"الخوذ البيضاء" تشارك بفعالية عقدت في لندن حول "إعادة بناء الأمل" بعد عام على الزلزال
قالت مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، إن "منير المصطفى" نائب مدير الدفاع المدني السوري للشؤون الإنسانية، شارك في فعالية بمدينة لندن نظمها الاتحاد السوري البريطاني ومؤسسة هاندز أب، بالتعاون مع جامعة SOAS وحملت الفعالية عنوان "إعادة بناء الأمل بعد عام على زلزال سوريا وتركيا".
وتهدف الفعالية لتسليط الضوء على الوضع المستمر في سوريا بعد الزلزال ومناقشة أوجه القصور في إطار المساعدة الإنسانية الدولية، إضافة للأدوار المحورية التي تلعبها الجهات الفاعلة الإنسانية سواء داخل البلاد أو في الشتات.
وتحدث المصطفى خلال الفعالية، عن استجابة الخوذ البيضاء والمؤسسات السورية للكارثة، وأهمية توطين القدرات لهذه المؤسسات المحلية لتكون قادرة على الاستجابة للكوارث، كما أكد على أهمية خطوات التعافي لدعم المجتمعات المتضررة والمنكوبة من الزلزال لاستعادة الحياة وسبل العيش وضرورة توسيع هذه البرامج لتشمل كافة القطاعات بما يضمن استدامة في الاستجابة ويحقق التنمية لهذه المجتمعات، التي تعاني من الحرب المستمرة لنظام الأسد وروسيا منذ 13 عاماً.
وسبق أن قالت "الخوذ البيضاء"، في بيان لها، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للزلزال المدمر، إن تاريخ السادس من شباط من العام الماضي، والذي ضرب فيه زلزال مدمر شمالي سوريا وجنوبي تركيا، لم يكن لحظة عابرة في حياة ملايين السوريين، لقد كان أكثر من مجرد كارثة طبيعية مدمّرة، لأنه شكّل نقطة انعطاف في سردية المأساة السورية.
وأضاف البيان: "لقد كان للزلزال المدمر فجر السادس من شباط تأثيراً كارثياً على شمال غربي سوريا، لقد فقد فيه أكثر من أربعة آلاف وخمسمائة شخص أرواحهم، وأصيب أكثر من عشرة آلاف وأربعمائة آخرين بإصابات متنوعة بينهم ما زال في برامج علاج طويلة الأمد وإعادة التأهيل".
ووفق المؤسسة "أدى هذا الزلزال لتشريد نحو أربعين ألف عائلة جراء تهدم منازلهم، ما اضطر هذه العائلات إلى العيش في مراكز إيواء ومخيمات مؤقتة، وازاد حجم مأساة المخيمات التي يعيش فيها نحو مليوني مهجر، وبعد مرور عام مازال السكان يكافحون لإعادة بناء حياتهم".
ولم تقتصر الآثار الكارثية للزلزال على الخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات فحسب، بل أفرزت أيضاً تحديات طويلة الأجل أمام مشاريع التعافي والصمود التي تحاول منظمات المجتمع المدني السوري إطلاقها في شمال غربي سوريا وهي المنطقة الأكثر تضرراً بالزلزال في سوريا، نظراً إلى البنية التحتية الهشة وضعف الاستجابة الانسانية الدولية والانخفاض الحاد في تمويلها، إضافة إلى استمرار الهجمات العسكرية على المناطق المدنية من قبل قوات النظام وروسيا، وتقويضها لاستقرار السكان وسبل عيشهم.
وقالت المؤسسة: "نستذكر اليوم أرواح من فقدناهم ونحيي هذه الذكرى القاسية على كل السوريين، والتي تركت جراحاً في أجسادنا وأرواحنا وفي كل تفاصيل حياتنا، إلا أننا في الوقت نفسه نجد أنفسنا أمام مرحلة جديدة في الاستجابة الإنسانية لأهلنا بوصفها انتصاراً لرغبة الحياة رغم كافة الصعوبات والتحديات الكبيرة".
وأكد البيان أن ما صنعه السوريون من ملحمة حقيقية شعبية عبر العمل الجماعي خلال الأيام الثلاثة الأولى عقب الزلزال يعكس عمق العلاقة وتجذّرها بين مؤسسة الدفاع المدني السوري والمجتمعات والفعاليات المحلية والمدنية السورية وكافة السوريين في سوريا والمهجر.
وأعربت المؤسسة عن تقديرها العميق لجهود متطوعي الدفاع المدني السوري وجهود جميع العاملين في المجال الإنساني الذين استجابوا بشجاعة منقطعة النظير لنداء الأهالي والأطفال تحت الأنقاض؛ وتمكنوا، على الرغم من ضعف الإمكانيات وعدم توافر التجهيزات المناسبة للتعامل مع هذه الكارثة، من الاستجابة الشريعة والمباشرة لكارثة مخيفة بحجم ذلك الزلزال والمستوى المنخفض للمساعدات الإنسانية الدولية في الأيام الأولى عقب الزلزال.
