"القحـ ـطاني" براءة من العمالة ضد "الجـ ـولاني".. ماذا عن جرائمه بحق ثورة السوريين ..!؟
أعلنت "هيئة تحرير الشام" في بيان لها اليوم، براءة القيادي "أبو مارية القحطاني" من التهم الموجهة إليه بشكل قاطع، وقالت إنه تبين لديها أنه لاعلاقة له بأي نشاط يتعارض مع المبادئ الثورية والأخلاقية التي تعتز بها، سبق أن أدانت الهيئة القيادي المذكور بأنه أخطأ تواصلاته واتهمته بالعمالة، وقامت باعتقاله.
وأوضحت الهيئة في بيانها أنه جاء "لتوضيح الحقيقة وإزالة أي اعتبارات سلبية تجاه أبو مارية مع التأكيد على استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية وتجنب الانجرار وراه، آملة أن يكون البيان قد ساهم في توضيح الحقائق، مؤكدة على الالتزام التام بأحكام القضاء الشرعي واحترام حقوق الفرد" وفق تعبيرها.
و"أبو ماريا القحطاني" أحد الشخصيات العسكرية والأمنية النافذة في "هيئة تحرير الشام" ومقرب من أميرها "أبو محمد الجولاني" وعدة شخصيات أخرى منها "مظهر الويس"، ولعب دوراً بارزاً في قيادة قطاع البادية، قبل انتقاله للجناح الأمني وتسلم ملفات السجون ويعتبر اليد الطولى للجولاني في كثير من المهام، بالتالي هو مدان ثورياً بمئات الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت بحق الثورة وأبنائها طيلة سنوات مضت منذ تأسيس جبهة النصرة وحتى اليوم.
(صندوق الجـ ـولاني الأسود) كما يوصف القيادي البارز في "هيئة تحرير الشام، العراقي "أبو ماريا القحطاني"، الذي يعتبر الرجل الثاني بعد "الجولاني" وصاحب النفوذ والسطوة الكبيرة في الهيئة منذ تأسيس جبهة النصرة، ورفيق درب "الجولاني" في جميع حملات البغي على فصائل الثورة وأهلها، ومتهم بالتورط بمئات الجرائم في عموم المناطق السورية، علاوة عن بناء امبراطورية اقتصادية كبيرة من أرزاق المدنيين وعلى حساب عذاباتهم.
ولطالما انتهجت "هيئة تحرير الشام" سياسة "الخصم والحكم" ولم تقبل بأي سلطة قضائية مستقلة، واتهمت عشرات الفصائل والشخصيات الثورية بالعمالة، كما زجت في سجونها الآلاف من أبناء الحراك الثوري بتهم ملفقة، لم تثبت حتى اليوم عمالتهم في أي محكمة، ومع ذلك تواصل اعتقال وتغييب مصير المئات منهم في السجون المظلمة.
وكانت أصدرت الهيئة بحقه بياناً يوم الخميس 17/ آب/ 2023، مؤكدة استدعاء واستجواب القيادي المذكور وتجميد مهامه، وأوضح بيان الهيئة حينها أنه "تبين للجنة المكلفة أنه قد أخطأ في إدارة تواصلاته دون اعتبار لحساسية موقعه أو ضرورة الاستئذان وإيضاح المقصود من هذا التواصل، وعليه أوصت اللجنة بتجميد مهامه وصلاحياته".
و"أبو ماريا القحطاني" هو "ميسر علي موسى عبد الله الجبوري"، هو إسلامي متشدد من العراق، من مؤسسي "جبهة النصرة" إلى جانب "أبو محمد الجولاني" بعد قدومهما من العراق إلى سوريا، وهو من مواليد مدينة الموصل بمحافظة نينوى العراقية، حيث كان من قيادات تنظيم داعش في العراق وشغل منصب رئيس الشرطة الدينية.
