"الخوذ البيضاء" توضح أسباب زيادة حالات الاختناق بانبعاثات الأدخنة الضارة شمال سوريا
قالت مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، إن أسباب زيادة حالات الاختناق بانبعاثات الأدخنة الضارة، تعود لضعف الأحوال المعيشية والنقص الكبير في مقومات الحياة في شمال غربي سوريا التي فرضتها حالة استمرار حرب النظام وروسيا على المدنيين ومصادر رزقهم وصعوبة العيش في مخيمات التهجير حيث تضطر مئات آلاف العائلات لاستخدام مواد غير آمنة وغير صحية لتوفير الدفء لأطفالهم بسبب ضعف الأحوال المعيشية للكثير منهم.
ولفتت إلى ظروف معيشية صعبة على السوريين مع استمرار حرب النظام وروسيا لـ 13 عاماً، وحملات التهجير الضخمة التي تركت أكثر من مليوني مدنياً في المخيمات، فرضت على السوريين استخدام مواد غير صحية وآمنة للتدفئة مواجهةً لبرد الشتاء والتي تخلف أضراراً ومخاطراً جسيمة من خلال الحرائق وحالات الاختناق
وتحدثت المؤسسة عن تسجيل حادثة مؤلمة جديدة على السوريين وعائلةٍ فقدت 3 من أطفالها نتيجة غياب مقومات الحياة في مخيمات التهجير شمال غربي سوريا، حيث توفي 3 أشقاء (طفلان وشاب)، اختناقاً بانبعاثات مدفأة الفحم، داخل خيمتهم (مسكن مؤقت) في مخيم "مطوع 1" ضمن مخيمات أطمة شمالي إدلب، صباح اليوم الاثنين 15 كانون الثاني.
وأصيب رجل وزوجته بحالة اختناق إثر حريق اندلع بسبب المدفأة في خيمة بمخيم بسقلا للمهجرين في بلدة بابسقا شمالي إدلب، مساء يوم أمس الأحد 14 كانون الثاني، كما أصيبت طفلة 13 عاماً بحالة اختناق حاد بسبب تسرب للغاز المنزلي في منزلها بقرية بليون جنوبي إدلب في ذات اليوم.
وشهدت مناطق شمال غربي سوريا عدة حالات مشابهة بالإصابة بحالات الاختناق جراء انبعاثات أدخنة المدافئ أو تسرب الغاز المستخدم داخل الحمامات وفي بعض الأحيان تشغيل الدراجات النارية داخل الخيام لاستخدام بطارية الدراجة للإنارة.
وتكثر أنواع مواد التدفئة التي يضطر الأهالي لاستخدامها بسبب ضعف الأحوال المعيشية رغم آثارها الصحية الخطرة، حيث يتم استخدام نوعٍ من مادة المازوت غير منقى ويحتوي على مواد نفطية أخرى سريعة الاشتعال ويتم استخدامه بسبب سعره المخفّض عن غيره من أنواع المازوت الأقل خطراً.
ويضطر الأهالي لاستخدام قطع البلاستيك المكسر والأحذية المستعملة في التدفئة رغم خطورة انبعاثاته، وأيضاً مواد الفحم الحجري الذي يعد من أخطر أنواع مواد التدفئة بسبب انبعاثاته الغازية الخارشة للجهاز التنفسي ويتم استخدامه أيضاً بسبب انخفاض سعره مقابل مواد التدفئة الأخرى.
ويعد غاز أول أوكسيد الكربون CO أخطر أنواع الانبعاثات لكونه غاز عديم اللون والرائحة يصعب التحقق من وجوده يؤدي استنشاقه إلى التسمم وقد يصل للموت ويطلق عليه اصطلاح القاتل الخفي لعدم قدرة تمييزه بسهولة ومن الأسباب التي تؤدي لانطلاقه إشعال المدافئ أو أي نار أو مصدر حراري بأماكن محكمة الأغلاق أو مغلقة بشكل يصعب دخول الهواء والأوكسجين منه، وعدم وجود تصريف جيد عبر المدخنة، وضع الجمر في مكان مغلق استخدام مدافئ الكهرباء بأماكن مغلقة استخدام الفوانيس أو مدافئ الغاز، والأبخرة الناتجة عن الحرائق.
ومن أبرز الأعراض التي تظهر على المصاب بحالة اختناق بغاز أحادي أكسيد الكربون CO الصداع والدوار وضيق التنفس وضعف وتشويش ذهني وخلل في وظائف الجهاز العصبي والإغماء وخلل في القلب ثم الوفاة التي قد تحدث للنائم قبل ظهور الأعراض المذكورة عليه.
