"الخوذ البيضاء": مخلفات الحرب والألغام … وجه آخر للحرب على السوريين
أصدرت مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، تقريراً بمناسبة "اليوم الدولي للتوعية بالألغام"، مؤكدة التزامها في رفع مستوى الوعي بالمخاطر المرتبطة بالألغام والذخائر غير المنفجرة وتعزيز مجتمعات أكثر أماناً، وقالت إن "مخلفات الحرب والألغام وجه آخر للحرب على السوريين".
ووفق التقرير، فلا يقتصر خطر العمليات العسكرية وقصف النظام وحليفه الروسي والمليشيات الإيرانية على الأثر المباشر و اللحظي الذي ينجم عنها وما يرافقه من قتل وجرح للمدنيين وتدمير للبنية التحتية، بل إن خطرها يمتد ويبقى لأمد طويل، فأي قذيفة أو صاروخ لم ينفجر، أو لغم، سيكون بمثابة قنبلة موقوتة قد تنفجر بأية لحظة وتسبب كارثة إن لم يتم التعامل معها قبل فوات الأوان.
ولاتزال أعداد كبيرة من الذخائر غير المنفجرة والألغام موجودة بين منازل المدنيين، وفي الأراضي الزراعية وفي أماكن لعب الأطفال، ناجمة عن قصف ممنهج طوال السنوات الـ 13 الماضية، وستبقى قابلة للانفجار لسنوات أو حتى لعقود قادمة، ومع وجود تلك الذخائر وانتشارها في جميع أنحاء سوريا، ستستمر الخسائر لفترة طويلة حتى في حال انتهاء الحرب.
وكشف تقرير مرصد الألغام الأرضية (Mine Action Review) السنوي الصادر في تشرين الثاني الماضي، والذي ساهم فيه الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) من خلال توفير البيانات، وجمع وإدارة المعلومات المتعلقة بالألغام في شمال غربي سوريا وتحديد المناطق الملوثة، أن سوريا سجلت و للعام الثالث على التوالي، أكبر عدد من الضحايا الجدد للألغام المضادة للأفراد أو مخلفات الحرب القابلة للانفجار، حيث وثق التقرير 834 ضحية في عموم سوريا خلال العام 2022 والنصف الأول من العام 2023، ويعد التقرير بمثابة الأساس للعمل المنتظم للدول الـ 164 الموقعة على اتفاقية أوتاوا لحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد (APMBC) واتفاقية الذخائر العنقودية (CCM).
اليوم الدولي للتوعية بالألغام
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 8 كانون الأول 2005، يوم 4 نيسان من كل عام رسميا اليوم الدولي للتوعية يمخاطر الألغام والمواد المتفجرة والمساعدة في الأعمال المتعلقة بالألغام، ودعت إلى استمرار الجهود التي تبذلها الدول، بمساعدة من الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة المشاركة في الأعمال المتعلقة بالألغام وتشجيع بناء قدرات وطنية وتطويرها في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام في البلدان التي تشكل فيها الألغام والمخلفات المنفجرة للحرب تهديداً خطيراً على سلامة السكان.
عواقب مخلفات الحرب على الأفراد والمجتمعات:
تؤدي الألغام ومخلفات الحرب غير المنفجرة حرمان مجموعات سكانية بأكملها من المياه والأراضي الزراعية والرعاية الصحية والتعليم، كما تعيق أعمال الإغاثة وقد تحرم السكان من المساعدات الإنسانية بسبب المخاطر:
الأثر الجسدي: يمكن أن تنفجر مخلفات الحرب بشكل غير متوقع وتتسبب بأذى جسدي وحالات بتر أو وفاة، الأطفال معرضون للخطر بشكل خاص لجهلهم خطرها، ولعبهم وتنقلهم في أماكن خطرة وموبوءة بمخلفات الحرب.
تعد الإصابات الناجمة عن مخلفات الحرب كارثية لتسببها بإعاقات دائمة على الأغلب، إذ يؤدي انفجارها إلى الإصابة بجروحٍ شديدةٍ قد ينجم عنها تمزقٌ في الأعضاء الداخلية وتضررٌ في الأجزاء الحيوية للجسم، أو بترٌ في الأطراف أو فقدان حاستَي السمع والبصر كذلك الأمر.
