إرضاءً للمتهمين بالعمالة .. "الجـ ـولاني" يبدأ حملة اعتقالات مضادة في إدلب
كشفت مصادر من داخل "هيئة تحرير الشام"، عن بدء الأجهزة الأمنية بحملة اعتقالات جديدة بأمر من قائدها "أبو محمد الجولاني"، طالت هذه المرة قيادات عسكرية وأمنية، قيل إنها متورطة في تعذيب وتلفيق تهم للشخصيات المفرج عنهم مؤخراً بعد حل قضية "العمالة"، وسط مساعي حثيثة لإرضاء هؤلاء وتهدئة الأجواء المتوترة ضمن الهيئة.
وأوضحت المصادر لشبكة "شام"، أن الاعتقالات الجديدة، طالت شخصيات عسكرية وأمنية (لم تسمهم)، جاءت بطلب من القيادات التي اتهمت بالعمالة وأفرج عنها خلال الأيام الماضية، على اعتبار أن المعتقلين الجدد، متورطين بعمليات تعذيب وتلفيق تهم للكثير من الشخصيات التي جرى اعتقالها سابقاً بتهم العمالة دون أدلة، لمنافع شخصية.
وذكرت المصادر، أن قيادة الهيئة، تشهد تحركات حثيثة لإرضاء وكسب ود التيارات التي تنتمي إليها القيادات والعناصر التي جرى اعتقالها وتشويه صورتها خلال الأشهر الماضية على أنهم عملاء، حيث يقوم "الجولاني" بزيارات مكثفة للمفرج عنهم وتقديم الوعود لهم بمحاسبة المتورطين بتعذيبهم وتلفيق التهم لهم.
وكشفت مصادر "شام" عن اجتماع أمني وعسكري عقده "الجولاني" خلال الأيام الماضية، وقالت إنه دخل الاجتماع يحمل "سوطاً" وطلب من كل من له حق عنده أن يقوم بضربه ويقتص منه، وقدم وعود بإعادة رد الاعتبار لكل القيادات والعناصر التي تعرضت للاعتقال والإهانة والتعذيب والتشهير بتهم العمالة، وتعويضهم مالياً حتى بمبالغ تراوحت بين 1000 و 10000 دولار أمريكي.
ووفق المصادر، فإن قيادة الهيئة، واجهت ضغوطات كبيرة للإفراج عن القيادات والعناصر الذين جرى اعتقالهم بتهمة "العمالة"، بعد فشلها في إثبات أي تهم ضدهم، فقط لمجرد وجود تنسيق بينهم وبين القيادي "أبو ماريا القحطاني"، وتبين بعد الإفراج عنهم عن تعرضهم لتعذيب كبير، علاوة عن حملات التشهير وتشويه السمعة التي تعرضوا لها.
وتواردت معلومات من مصادر عدة، عن تعليق عمل قيادات منها (أبو حفص بنش - أبو أحمد حدود) قادة التيار المضاد في الهيئة، والذي لعب دوراً بارزاً في حملات الاعتقال وتفكيك امبراطورية "القحطاني"، لصالح مكاسبهم وتقوية تيارهم المعروف بـ "تيار بنش"، في حين روج عن اعتقال (أبو عبيدة منظمات وشادي المولولي وأبو محمد الزين وشخصيات أخرى)، لم يتسن لنا التحقق من صحة هذه الأخبار.
وكانت كشفت حملات الإفراج التي تمت خلال الأيام الماضية ولاتزال مستمرة، عن حجم الحملة الأمنية التي مورست ضد تيارات عديدة في الهيئة ليس من إدلب فحسب بل من عدة محافظات، تم خلالها اعتقال العشرات من قياداتها وعناصر ومرابطين وشخصيات أمنية، جميعهم جرى تعذيبهم وتشويه صورتهم بتهمة "العمالة"، لصالح تقوية تيارات أخرى استثمرت القضية لبسط نفوذها.
وظن "الجولاني" أن تهمة "العمالة" التي أنهى بها عشرات المكونات العسكرية، يستطيع تمريرها ضد قادة وتيارات كبيرة ضمن الهيئة كانت شريكة له فيما سبق، وتعي جيداً مخططاته والحجج التي ساقها زوراً وبهتاناً ضد تلك المكونات، ليحاول الإيقاع بها بذات الأسلوب والطريقة، فكان وبالاً عليه وأوقعه في فخ كبير، كاد أن يخلق حالة من الصراع الداخلي والاغتيالات الأمنية، والتي ستكون بداية سقوط مشروعه لامحال.
وظهر جلياً حجم الانقلاب الذي تعاطى به إعلام الهيئة الرديف كعادته، في الشيطنة بداية ثم في تجميل صورة مايجري حالياً من إفراجات والترويج لعدالة القضاء وحكمة القائد، إلا أن الهيئة فيما يبدو تسير لمرحلة جديدة لن تكون قبل "فخ العمالة"، لاسيما بعد تعزيز سطوة "الجولاني" ومركزية القرار، وإنهاء كل التيارات التي توقع أن تخرج ضده، فاعتقل قادتها كعملاء ثم أفرج عنهم وحولهم لأبطال كانوا فداء لصالح المشروع، ولربما يفرج عن "القحطاني" ذاته العميل الأكبر كما روج، لكن بعد تفكيك أذرع وتقويض امبراطوريته التي بناها لسنوات طويلة.
ويبدو أن "الجولاني" بات في موقع حرج، يفرض عليه إعادة التوازن في الهيئة، من خلال إرضاء المفرج عنهم، ولن يتم ذلك إلا بمحاسبة المتورطين باعتقالهم، وتحميلهم مسؤولية الاعتقال والخروج هو بمظهر الحاكم العادل، في سياق المحافظة على هيبته التي تزعزعت بعد فضح حقيقة المخطط لتفكيك امبراطورية "القحطاني" واستغلال الحدث والتهم لهدم تيارات قوية ضمن الهيئة لصالح أخرى، لم يكن الأمر في صالح "الجولاني" الذي أجبر على لملمة القضية وإنهائها قبل الدخول في صراع وتفكك داخلي قد يُنهي مشروعه.