسها النظام السوري وبقية أطراف النزاع، تسببت في تشريد نصف الشعب السوري ما بين نازح ولاجئ، وما زال هناك عشرات الآلاف يرغبون في اللجوء نظراً لأن الانتهاكات مستمرة، بل وتعاد العلاقات مع مرتكبيها، مما يعني فقدان أي أمل في العودة القريبة إلى سوريا.
أكد البيان أن الانتهاكات المستمرة من قبل مختلف أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا هي السبب الرئيس وراء توليد مزيدٍ من اللاجئين، وعلى الرغم من تراجع وتيرة بعض الانتهاكات في العامين الأخيرين، لكن الأثر التراكمي لهذه الانتهاكات على مدى اثني عشر عاماً خلَّف أوضاعاً كارثيةً لحالة حقوق الإنسان في سوريا، من قتل، اعتقال تعسفي وإخفاء قسري، تشريد قسري، التعذيب، نهب أراضٍ وممتلكات، وفلتان أمني أدى إلى عمليات اغتيال وقتل عبر التفجيرات عن بعد، وغير ذلك من أنماط الانتهاكات.
وأوضحت أنه بسبب هذه الانتهاكات التي تهدد جوهر حقوق وكرامة الإنسان، وعدم وجود أي أفق لإيقافها أو محاسبة المتورطين فيها، يحاول المئات من السوريين الفرار من أرضهم، وبيع ممتلكاتهم، وطلب اللجوء حول العالم.
وفقاً للبيان فإنه لا يحق لأية حكومة أن تقيّم الأوضاع في سوريا، ثم بناءً على هذا التقييم تتخذ قرارات بترحيل اللاجئين السوريين لديها إلى سوريا، كما أن مهمة تقييم الأوضاع في سوريا هي من وظيفة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولجنة التحقيق الدولية المستقلة، والمنظمات الحقوقية الدولية، والمنظمات المحلية المختصة والفاعلة بتوثيق الانتهاكات في سوريا، كالشبكة السورية لحقوق الإنسان، وجميع هؤلاء أكدوا أنَّ سوريا بلد غير آمن.
وثق البيان منذ مطلع عام 2014 حتى حزيران/ 2023 ما لا يقل عن 3367 حالة اعتقال تعسفي بينها 246 طفلاً و212 سيدة (أنثى بالغة)، بحق لاجئين عادوا من دول اللجوء أو الإقامة إلى مناطق إقامتهم في سوريا، جميعهم تم اعتقالهم على يد قوات النظام السوري. أفرج النظام السوري عن 2094 حالة وبقيت 1273 حالة اعتقال، تحوَّل 923 منها إلى حالة اختفاء قسري. كما سجل ما لا يقل عن 74 حالة عنف جنسي تعرض لها اللاجئون العائدون في المدة ذاتها.
جاء في البيان أن إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية لا يعني أن سوريا أصبحت بلداً آمناً لعودة اللاجئين؛ لأنه ما زال يمارس جرائم ضد الإنسانية، وأن الشبكة السورية لحقوق الإنسان تبدي تخوفاً جدياً من أن تؤدي عملية إعادة العلاقات مع النظام السوري إلى إجبار اللاجئين السوريين على العودة.
وقد سجلت الشبكة السورية إعادة قسرية لما لا يقل عن 874 لاجئاً سورياً في لبنان، وذلك منذ مطلع نيسان المنصرم 2023 حتى الآن، بينهم 86 سيدة و104 طفلاً، كما سجلت اعتقال 87 شخصاً منهم من بينهم 2 طفل و5 سيدات، بينهم شخصين من عائلة واحدة. معظمهم قامت مفرزة الأمن العسكري التابعة لقوات النظام السوري باعتقالهم في منطقة المصنع الحدودية.
أكد البيان أن عمليات ترحيل اللاجئين، وممارسات الإعادة القسرية بحق اللاجئين السوريين تشكل انتهاكاً للقانون العرفي، وتتحمل الحكومات التي تقوم بذلك المسؤولية القانونية لما يتعرض له المعادون قسرياً من تعذيب وقتل وإخفاء قسري وغير ذلك من الانتهاكات على يد النظام السوري، إلى جانب مسؤولية النظام السوري المباشرة عن هذه الانتهاكات.
وطالب البيان حكومات الدول التي لديها لاجئين سوريين، وبشكل خاص دول الجوار التي تحتوي الأعداد الأكبر منهم، التوقف عن تهديدهم المستمر بالترحيل إلى سوريا، لأنَّ ذلك يشكل مصدر قلق نفسي وتهديد للاستقرار المادي، وتعطيل لعمليات الدمج المجتمعي التي يقومون بها.