الأثر على المأوى: وتعتبر مخلفات الحرب واحدة من أكبر عوائق عودة النازحين لمنازلهم وخاصة في المناطق التي كانت نقاط تماس أو تعرضت للقصف.
الأثر الاقتصادي: يمكن أن تتسبب مخلفات الحرب تقييد للأنشطة الزراعية بالحد من الوصول للأراضي الزراعية أو استثمارها، على الأنشطة الصناعية و الإنتاجية ما ينعكس سلباً على النمو الاقتصادي والتنمية وخاصة في المجتمعات الهشة كما في شمال غربي سوريا، وينعكس ذلك سلباً على معدلات الفقر والبطالة وبالتالي تفاقم التحديات التي تواجهها المجتمعات.
الأثر النفسي: إن مخلفات الحرب يمكن أن تخلق حالة من الخوف والقلق لدى الأفراد والمجتمعات، مما يؤدي إلى صدمات نفسية أو حتى مشاكل مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، وخاصة في المناطق التي سقط فيها ضحايا جراء هذه المخلفات، بالإضافة للأثر النفسي المباشر على الأشخاص الذين يتعرضون للإصابة بأحد هذه المخلفات (الشعور بالعجز والتغير في نمط الحياة ونظرة المجتمع لهم في حال حصول إعاقة دائمة).
الأثر البيئي: يمكن أن تضر المتفجرات من مخلفات الحرب بالبيئة وتلوث التربة ومصادر المياه بمواد خطرة، والجفاف بسبب صعوبة الوصول للأراضي الزراعية وزراعتها وحرمان الأراضي المروية من مياه الري نتيجة صعوبة الوصول لمصادر المياه اللازمة للزراعة وانعكاس ذلك كأثر طويل الأمد على النظام البيئي.
مخلفات الحرب في سوريا
يعيش ملايين المدنيين في سوريا في مناطق موبوءة بالألغام والذخائر غير المنفجرة نتيجة سنوات من قصف النظام وروسيا الذي ما زال مستمراً، وتشكل مخلفات الحرب هذه (الألغام والذخائر غير المنفجرة) تهديداً كبيراً على حياة السكان، وموتاً موقوتاً طويل الأمد، وتؤثر بشكل مباشر على استقرار المدنيين والتعليم والزراعة وعلى حياة الأجيال القادمة وخاصة الأطفال لجهلهم بماهية هذه الذخائر وأشكالها وخطرها على حياتهم، وتتعامل فرقنا مع هذا الواقع لإزالة مخلفات الحرب وتوعية المدنيين بخطرها وتمكنت منذ بداية الفرق منذ بداية عملها من إزالة أكثر من 25 ألف ذخيرة من مخلفات الحرب منها أكثر 22.500 قنبلة عنقودية.
بعض أنواع مخلفات الحرب تكون على سطح الأرض ، بينما توجد أنواعٌ أخرى منها كقنابل الطائرات مدفونة تحت سطح الأرض بعدة أمتار مما يجعل من إزالتها أمرًا صعبًا، الذخائر غير المنفجرة مختلفةٌ في آليتها عن الألغام، إذ إنّ الألغام زرعت بغرض التسبب بإصاباتٍ، بينما تكون الذخائر غير المنفجرة عبارةً عن أدواتٍ فشلت في أداء عملها، فقد لا تنفجر أبدًا أو قد تنفجر بأي لحظة ولا يمكن تحديد مدى تأثيرها وخطرها على ما حولها، وطوال السنوات الماضية وثقت فرق الذخائر في الدفاع المدني السوري استخدام نظام الأسد وروسيا أكثر من 60 نوعاً من الذخائر المتنوعة في قتل المدنيين منها 11 نوعاً من القنابل العنقودية المحرمة دولياً
عمل فرق إزالة مخلفات الحرب
وتواصل فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة (UXO) في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) أعمالها بتطهير المناطق المتضررة شمال غربي سوريا من مخلفات حرب النظام وروسيا على السوريين، وتتنوع أعمال الفرق من عمليات مسح غير تقني وتحديد المناطق الملوثة بمخلفات الحرب إلى جلسات التوعية بتلك المخلفات، وأجرت فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة في الدفاع المدني السوري خلال العام الماضي 1450 عملية مسح غير تقني وقامت خلالها بتحديد 531 منطقة ملوثة بالذخائر، وتم التخلص من 1054 ذخيرة منها 325 ذخيرة عنقودية، و 206 مقذوفاً، و 181 قنابل (رمانات)، و 171 صاروخاً، و 140 قذيفة هاون، و 48 فيوز، و 4 قنابل ملقاة من الجو، و 3 صواريخ موجهة، 3 ألغام أرضية، و مقذوف عديم الارتداد، كما نظمت الفرق 4491 جلسة توعية بمخاطر الذخائر المتفجرة استفاد منها 94630 مدني.