ويمكن تدارك خطورة انتشار الغاز بإجراءات فورية وسريعة عند ملاحظة انتشاره ومنها تهوية المكان فوراً إطفاء المصدر الحراري المسبب وأية مصادر أخرى قد يتفاعل معها الغاز (أحادي أكسيد الكربون)، إخراج جميع من في المكان وخاصةً الأطفال ومرضى الجهاز التنفسي وكبار السن والنساء الحوامل وذوي الاحتياجات الخاصة، الاتصال بالإسعاف فوراً.
كما يمكن الوقاية من خطر انطلاق الغاز بإجراءات احترازية تتمثل في التأكد من التصريف الجيد لنواتج الاحتراق وجود فتحة تهوية مناسبة والتأكد من صلاحيتها للتصريف، عدم ترك المدافئ (غاز، فحم، كهرباء، حطب، محروقات..إلخ) مشتعلة أثناء النوم والتأكد من عدم ارتجاع النار إلى صندوق المدفئة المملوء بالمواد المستخدمة للتدفئة (الدلو المملوء بقشور التدفئة، خزان مدفئة المازوت المعروف بـ الدابو)، عدم ادخال المجامر لداخل الخيام أو الغرف، صيانة المداخن وتنظيفها وعدم تركيب أغلاق لها، الفحص الدوري للأدوات التي تعمل بالغاز.
وأشارت المؤسسة إلى أن أخطار كبيرة يشكلها استخدام مواد غير صحية وغير آمنة في التدفئة، لا تقف عند الإصابة بالاختناق، حيث أن الكثير منها مواد سريعة الاشتعال تؤدي إلى اندلاع حرائق في المنازل والخيام وتؤدي في بعض الأحيان لوقوع وفيات وإصابات خطرة، وقد أصيب رجل وطفليه بحروق، وأحد الأطفال إصابته خطرة، جراء حريق اندلع في منزل يسكنونه في قرية كفرجنة بريف عفرين شمالي حلب، الأحد 14 كانون الثاني، واحترقت خيمة في مخيم طريق يازيباغ في ريف مدينة اعزاز شمالي حلب، أثناء إشعال المدفأة، وأصيب مدنيان اثنان بحروق جراء حريق اندلع داخل منزل سكني على طريق نده - اعزاز شمالي حلب، بعد منتصف ليلة يوم الأربعاء 10 كانون الثاني.
واستجابت فرق الدفاع منذ بداية العام الحالي 2024 لأكثر من 50 حريقاً في مناطق شمال غربي سوريا، أغلب هذه الحرائق بسبب المدافئ، وتسببت هذه الحرائق بإصابة 7 مدنيين بحروق وحالات اختناق بينهم طفلان وامرأة.
وأكدت أن الواقع الصعب الذي يعيشه المدنيون في مناطق شمال غربي سوريا وسنوات حرب النظام وروسيا الطويلة فرض عليهم اللجوء إلى طرق تدفئة أقل تكلفة في فصل الشتاء بسبب تردي الأوضاع المعيشية، وسوء الواقع الاقتصادي، ما زاد من نسب حوادث الحرائق بسبب طبيعة المواد المستخدمة في التدفئة وخطرها على المدنيين كالوقود المعالج بدائياً والمواد البلاستيكية والفحم وغيرها من المواد غير الآمنة.
ويبقى لغياب إجراءات السلامة والوعي دور كبير في أغلب الحرائق، لتتحول الحرائق إلى كابوس يومي، يضاف إلى أخطار أخرى تلاحق المدنيين من القصف والأمراض والسيول وغيرها من المخاطر في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة.
ووفق المؤسسة، لا تقتصر أضرار نواتج الاحتراق وأدخنة المدافئ وانبعاثات الغازات، على حالات الاختناق التي تقع بشكل فوري ومباشر، بل تنتج عنها آثار طويلة الأمد تلحق بالجهاز التنفسي وأمراض مزمنة أخرى قد تصل في بعض الحالات وعلى المدى الطويل للإصابة بالسرطان لما تحمله هذه المواد المحترقة من خواص مضرة بالصحة، كما أنها تشكل مصدراً داعماً للتلوث البيئي إلى جانب أدخنة المصانع عوادم المركبات التي تهدد بشكل أوسع جميع أشكال الحياة ويمتد أثرها ليس على الإنسان فحسب بل على المياه والهواء والتربة وتهدد حياة الحيوانات البرية أيضاً، لما تحمله من خواص كيميائية ومواد سامة وخطرة على الحياة.