"الشبكة السورية" تستغرب لقاء المفوض السامي بوزير داخلية النظام المتورط بـ "جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب"
أبدت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، استغرابها من قبول المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "فيليبو غراندي" الاجتماع مع وزير داخلية النظام السوري "محمد الرحمون"، في 13/أيلول الجاري، مؤكدة أن المفوض والعاملين معه ليسوا على اطّلاع كاف بخلفية الوزير والانتهاكات الفظيعة المتورط بها، والتي يشكل بعضها جرائم ضد الإنسانية.
ولفتت الشبكة إلى أن المفوض زار في 13 أيلول الجاري أماكن عدّة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، كما التقى مع وزير الخارجية السوري، وهذه ليست الزيارة الأولى للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين لسوريا والتقائها مع النظام السوري، والقى وزير داخلية النظام في قاعة المؤتمرات التابعة لرئاسة مجلس الوزراء في حي كفرسوسة في مدينة دمشق
وقدمت الشبكة تفاصيل كاملة حول خلفية "محمد الرحمون" وفقاً لقاعدة بيانات الشبكة، مبينة أنه "ضابط برتبة لواء، ولد عام 1957، من أبناء مدينة خان شيخون في ريف محافظة إدلب، ويُعدُّ من الشخصيات الأمنية البارزة في التخطيط وإدارة الملف الأمني الداخلي لدى النظام السوري".
تم إدراجه على لائحة العقوبات الصادرة من وزارة الخزانة الأمريكية في مطلع عام 2017 كما تم إضافته إلى قوائم العقوبات الصادرة عن المملكة المتحدة في عام 2019، بسبب ارتباطه المباشر ببرنامج الأسلحة الكيميائية السورية، ولكونه جزءاً من سلسلة إصدار الأوامر المتعلقة بالهجوم بالأسلحة الكيميائية على عدة مناطق في محافظة ريف دمشق وبشكل خاص مجزرة الغوطة في عام 2013 والتي قتل فيها 1127 شخصاً مسجلين بالأسماء والتفاصيل في قاعدة بيانات الشبكة.
وفي مطلع آذار/ 2019 وضِع اللواء محمد خالد الرحمون على قائمة العقوبات الأوروبية، في قائمة ضمت سبعة وزراء في حكومة النظام السوري، وعُين الرحمون كرئيس فرع المخابرات الجوية في المنطقة الجنوبية منذ منتصف عام 2011 وبقي في هذا المنصب حتى منتصف عام 2015، وتشمل المنطقة الجنوبية ثلاث محافظات سورية، وهي محافظة ريف دمشق، ومحافظة السويداء، ومحافظة درعا، بعد أن كان الرحمون يتولى قيادة فرع الأمن الجوي في درعا فقط منذ عام 2004.
ويُعدُّ الرحمون - وفق الشبكة - مسؤولاً مباشراً خلال سنوات خدمته الخمسة في هذا المنصب عن العديد من الانتهاكات التي مارستها قوات الأمن الجوي في المنطقة الجنوبية، شملت عمليات الاعتقال، الإخفاء القسري والتعذيب، وعمليات القتل من خلال قصف القرى والمدن الخارجة عن سيطرة النظام السوري، والتي تسببت في نزوح الآلاف من السوريين في المناطق التي تولت فيها القوات التابعة له العمليات العسكرية.
وعُين كرئيس لشعبة الأمن السياسي في وزارة الداخلية في منتصف عام 2015، ضمن سلسلة التعيينات والترقيات التي يصدرها "بشار الأسد" في كل عام، وتم تكليفه بإدارة شعبة الأمن السياسي، وهو واحد من أصل أربعة أجهزة أمنية رئيسة في سوريا، ورغم تبعية شعبة الأمن السياسي إدارياً إلى وزارة الداخلية، إلا أنها تتبع بشكل مباشر إلى مكتب الأمن القومي وهو الخلية الأمنية الأولى في سوريا، ويحوي عدد قليل من كبار الضباط الأمنيين المتصلين بشكل مباشر مع رئيس الجمهورية بصفته القائد العام للجيش والقوات المسلحة، والمسؤولين عن وضع الخطط الأمنية العسكرية وتنفيذها.
وأكدت الشبكة أن اللواء محمد خالد الرحمون، ارتكب خلال سنوات خدمته الثلاث في هذا المنصب، انتهاكات واسعة بحق المدنيين السوريين عبر عمليات الملاحقة والاعتقال والاختفاء القسري، واشتراكه في عمليات استخدام الأسلحة الكيميائية بمحافظة ريف دمشق والتي تسببت بنزوح وتشريد قسري لسكان المدن والبلدات فيها حتى منتصف عام 2018.