عمل فرق إزالة ملفات الحرب خلال الربع الأول العام الحالي
أما في الربع الأول من العام الحالي 2024 فقد سجلت فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة (UXO)، إجراء 301 عملية مسح غير تفني، وتحديد 88 منطقة ملوثة بمخلفات الحرب، وتم خلال هذهُ الفترة التخلص من 189 ذخيرة من مخلفات الحرب، منها 44 قنبلة عنقودية، و 34 قنبلة، و 31 صاروخ، كما نظمت الفرق 828 جلسة توعية بمخاطر الذخائر المتفجرة استفاد منها 17034 مدني.
ضحايا مخلفات الحرب
ومع استمرار حرب النظام وتعمّد قواته وروسيا القصف بالقنابل العنقودية والأسلحة الحارقة وغيرها من الذخائر، يعيش السوريون خطراً طويل الأمد على حياة الأجيال القادمة وخاصة الأطفال حيث تشكل هذه المخلفات خطراً كبيراً على حياتهم. ووثقت فرق الدفاع المدني السوري خلال العام الماضي (2023) 24 انفجاراً لمخلفات الحرب في شمال غربي سوريا بينها 17 انفجاراً من مخلفات قصف سابق و 7 انفجارات لألغام أرضية أدت لمقتل 7 أشخاص بينهم 4 أطفال وإصابة 29 آخرين بينهم 19 طفلاً، وامرأتان.
متطوعات الخوذ البيضاء يشاركن في حماية الأرواح
انضمت متطوعات في الخوذ البيضاء للمرة الأولى في شمال غربي سوريا، إلى فرق المسح غير التقني منتصف العام 2022 بعد أن تلقينَّ التدريبات اللازمة والمهارات للبدء في مهمة جديدة يؤدينها في معركتهن للحفاظ على المجتمعات ولإنقاذ الحياة، ويتم الآن تدريب متطوعات على مهام المسح التقني والإزالة، ليكن بذلك قادرات على القيامن بجميع مهام فرق الإزالة وهذه الخطوة هي جزء من رؤية المؤسسة لتعزيز دور ومكانة المرأة في الدفاع المدني السوري وتمكينها من قيادة أعمال التعافي ومساعدة المجتمعات.الأرواح.
عملٌ مكثف خلال مواسم الحصاد والزراعة
وتكثف فرقنا خلال مواسم المختلفة طوال العام من أعمالها في تطهير المناطق الملوثة بمخلفات الحرب وذلك لحماية المزارعين وتأمين بيئة آمنة لهم أثناء جني محاصيلهم وتجهيز أراضيهم الزراعية، ويعتبر شهرا نيسان وأيار بداية هذهِ المواسم، حيث يستعد المزارعون لموسم الحصاد وجني المحاصيل الصيفية، وقد نفذت فرقنا خلال هذا الموسم في العام الماضي أكثر من 1274 عملية متعلقة بمخلفات الحرب منها أكثر من 251 عملية مسح تقني وأكثر 850 جلسة توعية بمخلفات الحرب وخلال تلك الفترة تم إزالة 186 ذخيرة غير منفجرة، إضافة إلى عشرات العمليات المتعلقة بمخلفات الحرب خلال موسم جني محصول التين، وجني محصول الزيتون.
دعم التعليم وحماية الطلاب والكوادر التعليمية من مخلفات الحرب
ونظراً لأهمية التعليم ودوره الحاسم في بناء المجتمعات المتأثرة بالكوارث والحروب، وسعياً من الدفاع المدني السوري لدعم التعليم وتوفير بيئة آمنة للطلاب، قامت فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة بحملات مكثفة لتطهير مدارس شمال غربي سوريا ومحيطها من مخلفات الحرب لحماية الطلاب من خطرها وشهدت الفترة من 1 أيلول إلى 31 تشرين الأول الماضيين، وهي الفترة التي يعود فيها الطلاب إلى مقاعد الدراسة، قيام فرقنا بأكثر من 1340 عملية متعلقة بمخلفات الحرب منها 264 عملية مسح غير تقني وأكثر من 860 جلسة توعيها استفاد منها أكثر من 19 ألف مدني، وتم خلال الفترة المذكورة إزالة 217 ذخيرة غير منفجرة.
