"الشبكة السورية" تُدين محاولات "الجزائر" تكريس إفلات النظام السوري من العقاب
أدانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في تقريرها الصادر اليوم، محاولات الجزائر تكريس إفلات النظام السوري من العقاب والتصويت لصالحه 9 مرات في مجلس حقوق الإنسان، وقالت إنَّ الجزائر والإمارات العربية المتحدة وأية دولة تعيد العلاقات مع النظام السوري المتورط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري تعتبر مشاركةً فيها.
تحدَّث التقرير - الذي جاء في 18 صفحة - عن أن الجزائر تستعد لاستضافة قمّة جامعة الدول العربية القادمة في دورتها الـ 31، التي من المقرر انعقادها مطلع تشرين الثاني 2022، وقال إن الجزائر قامت بحملة علاقات عامة لصالح النظام السوري وزارت عدداً من الدول العربية من أجل إقناعها بالتصويت لصالح عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، متجاهلةً انتهاكاته الفظيعة التي بلغت جرائم ضدَّ الإنسانية بحق الشعب السوري.
وأدان التقرير دور النظام الجزائري الداعم للنظام السوري، متبعاً بذلك خطى أنظمة تابعة لإيران مثل العراق ولبنان، وأشار إلى أن الجزائر كانت دائماً ضدَّ حقوق الشعب السوري، واصطفَّت إلى جانب النظام السوري وبالتالي فهي متورطة وداعمة للانتهاكات التي مارسها بحق الشعب السوري.
وقال "فضل عبد الغني" مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:"إن ما قام ويقوم به النظام الجزائري من دعم وترويج للنظام السوري يُشكل إهانة عظمى للضحايا السوريين الذين قتلهم وشردهم النظام السوري، وبلغوا ملايين السوريين، كما يُشكل إهانة لنضالات الشعب الجزائري في الحرية والكرامة، ويضع الجزائر في معسكر الدول الاستبدادية القمعية التي تدعم بعضها بعضاً، يجب أن ترتبط عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية بإطلاق سراح عشرات الآلاف من معتقلي الرأي، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، واحترام حقوق الإنسان".
وأوضح التقرير أنَّ النظام السوري أهان الجامعة العربية وانتهك جميع مبادراتها الداعية إلى حلِّ النزاع السوري، وهو الذي لم يلتزم بمبادراتها، وأكّد أنه ما زال يمارس انتهاكات فظيعة بحقِّ الشعب السوري، ولم يغير شيئاً من سلوكه المتوحش.
وذكَّر بأنَّ النظام السوري جابه الحراك الشعبي الذي خرج في آذار/2011 بإطلاق الرصاص الحي، وبحملة اعتقالات تعسفية واسعة، وتوسعت الانتهاكات التي مارسها حتى بلغ بعضها جرائم ضد الإنسانية منذ الأشهر الأولى لاندلاع الحراك.
وقدَّم بشكل موجز عرضاً لمبادرات الجامعة العربية التي جاءت أولاها بعد أربعة أشهر من اندلاع الحراك الشعبي. وأضاف أنَّ أول تحرك جدي للجامعة العربية كان مطلع أيلول 2011، وقال إنَّ النظام السوري كان قد قتل منذ آذار 2011 حتى أيلول من العام ذاته (تاريخ مبادرة الجامعة الأولى) قتَل 8637 مدنياً، واعتقل/ أخفى 17546 آخرين.
ووفقاً للتقرير فقد قرر مجلس الجامعة العربية في 12/ تشرين الثاني/ 2011 تعليق مشاركة وفود سوريا في اجتماعات الجامعة، ودعا القرار الدول العربية إلى سحب سفرائها من سوريا، وفرض عقوبات سياسية واقتصادية على الحكومة السورية.
واتخذ القرار وقتها بموافقة 18 دولة (من ضمنها الجزائر)، في حين اعترضت ثلاث دول هي سوريا ولبنان واليمن، وامتنع العراق عن التصويت، ثم أشار التقرير إلى قرار الجامعة العربية إرسال بعثة مراقبين إلى سوريا لإيجاد حلٍّ للأزمة السورية وتوفير الحماية للمواطنين السوريين، وانتدابها في كانون الأول/ 2011 السيد محمد الدابي رئيساً لبعثة المراقبين.
ولفتَ إلى أنَّ بعثة المراقبين العرب لم تتمكن من منع أو إيقاف أيٍّ من انتهاكات النظام السوري، وقال التقرير إنه وثَّق منذ آذار/ 2011 حتى 12/ شباط/ 2012 (تاريخ تقدُّم الدابي باستقالته) قتلَ النظام السوري 13923 مدنياً، واعتقال/ إخفاء 23526 آخرين.
وقال التقرير، إن الجزائر صوَّتت 9 مرات في مجلس حقوق الإنسان لصالح النظام السوري، أي في جميع الفترات التي كانت فيها ممثلة في المجلس، بما فيها السنوات التي استخدم فيها النظام السوري أسلحة الدمار الشامل الكيميائية.
وأضافَ التقرير أنَّ جميع الدول التي صوَّتت لصالح النظام السوري في مجلس حقوق الإنسان هي دول قمعية استبدادية معادية لحقوق الإنسان، مثل روسيا، الصين، فنزويلا، كوبا، وإنَّ تصويتها لصالح النظام السوري يعني أنها تنفي الانتهاكات التي يقوم بها، فهي عملياً تشجعه على ارتكاب المزيد من الانتهاكات، وتَعِدُه بتأمين الدعم في مجلس حقوق الإنسان.