وعُين وزيراً للداخلية في حكومة النظام السوري في تشرين الأول/ 2018، وما زال يشغل نفس المنصب، ويعتبر من الشخصيات الأمنية البارزة في التخطيط وإدارة الملف الأمني الداخلي.
ووبحكم المناصب التي تولاها، وبحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن محمد الرحمون متورط في اعتقال آلاف السوريين وإخفائهم قسرياً، وإعدام قسم منهم، إضافةً إلى العديد من الانتهاكات الأخرى التي ما تزال تمارسها وزارة الداخلية بحق المواطن السوري من نهب ممتلكات، والحط من الكرامة الإنسانية، والكثير من هذه الانتهاكات يشكل هجمات واسعة ضد المدنيين، فهي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، ويرقى بعضها إلى جرائم حرب.
ونبهت الشبكة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى أن الانتهاكات الواسعة النطاق والمنهجية التي مارسها النظام السوري هي السبب الأساسي وراء تشريد ملايين السوريين، وإن استمرارها هو السبب الأساسي في عدم رغبتهم في العودة إلى وطنهم سوريا، وسبب استمرارها هو بقاء النظام السوري بقياداته وممارساته المتوحشة منذ عام/2011 وبذات العقلية القمعية، وإن محمد الرحمون هو أحد أبرز رجالات النظام السوري المتورطين بشكل مباشر ووثيق في الانتهاكات التي مارسها النظام السوري على مدى سنوات.
وأكدت أن النظام السوري في بنيته هو نظام شديد المركزية، وأن الشبكة تستند على تعريفات قواعد القانون العرفي الإنساني في تحميل القادة والأشخاص الأرفع مقاماً مسؤولية جرائم الحرب التي يرتكبها مرؤوسوهم بناءً على أوامرهم ، أو إذا علموا، أو كان بوسعهم معرفة أن مرؤوسيهم على وشك أن يرتكبوا أو كانوا يقومون بارتكاب مثل هذه الجرائم ولم يتخذوا كل التدابير اللازمة والمعقولة التي تخولها لهم سلطتهم لمنع ارتكابها أو لمعاقبة الأشخاص المسؤولين عنها إذا ارتكبت مثل هذه الجرائم.
وشددت على أن النظام السوري متورط بمختلف مؤسساته في ارتكاب انتهاكات واسعة ومنهجية وشكَّلت العديد من تلك الانتهاكات جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ، وكل من أمر، أغرى، شجع، برر، شارك، قدم العون أو سهل، تلك الجرائم يعتبر متورطاً فيها، وفي مقدمة تلك المؤسسات مؤسسة الجيش، ومؤسسة الأمن التابعة لوزارة الداخلية.
وقالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إنه كان ينبغي على المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تجنب لقاء وزير داخلية النظام السوري، والذي تتبع له نظرياً الأجهزة الأمنية ذات السيط البربري في التعامل مع المواطنين السوريين.
واعتبرت أن هذا اللقاء يرسل رسالة سلبية لملايين اللاجئين ولملايين النازحين في المناطق خارج سيطرة النظام السوري، لأنها تحمل مضموناً تصالحياً مع النظام السوري، وتشير إلى رغبة في التقارب بين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وبين النظام السوري، على الرغم من تقرير لجنة التحقيق الأممية المستقلة الأخير والذي يؤكد استمرار ارتكاب النظام السوري للانتهاكات الواسعة النطاق، وتقارير الزملاء في هيومان رايتس ووتش، والعفو الدولية، وكذلك تقارير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، والتي تؤكد جميعها على أن سوريا بلد غير آمن، والسبب هو عدم حصول تغير سياسي من نظام دكتاتوري إلى نظام ديمقراطي.
وشددت الشبكة على أن أية حديث عن عودة المشردين قسرياً من نازحين ولاجئين في ظل بقاء النظام السوري برئاسته الحالية وأجهزته الأمنية المتوحشة، هو حديث يتضمن إشارة إلى عبء اللاجئين السوريين، ويغض الطرف عن المتسبب الأساسي في تشريدهم، والتفاف على معالجة جذر المشكلة، وإن أي ضغط أو تضييق على اللاجئين السوريين يندرج ضمن إطار الإعادة القسرية.
وأشارت إلى أن هذا انتهاك للقانون العرفي الملزم لجميع دول العالم بما فيها الدول الغير مصادقة على اتفاقية اللجوء عام 1951، وعلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن تكون رائدة الدفاع عن حقوقهم، وأن تتوقف عن اللقاءات مع المتورطين بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، احتراماً لمشاعر ملايين الضحايا اللاجئين السوريين.