وطهرت فرقنا قبل بدء المدارس 29 مدرسة في ريفي إدلب وحلب، وبعد التصعيد العسكري في تشرين الأول 2023، وتحديدياً في الـ 11 تشرين الأول تلقت الخوذ البيضاء طلبا للمساعدة من مجموعة التعليم بعد أن أوقفت 16 مدرسة عملياتها بسبب الاشتباه في وجود ذخائر غير منفجرة، وتم مسح هذه المدارس من قبل فرق uxo والتأكد من أن هذه المدارس آمنة وفتحت أبواب التعليم المغلقة مرة أخرى ، تمكن الطلاب والمعلمون من العودة إلى فصولهم الدراسية واستئناف رحلة التعلم.
التوعية مهمة أساسية للحفاظ على الأرواح
إن زيادة الوعي بمخاطر الألغام ومخلفات الحرب أمر بالغ الأهمية، وتساهم حملات التوعية بتزويد السكان بالمعرفة والمهارات اللازمة لتجنبها، وتشمل تثقيف السكان حول كيفية التعرف على الألغام وغيرها من الذخائر غير المنفجرة، فضلاً عن توفير التدريب على كيفية البقاء بأمان في المناطق التي قد تكون ملوثة، ويساعد رفع مستوى الوعي بالمخاطر المرتبطة بالألغام والذخائر غير المنفجرة في تقليل مخاطر الإصابة والوفاة وتعزيز مجتمعات أكثر أماناً، وتأمين الحماية لها وخاصة الأطفال.
وتهدف التوعية لزيادة الوعي في حالات الطوارئ، وتغيير السلوك على المدى الأطول، إضافة لإعطاء المجتمعات المحلية دور مهم في تعلم حماية أنفسهم والإبلاغ على وجود مخلفات الحرب، وتعتمد فرق التوعية على الملصقات والجلسات الفيزيائية المباشرة بالاعتماد على نهج التواصل مع المجتمع المحلي وهو الأكثر فعالية، لأن متطوعي الدفاع المدني السوري هم أفراد ينتمون إلى مجتمعاتهم المحلية وبالتالي يكون تواصلهم عالي الأثر .
توعية العمال الإنسانيين
وإلى جانب أعمال المسح وإزالة مخلفات الحرب تسعى فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة (UXO) في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) إلى رفع مستوى الوعي لدى العمال الإنسانيين العاملين في شمال غربي سوريا، وتجنيبهم المخاطر خلال قيامهم بواجبهم الإنساني، حيث نظمت فرقنا جلسات تدريب وتوعية في الأمن والسلامة لعدد من المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة، من بينها جلسات تدريب لـ 100 متدرب/ة من منظمة إحسان للإغاثة والتنمية، إحدى برامج المنتدى السوري، وتضمنت الجلسات ثلاثة محاور، بينها مخاطر مخلفات الحرب، وقامت فرقنا بتدريب مشابه ل لـ 100 متدرب/ة من منظمة PEOPLE IN NEED، العاملين في مكاتب صوران و اعزاز بريف حلب الشمالي، ويضاً قدمت فرقنا التدريبات لمنظمتي WHH و SARD.
شراكات الدفاع المدني السوري فيما يتعلق بمخلفات الحرب
الدفاع المدني السوري عضواً في الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية والأسلحة العنقودية ICBL-CMC ويشارك في التقرير السنوي التي تصدره الحملة والمعتمد من قبل الأمم المتحدة عبر احصاءات وأرقام بالأعمال المتعلقة بالألغام مع التركيز على العمليات التي تستهدف القنابل العنقودية وتحديد المناطق الملوثة، وتعتبر عضوية المؤسسة في هذه الحملة و كثاني جهة مدنية سورية عضوة في هذه الحملة هام جداً لتسليط الضوء وزيادة تركيز المجتمع الدولي على واقع التلوث الخطير في شمال غرب سوريا.