وأوضحت أنه في الساعات الأولى الحرجة من الاستجابة كانت المنظمات المحلية تستجيب وحدها لكارثة تحدث مرة واحدة كل مئة عام في هذه المنطقة من العالم، في وقت كانت فيه هناك حاجة ماسة إلى استجابة دولية سريعة لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض.
ولفتت إلى أن الاستجابة السورية لهذا الزلزال المهول، على الرغم من الخسائر الجسيمة في أرواح أهلنا وحزننا على كل روح فقدت، كانت من أفضل الأعمال البطولية والإنسانية التي شهدها العالم، ونشعر بالفخر لكل متطوع وسوري ساهم في هذه الاستجابة، فالشكر الجزيل لكم نيابة عن كل السوريين.
وبينت أنه منذ اللحظات الأولى عقب حدوث الزلزال، عملت فرق الدفاع المدني السوري ضمن خطة عمل شملت ثلاث مراحل للاستجابة للزلزال: المرحلة الأولى كانت متعلقة بالاستجابة الطارئة وانتهت بانتهاء عمليات البحث عن ناجين وانتشال جثامين الضحايا.
وشملت المرحلة الثانية فتح الطرقات وتأمين أخطار الأبنية والجدران في البيوت الآيلة للسقوط للحفاظ على أرواح المدنيين وتسهيل عمليات الاستجابة للطوارئ وفتح شرايين الحياة التي أغلقها الركام، وشملت المرحلة الثالثة، إزالة الأنقاض وهي خطوة حاسمة نحو إنعاش المجتمعات المتضررة واستعادة البنية التحتية لبدء السكان بإعادة بناءِ حياتهم.
ولم تغب عن الدفاع المدني السوري مبادرات ومشاريع التعافي والبناء في شمال غربي سوريا، فكانت الجهود منصبة لإعادة الحياة وتأهيل المرافق الحيوية والأساسية للتخفيف من هول الكارثة، فخلال العام الماضي، بدأت مؤسسة الدفاع المدني السوري سلسلة من مشاريع البنية التحتية، يتجاوز عددها الخمسين مشروعاً تهدف إلى إعادة بناء مرافق أساسية وإعادة تأهيل طرقات وشبكات مياه وصرف صحي وتأمين الاستقرار للسكان في أماكن سكنهم.
وفي ظل الكوارث الإنسانية حول العالم، أكدت المؤسسة على أهمية إجراء مراجعة متعمقة لاستجابة مؤسسات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي خلال الأسبوع الأول عقب الزلزال، وضرورة وضع قواعد واضحة لاستجابة فرق البحث والإنقاذ الدولية في المناطق التي تشهد حروباً في حال وقوع كوارث طبيعية مماثلة في المستقبل.
وشددت على مطالبها بعدم تسييس الاستجابة الإنسانية الدولية لوكالات الأمم المتحدة عبر الحدود إلى كافة المناطق السورية، وضرورة استمرارها عبر كافة المعابر الحدودية باعتبارها شريان الحياة لأكثر من 4.2 مليون شخص في شمال غربي سوريا.
وقالت إنه ينبغي على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إعطاء الأولوية لتطوير آليات بديلة للاستجابة لحالات الطوارئ والكوارث المفاجئة، عن طريق تعزيز القدرات المجتمعية المحلية، ونشدد على أهمية الاستثمار في القدرات المحلية للاستجابة للطوارئ والتعافي المستدام طويل الأجل لضمان قدرة المجتمعات المحلية على الاستجابة في حال تكرار هذه الكارثة.
وأكدت على ضرورة التزام وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية والسورية بمبادئ المساءلة أمام الشعب السوري، من خلال إشراك المجتمعات السورية وخاصة الفئات الأكثر ضعفاً في جميع عمليات صنع القرار بطريقة تصون حقوقهم وكرامتهم.
وأشارت إلى أن الطريق طويل أمام التعافي والعمل مستمر لإعادة الحياة إلى شمال غربي سوريا، مع وصول الاحتياجات الإنسانية في أعقاب الزلازل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، وتضاعف وتيرة الهجمات والقصف الممنهج من قبل قوات النظام وروسيا وحلفائهم على المناطق المدنية طوال العام المنصرم، وسط غياب لأية حلول تنهي هذه المأساة وغياب موقف دولي واضح حيال الجرائم ضد الإنسانية التي تمارسها قوات النظام وروسيا بحق المدنيين، ويبقى الأمل حياً في قلوبنا وقلوب السوريين بوقف الحرب وتحقيق العدالة وإعادة إعمار ما دُمر خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية.