باسم "الحق العام".. أمنية "تحـ ـرير الشـ ـام" تُلاحق المتظاهرين ضدها عبر القضاء
حصلت شبكة "شام" الإخبارية، على تبليغات صادرة عن وزارة العدل في حكومة الإنقاذ (الذراع المدنية والأمنية لهيئة تحرير الشام)، وجهت لعشرات المتظاهرين المناهضين للهيئة في ريف إدلب، لاستدعائهم أمنياً باسم "الحق العام".
ووفق مصادر "شام" فإن "الحق العام" باتت تهمة جديدة تلفقها مؤسسات الهيئة القضائية والأمنية، للمناهضين لمؤسساتها، لاسيما من الفعاليات الثورية التي تنظيم وتدير التظاهرات الاحتجاجية اليومية ضدها في ريف إدلب، والتي علمت الهيئة أنها لن تقبل بمسرحيات "الإصلاحات" التي وعدت بها.
وتتضمن التبليغات، طلب مراجعات للمراكز الأمنية التابعة لحكومة الإنقاذ، والتي باتت اليوم الواجهة الأمنية لـ "هيئة تحرير الشام"، بعد الادعاء بحل "جهاز الأمن العام"، وإلحاقه بوزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ.
وكانت نشرت شبكة "شام"، تقريراً، تضمن معلومات نقلاً عن أربع مصادر متطابقة، أفادت بأ عدة وسائل عربية وأخرى أجنبية، تلقت خلال الأسابيع الماضية، تواصلات من جهات إعلامية تتبع لـ "هيئة تحريرالشام"، عبر إيميلات رسمية أو عبر تطبيقات المراسلة "واتساب وتلغرام"، تطلب منها إلزام مراسليها أو المتعاونين العاملين معها في إدلب، بوقف تغطية الاحتجاجات المناهضة للهيئة.
وفي بداية العام الجديد 2024، وبعد سلسلة اعتقالات طالت المئات من كوادر الهيئة، ضمن ماعرف بـ "قضية العملاء"، بدأت هناك بوادر تحرك شعبية للفعاليات المدنية ضد الهيئة، وفي 25 شباط الفائت، تجمع المئات من المحتجين في منطقة دوار سرمدا بإدلب، في تظاهرة احتجاجية ضد "مسالخ الجولاني البشرية"، بعد تكشف آخر صنوف التعذيب والقتل في المعتقلات التي تديرها الأجهزة الأمنية، والتي شابهت لحد بعيد سجون الأسد وأصناف تعذيبه.
وبرزت الدعوات للتظاهر بعد فضح ممارسات الأمنيين في سجون "هيئة تحرير الشام"، بعد سلسلة واسعة من الإفراجات ليس عن معتقلي الرأي وأبناء الحراك الثوري، بل عن عناصر وقيادات من هيئة تحرير الشام نفسها، والذين تعرضوا لشتى أنواع التعذيب والضرب والإهانة، وقتل عدد منهم تحت التعذيب.
وكانت تصاعدت الممارسات التي تنتهجها الأجهزة الأمنية التابعة لـ "هيئة تحرير الشام" ضد المحتجين ضدها في إدلب، متخذة أساليب جديدة للترهيب والتعدي، ضمن سياسية ممنهجة لترهيب المجتمع دأبت الهيئة عبر أذرعها على ممارساتها في المنطقة منذ نشأتها، رغم محاولتها إظهار التماهي مع الاحتجاجات والادعاء بالسعي للاستجابة للمطالب.
في جديد تلك الممارسات، ووفق مصادر من إدلب، فإن القوى الأمنية التابعة للهيئة، لجأت لتشكيل "مجموعات بلطجية" في عموم المناطق التي تشهد احتجاجات ضدها في إدلب وغربي حلب، قوامها عناصر أمنية بلباس مدني، وعناصر وموالين للهيئة، تقوم على تتبع المظاهرات وإثارة الشغب والتهجم على المحتجين، دون أن يظهر لهم أي انتماء للهيئة.
هذه الممارسات وصفها نشطاء بأنها "تشبيحية وبلطجة" في صورة جديدة من الممارسات التي تنتهجها الهيئة لقمع الحراك الشعبي المناوئ ضدها، دون أن تلجأ لأساليب الاعتقال العلنية التي قد تؤجج الاحتجاجات ضدها، في وقت تواصل عمليات الرصد الأمني وإعداد التقارير يومياً عبر أذرعها لتسجيل كل المعلومات التي ستبني عليها حراكها الأمني ضد شخصيات بعينها لاحقاً.
ويحاول البعض من مريدي الهيئة، حرف مسار الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير ووقف الممارسات الظالمة والإفراج عن المعتقلين من أبناء الحراك الثوري، من خلال الخروج بمبادرات تزعم الحيادية، هدفها تقويض الحراك وتقييده، علاوة عن سلسلة الاجتماعات المتواصلة التي تقوم بها مؤسسات الهيئة من رأس الهرم ممثلة بـ "الجولاني" لتهدئة الأجواء وكسب ود الأطراف التي يمكن إرضائها ببعض الإصلاحات.
وفي سياق مواز، تعمل الماكينة الإعلامية للهيئة على وسم الحراك الشعبي بأنه يتبع لـ "حزب التحرير" المناوئ للهيئة، علماً أن حراك حزب التحرير منفصل كلياً عن هذا الحراك وقد بدأ منذ قرابة 10 أشهر بعد اعتقال الهيئة كوادر للحزب وقيادات له في المنطقة، علماً أن الهيئة تحاول كسب ود الحزب حالياً من خلال الإفراج عن كثير ممن جرى اعتقالهم دون محاكمات حتى.
وتشهد عموم مناطق ريف إدلب، مظاهرات شعبية عارمة، تطالب بالتغيير وإسقاط قيادة "هيئة تحريرالشام" ممثلة بـ "أبو محمد الجولاني"، والقيادات الأمنية المتورطة بدماء السوريين والتسلط على رقابهم، مع التأكيد على دعم المرابطين على الجبهات وعدم المساس بهم.
وتعول قيادة الهيئة على امتصاص حالة الغضب في الشارع الثوري، وتقديم الوعود بالإصلاحات، لكسب وقت إضافي وعدم توسع المشهد الاحتجاجي في عموم المناطق المحررة، في وقت تلمح مصادر "شام" إلى أن "الجولاني" لن يقف مكتوف الأيدي في حال خرجت الأمور عن السيطرة، وأنه مستعد لإدخال المنطقة بحالة فوضى عارمة من عمليات تفجير واغتيال وتسلط اللصوص وقطاع الطرق، يجبر الحراك على خيارات ضيقة في الاستمرار أو الفوضى.
وتجدر الإشارة إلى أن "هيئة تحرير الشام"، تواجه احتجاجات شعبية واسعة وسط تنديد بسياستها ومطالب متصاعدة بإسقاط زعيمها "الجولاني"، وإطلاق سراح المعتقلين، وكانت أعلنت إدارة الشؤون السياسية التابعة لحكومة "الإنقاذ" في إدلب شمال غربي سوريا، عزمها إحداث مؤسسات جديدة "تضمن الرقابة العليا وتستقبل المظالم وتنظر في الشكاوى، استجابة لمطالب الأهالي"، وسط تصاعد زخم الاحتجاجات السلمية.