كما أن الدفاع المدني السوري وبالتعاون مع بعض الشركاء العاملين بهذا المجال في شمال غرب سوريا يعمل على تأسيس مجموعة عمل تقنية تحت مظلة قطاع الحماية في OCHA ومن المتوقع أن تبدأ المجموعة عملها وبقيادة الدفاع المدني مع بداية العام 2024 على أن تكون عملية قيادة المجموعة دورية مع منظمتين اثنتين (كما هو مخطط له).
الأسلحة المحرمة دولياً وخطرها الطويل
ازدادت وتيرة الاعتداءات العسكرية اعتباراً من شهر آب خلال العام الماضي، وشهد تشرين الأول الماضي أكبر تصعيد من قبل النظام وروسيا والميليشيات الموالية لهم على مناطق شمال غربي سوريا خلال أربع، وخلال هجماته اتبع النظام سياسة ممنهجة هدفها إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا وتقويض الاستقرار وحرمان المدنيين من القيام بأعمالهم اليومية، حيث استخدم الأسلحة المحرمة دولياً في أكثر من هجوم، وهي الأسلحة التي يكون تهديد طويل الأمد على المدنيين نظراً لصعوبة حصر المنطقة الجغرافية الملوثة، وقد أعقبت حملة التصعيد حملات مكثفة من فرق إزالة الذخائر غير المنفجر لتأمين الأماكن التي تعرضت لقصف الأسلحة المحرمة دولياً من قنابل عنقودية وذخائر حارقة وألغام مضادات للأفراد.
و بين 10 تشرين الأول 2023 و31 كانون الأول 2023، أجرت فرق المسح التابعة للخوذ البيضاء 323 تقييما مجتمعيًا وحددت 124 منطقة خطرة مؤكدة نفذت فرق الخوذ البيضاء 272 مهمة تطهير خلال نفس الفترة، وتعاملت مع 274 جسم من الذخائر المنفجرة في هذه العملية، وشملت هذه العناصر 74 ذخيرة صغيرة، و74 صاروخاً، و40 قذيفة، و36 قنبلة يدوية، و33 قذيفة هاون، و15 فتيل، ولغم أرضي، وصاروخ موجه واحد، و تم التخلص من 274 ذخيرة في تسع مناطق شمال غربي سوريا (20 في الباب، 41 في أريحا، 23 في أعزاز، 31 في حارم، 83 في إدلب، وثمانية في جرابلس، و27 في جبل سمعان، و39 في جسر الشغور وذخيرتان في الغاب).
الألغام والقنابل العنقودية ومخلفات الحرب القابلة للانفجار في القانون الدولي الإنساني
تشكل القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني، والبروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 واتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد والبروتوكول الثاني المعدَّل والبروتوكول الخامس للاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة واتفاقية الذخائر العنقودية، تشكل في مجملها الآن الإطار القانوني الدولي الشامل لمنع ومعالجة المعاناة الإنسانية التي تسببها الألغام والذخائر العنقودية وغيرها من الذخائر المتفجرة.
وبموجب هذه الصكوك، يُحظر على الدول الأطراف استخدام الألغام الأرضية والذخائر العنقودية، كما أنّ عليها التزامات تتراوح من تطهير الأراضي الملوثة وتدمير المخزون إلى توفير المساعدة الشاملة للضحايا.
رغم كل الجهود المبذولة ما تزال أعداد كبيرة من الذخائر غير المنفجرة والألغام موجودة بين منازل المدنيين، وفي الأراضي الزراعية وفي أماكن لعب الأطفال، ناجمة عن قصف ممنهج للنظام وروسيا استمر على مدى سنوات ومايزال حتى الآن، وستبقى قابلة للانفجار لسنوات أو حتى لعقود قادمة، ومع وجود تلك الذخائر وانتشارها في جميع أنحاء سوريا، ستستمر الخسائر لفترة طويلة حتى في حال انتهاء الحرب، و تتركز جهود الدفاع المدني السوري على التعامل مع هذا الواقع المؤلم والحفاظ على أرواح المدنيين، عبر إزالة تلك الذخائر وتوعية المدنيين من خطرها، وإن الأعمال المتعلقة بالألغام وإزالة الذخائر غير المنفجرة هي استثمار في الإنسانية، فهي تساعد في رعاية المجتمعات وإعادة إحيائها، والحفاظ على الأمن الغذائي، وتمكين النازحين داخلياً العودة إلى منازلهم، والأطفال من الوصول لمدارسهم و أماكن لعبهم بأمان.
المصدر: مؤسسة الدفاع المدني السوري