ويحظى "القحطاني" بوجه إعلامي بارز إذ تلقى تغريداته وكلماته المكتوبة اهتماماً ملحوظاً وسط أنصار وعناصر "هيئة تحرير الشام"، الذي يعد من قادتها كما شغل منصب قائد مجلس الشورى في تنظيم "جبهة النصرة"، سابقاً، وتنقل بين دير الزور ودرعا لينتهي المطاف في إدلب شمال غرب البلاد.
ومنذ سنوات عديدة، ووسائل الإعلام الثورية، تتحدث عن استثمارات قيادات الهيئة الكبيرة في الشمال السوري، منهم "القحطاني"، وكثير من الشخصيات المعروفة، والتي لاتزال في موضع القرار في الهيئة ومؤسساتها، تعامت قيادة الهيئة عن حجم الممارسات التي ارتكبها هؤلاء وحجم الثروات التي تم جمعها عبر طرق ووسائل عدة غير مشروعة، منها (التهريب والتجارة والأتاوات والعمالة لجهات عدة) وكثير من المصادر التي بيدهم.
وكانت عملت الهيئة بعد اعتقال "القحطاني" على تفكيك ماتم وصفها بـ "امبراطورية القحطاني"، ونفذ الجهاز الأمني لـ "هيئة تحرير الشام"، حملات على معامل ومستودعات ومحلات صاغة في سرمدا والدانا وإدلب ومناطق عدة، لوضع يدها على استثمارات تقدر بملايين الدولارات، تعود ملكيتها أو شراكتها للقيادي "القحطاني"، والتي تعتبر أحد ركائز امبراطوريته الاقتصادية في المنطقة.
وفي الأول من شهر شباط المنصرم، نشرت شبكة "شام" تقريراً بعنوان (ضغوطات على "الجـ ـولاني" للإفراج عن "القحـ ـطاني" وإنهاء مسرحية "العملاء"، ونقلت الشبكة عن مصادر داخل "هيئة تحرير الشام"، بأن هناك ضغوطات كبيرة يتعرض لها قائد الهيئة "أبو محمد الجولاني"، للإفراج عن كافة المعتقلين بقضية "العملاء" بما فيهم القيادي البارز "أبو ماريا القحطاني"، وإنهاء المسرحية، وفق تعبير المصادر.
وذكرت مصادر "شام" حينها أن شخصيات أمنية وعسكرية تمثل تيارات متضررة في الهيئة جراء قضية العملاء، تطالب "الجولاني" بإنهاء الملف كاملاً والإفراج عن جميع المتهمين بما فيهم "أبو ماريا القحطاني"، لاسيما بعد تحرك التيارات التابعة له ضمن الهيئة، بعد أن تكشف زيف ماروج من ادعاءات حوله من قيادة الهيئة.
وفي تقرير آخر حمل عنوان "الجـ ـولاني" يسقط في فخ "العمالة" ويُحاول لملمة هيبته المنهارة أمام حاضنته" بينت "شام" أن القائد العام لـ "هيئة تحرير الشام"، وقع في مستنقع كبير من خلال خلق ماعرف بـ "قضية العملاء" والتي جاءت لضرب "أبو ماريا القحطاني" ذراعه ورفيق دربه "الجهادي!، وهي ذات الحجة التي أنهى فيها "الجولاني" عشرات الفصائل من مكونات الثورة العسكرية، بحملات بغي منظمة، دون أن يستطيع أن يثبت حتى يومنا الحاضر أي تهمة بأدلة أو عبر قضاء مستقل.
وجاء ذلك مع كشف "الجولاني"، مخطط التمرد على مشروعه والتحضير للانقلاب الذي يخطط له "القحطاني"، سارع لتلفيق تهمة "العمالة" التي اعتاد على تمريرها شعبياً وضمن الفصيل دون اعتراض، وبدأ بتفكيك الامبراطوية التي بناها "أبو ماريا" لتحقيق مخططه عبر اختراق الأجهزة العسكرية والأمنية، من قادة ألوية وكتائب ومواقع حساسة في بنية الهيئة، اضطر "الجولاني" لاعتقالهم جميعاً بحملات أمنية كان الترويج لها أنها "حرب على العملاء".
