"الشبكة السورية" تُدين احتجاز النظام للمفكّر الإسلامي "عبد الأكرم السقا" وإخفائه منذ 13 عاماً
أدانت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" جميع ممارسات الاعتقال والتعذيب التي تقوم بها قوات النظام السوري، مستعرضة قضية المفكر الإسلامي المعاصر "عبد الأكرم السقا"، والذي تم اعتقاله وإخفائه قسرياً قرابة 13 عاماً وتسجيله كمتوفٍ في دوائر السجل المدني التابعة للنظام.
وأوضحت الشبكة أن "عبد الأكرم السقا" مفكر إسلامي معاصر، من المفكرين الإسلاميين المجددين، أسَّس الجمعية الخيرية والثانوية الشرعية في مدينة داريا غرب محافظة ريف دمشق، وهو من أبناء مدينة داريا، ولِدَ في عام 1944، اعتقلته عناصر قوات النظام السوري في 14/ تموز/ 2011، إثر مداهمة منزله في مدينة داريا، ومنذ ذلك الوقت تقريباً وهو في عداد المختفين قسرياً؛ نظراً لإنكار النظام السوري احتجازه أو السماح لأحد ولو كان محامياً بزيارته.
عُرف "السقا" بنشاطه التوعوي المجتمعي، وكان إماماً وخطيباً في مسجد أنس بن مالك في مدينة داريا، ثم أنشأ فيه معهد الأسد لتحفيظ القرآن الكريم عام 1988، وكان من أوائل المعاهد في سوريا، وبقي مديراً له حتى نهاية عام 2000، كما وأنشأ داراً للطباعة والنشر والتوزيع عرفت باسم “دار السقا” في مدينة داريا، ونشر فيها عدداً من الكتب العلمية والثقافية والاجتماعية والفكرية.
وأوضحت أنه مع انطلاق الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا في آذار/ 2011، شارك في التظاهرات السلمية المناهضة للنظام السوري في مدينة داريا، وكان له شعبية بين السكان؛ ولهذا كان هو وأمثاله هدفاً استراتيجياً ونوعياً للنظام السوري، الذي سخَّر كامل طاقته لملاحقتهم واعتقالهم دون أي مسوغٍ قانوني، وإخفائهم قسرياً في مراكز احتجازه.
في 20/ آب/ 2024، حصلت عائلة “عبد الأكرم السقا” على بيان وفاة من دائرة السجل المدني في مدينة داريا، يوضح أنَّ عبد الأكرم مسجل فيه على أنَّه توفي في 3/ تشرين الثاني/ 2014، دون أي تفاصيل أخرى عن سبب الوفاة، أي أنَّه قد توفي بعد قرابة ثلاثة أعوام ونصف من تاريخ اعتقاله.
وقالت الشبكة إن لديها معلومات تؤكِّد أنَّ عبد الأكرم كان يحتاج إلى الرعاية الصحية وتلقي الأدوية بسبب معاناته من أمراض متعددة قبيل اعتقاله؛ مما يُرجّح بشكلٍ كبير وفاته بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية، وتؤكَّد الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ قوات النظام السوري لم تعلن عن الوفاة حين حدوثها، ولم تُسلِّم جثمانه لذويه.
وشددت على أنَّ النظام السوري لايزال حتى الآن لا يسلم الجثامين إلى أهلها كي يتم دفنها في مقابر لائقة، وبدون تسليم الجثمان لا تعتبر هذه الوثيقة كشفاً كاملاً عن الحقيقة، وكحال عشرات آلاف العائلات السورية لم تتمكن عائلته من اتخاذ أية إجراءات قانونية لمعرفة أسباب وفاته أو مجرد الحصول على جثمانه، لأنَّ النظام السوري يرفض تسليم الجثامين بشكل قاطع، ولدى الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان مخاوف من الآليات والطرق التي يتبعها النظام السوري في إخفاء جثامين ضحايا التعذيب والتخلص منها.
ومنذ مطلع عام 2018، سجلت "الشَّبكة السورية" قيام النظام السوري بتسجيل مختفين قسرياً على أنَّهم متوفون في دوائر السجل المدني، واستعرضنا في تقارير سابقة تفاصيل هذه المعلومات، ولا تزال أسر ضحايا المختفين قسرياً تتلقى نبأ وفاة أبنائها المختفين عبر دوائر السجل المدني حتى اليوم، وقد بلغ عدد الحالات الموثَّقة لدينا حتى لحظة إصدار هذا البيان 1634 حالة، بينهم 24 طفلاً، و21 سيدة (أنثى بالغة)، و16 حالة من الكوادر الطبية، وجميعهم لم يذكر سبب الوفاة، ولم يسلم النظام الجثث للأهالي أو حتى يُعلمهم بمكان دفنها.
وأكدت الشَّبكة أنَّ النظام السوري يتحمل مسؤولية كشف مصير المختفين قسرياً لديه بشكل ملزم وجدي، وإجراء تحقيقات مستقلة بإشراف أممي تكشف حقيقة ما تعرضوا له من انتهاكات، ومحاسبة المسؤولين، وتسليم رفات من توفي منهم لدفنها بشكل كريم ووفقاً للآلية التي اتبعها عبر دوائر السجل المدني والتي لم يقم النظام السوري عبرها بإيضاح مصير المختفين قسرياً بشكل نهائي بل تشكل إدانة له؛ فهو من قام باعتقالهم وإخفائهم ثم أنكر مسؤوليته عن ذلك ثم سجلهم كمتوفين في دوائر السجل المدني، لذلك فإنَّنا نؤكد في الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ جريمة الاختفاء القسري لا تزال مستمرة، ووفقاً للقانون الدولي سوف يبقى هؤلاء في عداد المختفين قسرياً والمتهم الرئيس بإخفائهم هو النظام السوري.
وطالبت الشبكة بفتح تحقيق فوري مستقل في جميع حوادث الاعتقال والتعذيب التي وقعت، وبشكلٍ خاص في هذه الحادثة الهمجية، والتي تثبت مجدداً وحشية النظام السوري، وتؤكِّد المطالب العادلة للشعب السوري بضرورة تغيير النظام المتوحش إلى نظام سياسي يحترم حقوق الإنسان، ويدافع عن الشعب السوري.