"مفارقة فاقعة" .. أعمال درامية ترفع سقف الانتقادات.. والجرائم الإلكترونية تلاحق السوريين
سلّط تقرير صحفي الضوء على أعمال الدراما السورية الخاضعة لرقابة مخابرات النظام والتي برز فيها خلال الشهر الجاري عدة أعمال منها مسلسل "كسر عظم"، الذي جرى إنتاجه بطريقة بوليسية تحت أعين أجهزة الأمن التابعة لنظام الأسد، إلا أن ما ورد فيه من رفع سقف الطرح وكشف منظومة الفساد والجرائم جعله حديث الساعة عبر مواقع التواصل التي يُحظر على السوريين بمناطق سيطرة النظام التنفس عبرها.
وأشارت صحيفة "الشرق الأوسط"، في تقرير لها إلى وجود مفارقة فاقعة حيث أن الجرأة الكبيرة التي أظهرتها أعمال درامية سورية عدة في تجاوز الخطوط الحمراء السياسية والاجتماعية، بالتزامن مع تشديد عقوبات جرائم النشر الإلكتروني الذي يمنع انتقاد الموظفين الحكوميين والفاسدين في وسائل التواصل الاجتماعي.
ونقلت الصحيفة عن مصدر صحفي سوري قوله إن السماح للدراما بتجاوز الخطوط الحمراء التي يحرم على الإعلام ملامستها، أيضاً ليس جديداً وكان مطروحاً قبل الحرب، لكن الجديد هو السماح بتجاوز الخطوط الحمراء للدراما بعد صدور قوانين تحظر على السوريين التنفس عبر حساباتهم الشخصية.
ولفت إلى أن رسالة الأجهزة الأمنية للسوريين واضحة، وهي احتكار النظام لحق الانتقاد، هو النظام والمعارضة معاً والسوريون جمهور متلق فقط، مشدداً على أنه إذا تم تفنيد أي مشهد من الأعمال الدرامية السورية التي تستأثر بالاهتمام في هذا الموسم، لوجدناه يتضمن لائحة جرائم تعاقب عليها قوانين الإعلام والنشر والسياسة.
ومع بدء الموسم الدرامي الرمضاني لهذا العام فوجئ السوريون بأن الممنوع في السوشيال ميديا والإعلام مسموح بالدراما، وكأن السلطات الرقابية التي تجيز النصوص الدرامية، هي غيرها التي تراقب المحتوى الرقمي وتتعقب أنفاس السوريين، لا سيّما مع إقرار تعديلات قانون تشديد العقوبات على الجرائم الإلكترونية.
ومن أبرز المسلسلات التي جرى إنتاجها عقب رقابة أجهزة الأمن علها مسلسلي كسر عظم ومع وقف التنفيذ تناول الفساد المستشري في الأجهزة الأمنية والعسكرية وعمليات تأجير المعابر الحدودية والحواجز، ومافيات أمراء الحرب وفكرة الاستثمار في الدمار والعمار، وصولا إلى الاغتيالات والانتحار وتهريب المخدرات والسلاح والدعارة.
ونوهت إلى عدة رسائل أوصلها النظام عبر بعض المشاهد منها تتعلق بمحاكاة قاسم سليماني، يضاف إلى ذلك مشهد انتحار "ضابط شريف" ليمرر رسالة سياسية مثيرة، تقول، أن لا حياة للشرفاء في منظومة فاسدة، كما قدم صورة حالكة السواد عن المؤسسات التعليمية الجامعية، هو ماخور أو بيت دعارة يتم فيه تقديم الطالبات للمسؤولين الفاسدين وترتكب فيه جرائم القتل بدم بارد.
وفي كل موسم رمضاني يطرح نظام الأسد عبر شركات الإنتاج الخاضعة لرقابة مخابراته مسلسلات درامية وبعضها تسبب بإحراجه مثل مسلسل "دقيقة صمت"، حيث أصدرت وزارة المالية التابعة لنظام الأسد قرارا يقضي بوضع الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لكل من "شركة إيبلا الدولية للإنتاج والتوزيع الفني"، ومالكها هلال عبد العزيز أرناؤوط، بعد أن تضمن انتقادات كبيرة لقبضة النظام السوري.
وفي وقت سابق أنتجت "الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون"، التابعة للنظام فيلم وثائقي بعنوان "لآخر العمر"، ليكشف عبر التصريحات والإعلان عنه وبثه لاحقاً بأنه يندرج ضمن سياسة تضليل الوقائع وتزييف الحقائق من خلال الترويج لرواية النظام خلال سنوات الثورة السورية.
هذا ويثير إعداد النظام لهذه المسلسلات التلفزيونية والأفلام جدلاً واسعاً حيث تتطابق مع رواية النظام للحرب على الشعب السوري، يضاف إلى ذلك المتاجرة بمآسي السوريين وجراحهم مع تصوير تلك المشاهد في المدن والبلدات المدمرة، وسبق أن استغل النظام هذه المشاهد في تصوير أعمال مماثلة يصفها بأنها فنية، وفي حقيقتها ترويج معلن للنظام المجرم.