وقال التقرير إن "الجولاني" لم يدرك أن اعتقال قادة بارزين في الجناح العسكري والأمني أبرزهم (أبو ماريا القحطان - أبو مسلم آفس - أبو أسامة منير - عبد الحميد سحاري "أبوعبدو طعوم" وآخرون .. )، أن لهؤلاء قوة عسكرية أمنية وشعبية وعشائرية حتى ضمن بنية الهيئة، تطالب بهم وبإثبات عمالتهم بالأدلة، وهي مالم يستطع "الجولاني" إثباته رغم طول المهلة التي منحت له، قبل إدراكه أن الأمور ستكون في غير حساباته، وأنه مقبل على صراع داخلي قد يفكك مشروعه ويهدده شعبياً.
ولعل حملة "الشيطنة وتشويه السمعة" التي شنها الإعلام الرديف للهيئة ضد كل من تم اعتقاله، من تخوين وتشويه مسيرة القادة المشهود لهم بين أهلهم وعناصرهم، على غرار الحملات التي مورست ضد كل من حاربه "الجولاني" وبغى عليه، كانت في غير حسابات الأخير، إذ أنها ألبت حاضنتهم ضد الهيئة، وباتت تتصاعد المطالب لتقديم أدلة واضحة على "العمالة" في ظل تخبط كبير عاشته قيادة الهيئة وجهازها الأمني لأشهر.
وبين التقرير أن "الجولاني" قد أدرك أن الأمور باتت تسير باتجاه صراع وتفكك داخلي، إذ لم تكن حاضنة المعتقلين في السجون برقم سهل، فهم موزعون في جميع مفاصل الهيئة، أمنياً وعسكرياً ومدنياً، وبالتالي فإن خروجهم عن قرار قيادتها كان قاب قوسين أو أدنى، مع تهديدات باقتحام السجون وإخراج المعتقلين من القادة بالقوة، أو الإسراع في البت في مصيرهم، دفع "الجولاني" لتدارك الموقف والرضوخ، سعياً لتهدئة النفوس المتصاعدة ضد التيارات التي سيطرت في الهيئة.
ومع مساعي "الجولاني" للملمة القضية، بدأ بسلسلة إفراجات كبيرة لجميع القادة والعناصر الذين اتهمهم بالعمالة وشوه صورتهم إعلامياً وشعبياً، وبدا واضحاً مساعيه لزيارة أبرز هؤلاء القادة فور الإفراج عنهم، وتبرير ماحصل، وظهر في أكثر من موقع حجم الهالة الأمنية التي تحيط به، والإرباك بين مرافقته من أي ردة فعل قد يتعرض لها.
في الطرف الآخر، كان واضحاً حجم الابتهاج المضاد من قبل عناصر وحاضنة القادة المفرج عنهم، وحجم الاستفزاز لقيادة الهيئة، من خلال مواكب السيارات والظهور المسلح وإطلاق النار الذي لم يتوقف، وكأنه رسالة تخط بالرصاص لقيادة الهيئة، بأن الإفراج عن قادتهم لم يكن قرارها بل كان تحت الضغط الذي مورس والتهديد بالعصيان والخروج عن قيادتها.
ظن "الجولاني" أن تهمة "العمالة" التي أنهى بها عشرات المكونات العسكرية، يستطيع تمريرها ضد قادة وتيارات كبيرة ضمن الهيئة كانت شريكة له فيما سبق، وتعي جيداً مخططاته والحجج التي ساقها زوراً وبهتاناً ضد تلك المكونات، ليحاول الإيقاع بها بذات الأسلوب والطريقة، فكان وبالاً عليه وأوقعه في فخ كبير، كاد أن يخلق حالة من الصراع الداخلي والاغتيالات الأمنية، والتي ستكون بداية سقوط مشروعه لامحال.