وتأسَّف التقرير أن تكون الجزائر من ضمن هذه الدول. وفي سياق متصل قدَّم التقرير عرضاً موجزاً لقرارات مجلس حقوق الإنسان المتعلقة بحالة حقوق الإنسان في سوريا منذ بداية الحراك الشعبي حتى الآن، والتي صوَّت النظام الجزائري ضدها.
طبقاً للتقرير فإن الإمارات العربية المتحدة أول دولة بعد روسيا وإيران تدعو بشار الأسد المتورط في جرائم ضدَّ الإنسانية لزيارتها، في إشارة إلى زيارة الأخير للإمارات في 18 آذار المنصرم 2022. وفي هذا السياق ذكَّر التقرير حكومة الإمارات العربية المتحدة أن النظام السوري ما زال حتى الآن يمارس انتهاكات فظيعة تصل في بعض منها حدَّ الجرائم ضدَّ الإنسانية، مثل التعذيب، الإخفاء القسري لأزيد من 130 ألف مواطن سوري، والتشريد القسري وغيرها.
وأضافَ أن منظومة النظام السوري قد تمت إدانتها في محكمة كوبلنز في ألمانيا، بارتكاب جرائم ضدَّ الإنسانية، وأضافَ أنه لم تتم محاسبة النظام السوري عن 11 عاماً من الانتهاكات المتعددة بحق الشعب والدولة السورية، وهو نفسه لم يحاسب أحداً من أفراده؛ مما يعني أننا أمام حالة إفلات تام من العقاب.
وقال التقرير إن إعادة العلاقات مع نظام متوحش كهذا، يُسيئ أولاً لدولة الإمارات العربية المتحدة، كما يعتبر بموجب القانون الدولي دعماً للانتهاكات التي يمارسها النظام السوري بحق الشعب السوري، مؤكداً أنَّ محاربة الانتهاكات الفظيعة التي تُشكل جرائم ضدَّ الإنسانية وجرائم حرب تعتبر من صلب مهام دول العالم كافة باعتبارها مصادقةً على اتفاقيات جنيف.
ولفتَ التقرير إلى أنَّ موقف دولة الإمارات العربية المتحدة يختلف عن موقف دولة الجزائر، فقد انحازت الأولى إلى حقوق الشعب السوري في الحرية والكرامة، وصوَّتت 21 مرة في مجلس حقوق الإنسان لصالح حقوق الشعب السوري، ودعمت العمل الإغاثي عبر الهلال الأحمر الإماراتي، وهذا ما يجعل استقبالها للنظام السوري في ظلِّ الذكرى الحادية عشرة للحراك الشعبي السوري صفعةً قوية في وجه ملايين السوريين من ضحايا النظام السوري.
أكَّد التقرير أن تصويت النظام في الجزائر لصالح النظام السوري في مجلس حقوق الإنسان المتورط بحسب العشرات من التقارير الأممية والدولية والمحلية في ارتكاب انتهاكات فظيعة تصل إلى جرائم ضدَّ الإنسانية، يعتبر تشجيعاً له على ارتكاب المزيد من الانتهاكات، كما أنه يُعدُّ مشاركة بها بحسب قواعد القانون الدولي.
أكَّد التقرير أن الأسباب التي أدَّت إلى طرد النظام السوري من الجامعة العربية، ومقاطعة دول العالم الديمقراطية، وفرض عزلة دولية عليه، ما زالت مستمرة منذ عام/2011، بل إنها تراكمت على مدى قرابة 11 عاماً مما زاد من حجمها ومن ضحاياها.
وقال إن ما تقوم به الجزائر، الإمارات العربية المتحدة، أو أية دولة أخرى من محاولة تعويم، أو إعادة أي شكل من أشكال العلاقات مع النظام السوري يعتبر تشجيعاً لمرتكبي الجرائم ضدَّ الإنسانية على الإفلات التام من العقاب، كما يجسد إهانة صارخة لملايين الضحايا من الشعب السوري.
وأشار التقرير إلى أن الجزائر انحازت إلى مصالحها مع روسيا على حساب مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان، والتزمت بما طلبته منها روسيا على غرار دول قمعية مثل فنزويلا وكوبا، وطالب التقرير الدول العربية وجامعة الدول العربية بالاستمرار في طرد النظام السوري من جامعة الدول العربية، والفصل بين الدولة والشعب السوري من جهة والنظام الحاكم من جهة أخرى، وأن تكون حقوق الضحايا مقدمة على المصالح السياسية.
كما أوصى بربط أية علاقة مع النظام السوري بمدى تطبيق مبادرات الجامعة العربية، واحترام حقوق الإنسان، وبشكل خاص إطلاق سراح عشرات آلاف المعتقلين السياسيين، وإعادة ممتلكاتهم المنهوبة، وإبطال القوانين الأمنية، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات.
وطالب أيضاً بالعمل على تسريع الحل السياسي في سوريا من أجل عودة الدولة السورية إلى مقعدها في الجامعة العربية، بدلاً من العمل على عودة النظام الحالي المتورط في جرائم ضدَّ الإنسانية وجرائم حرب، بما فيها استخدام أسلحة دمار شامل.
وأوصى التقرير حكومة الإمارات العربية المتحدة بالعودة إلى موقفها المساند لحقوق الشعب السوري في الحرية والكرامة ووقف أي شكل من أشكال إعادة العلاقات مع النظام السوري المتورط في ارتكاب جرائم ضدَّ الإنسانية.