وسبق أن أعلن "جهاز الأمن العام" التابع لـ"هيئة تحرير الشام" في بيان رسمي، ما أسماه "إحباط مخطط أمني وتعزيز القوة والاستقرار في المناطق المحررة"، معتبراً أن إن إفشال هذا المخطط وكسره سيشكل "إنجازا جديدًا يضاف لإنجازات المشروع الثوري، في المناطق المحررة، وسيكون مال ذلك مجتمعًا آمنًا ومشروعًا متماسكا تتحطم آمال العدو على أسواره وتحت أقدامه".
وقال البيان: "في الأشهر القليلة الماضية، تمكنا مـن إحباط مخطط أمني تقف خلفه جهات معادية، يهدف إلى تجنيد بعض الأفراد والعمل من خلالهم على بث الفتنة وشق الصف وزعزعة الأمن والاستقرار في مناطقنا المحررة، ومع إعلاننا استكمال التحقيقات واستيفاء أركان القضية وشواهدها، فإننا نطمئن الجميع بأننا شارفنا على إنهاء الأعمال الأمنية المتعلقة بها"، واعتبر بأن "الثورة اليوم هي أقوى من ذي قبل، وقادرة على مواجهة النوازل بصدق وأمانة وشفافية".
البيان - وفق متابعين - سرد رواية الهيئة التي تحاول تسويقها في أنها كانت معرضة لمخطط أمني من جهات خارجية، وأن من جرى اعتقالهم وتحييدهم متورطون بالتعامل لتلك الجهات سواء (التحالف أو روسيا أو أي جهة خارجية أخرى)، لكن حقيقة الأمر الذي تحاول الهيئة تغييبه هو أن المخطط كان "انقلاب على قيادتها" مرجعه لخصومات بنوية في هيكليتها القائمة على المناطقية وتملك النفوذ والسلطة من قبل تيارات متصارعة ضمن الهيئة.
وبنظر الخبراء، فإن اتهام " أبو ماريا القحطاني" بالعمالة لجهة خارجية، كان لصرف الأنظار على الحدث الحقيقي الذي واجهته الهيئة خلال الأشهر الماضية، والذي تمثل في كشف مخطط لـ "الانقلاب" على قيادتها "أبو محمد الجولاني" من قبل تيار يقوده "أبو ماريا القحطاني" وبمساندة "أبو أحمد زكور"، أحد أبرز قيادات وأذرع الهيئة سابقاً، بعد هيمنة تيارات أخرى على القرار، تبين أن "القحطاني" اخترقها جميعاً بشبكة من التابعين، اعتقلوا جميعاً على أنهم "عملاء".
وحمل البيان الصادر عن "جهاز الأمن العام" إشكاليات عدة، إذ أنه واصل تسويق "قضية العملاء" والتباهي بتفكيكها، والادعاء بأن الهيئة تمثل الثورة برمتها وأن إفشال انقلاب ضمن بينة الهيئة التي باتت تحت سيطرة "تيار بنش" حالياً يعتبر انجازاً للثورة، وأي انجاز بعد سنوات من التهجير والقتل وخسارة المناطق والبؤس الذي يعانيه الملايين في المنطقة وفق تعبير بعض المتابعين.
وظهر جلياً حجم الانقلاب الذي تعاطى به إعلام الهيئة الرديف كعادته، في الشيطنة بداية ثم في تجميل صورة مايجري حالياً من إفراجات والترويج لعدالة القضاء وحكمة القائد، إلا أن الهيئة فيما يبدو تسير لمرحلة جديدة لن تكون قبل "فخ العمالة"، لاسميا بعد تعزيز سطوة "الجولاني" ومركزية القرار، وإنهاء كل التيارات التي توقع أن تخرج ضده، فاعتقل قادتها كعملاء ثم أفرج عنهم وحولهم لأبطال كانوا فداء لصالح المشروع، ولربما يفرج عن "القحطاني" ذاته العميل الأكبر كما روج، لكن بعد تفكيك أذرع وتقويض امبراطوريته التي بناها لسنوات طويلة.