
نهر الفرات في دير الزور: الصيد الجائر وتداعياته على الصيادين والأهالي
تُعد مهنة الصيد واحدة من المهن الشائعة في سوريا، وخاصة في المناطق التي توجد فيها الأنهار والمسطحات المائية، حيث تتوفر البيئة المناسبة لنمو وتكاثر الأسماك. يمارسها البعض كمصدر رزق أساسي لكسب لقمة العيش، بينما يراها آخرون مجرد هواية أو وسيلة للتسلية.
وهناك من ورث هذه المهنة عن آبائه وأجداده، مستفيداً من قرب النهر وسهولة الوصول إليه، مما يجعل من ممارسة الصيد أمراً متاحاً ومألوفاً في حياتهم اليومية. من أبرز المناطق التي يعتمد عليها الأهالي في صيد السمك في دير الزور نهر الفرات، والذي يُعد من أهم الموارد الطبيعية التي يرتادها الصيادون يومياً لممارسة مهنتهم.
إلا أن مهنة الصيد في هذا النهر بدأت في السنوات الأخيرة تُواجه تحديات كبيرة، أبرزها لجوء بعض الصيادين إلى ممارسات غير أخلاقية وخطيرة، تؤثر سلباً على مهنة الصيد والأهالي والصيادين في المنطقة، وكذلك على الثروة السمكية.
إضافة إلى ذلك، يُعاني نهر الفرات من مشكلات متعددة، مثل التلوث، الإهمال، وضعف الرقابة، مما زاد من معاناة الصيادين وأثر سلباً على مصدر رزقهم، وعلى الأهالي الذين يعتمدون على هذه المهنة في معيشتهم اليومية.
ومن بين الأساليب غير الشرعية التي يستخدمها بعض الصيادين، وفقاً لما أكده الأهالي، الصيد بالكهرباء أو الديناميت. فبعضهم يقوم بتفجير مواد متفجرة في الماء بهدف قتل الأسماك بشكل جماعي وسريع، بدلاً من صيدها بالطرق التقليدية باستخدام الشباك أو السنارات. ويؤدي استخدام الديناميت إلى قتل جميع الأسماك الصغيرة والكبيرة معاً، مما يمنع تكاثرها ويقلل المخزون السمكي بشكل كبير، ويؤثر على دخل الصيادين.
كما يساهم هذا الأسلوب في تدمير البيئة المائية، إذ تتأثر النباتات والكائنات الأخرى في النهر، إضافة إلى ذلك، فإن استخدام الديناميت يشكل خطراً كبيراً على حياة البشر، حيث يمكن أن يصاب أي شخص قريب من مكان الانفجار بصعقة أو إصابة خطيرة. وعلاوة على ذلك، فإن هذه الأساليب غير مستدامة، لأنها تسبب انخفاضاً مستمراً في أعداد الأسماك، مما يؤثر سلباً على دخل الصيادين ومعيشتهم اليومية.
كما اشتكى أبناء المنطقة من أصوات التفجيرات المتكررة، التي أصبحت تُخيف الأهالي وتُرعب الأطفال، خاصة أنهم يعتقدون أنها قصف أو هجمات مسلحة. ويزداد الأمر خطورة بسبب موقع نهر الفرات كخط فاصل بين مناطق سيطرة الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، ما يزيد من المخاوف لدى السكان المحليين.
بحسب مصادر محلية، كانت هذه الأساليب ممنوعة قبل اندلاع الحرب، لكنها ظهرت خلال سنوات الحرب، مما أدى إلى آثار سلبية على مهنة الصيد نفسها. وعلى الرغم من خطورة هذه الممارسات، فإن الحكومة لم تأخذ دورها بشكل كافٍ لمعالجة الصيد الجائر والحد من استخدام الديناميت والكهرباء في النهر، بحسب ما أشار إليه أبناء المنطقة.
وأكد الأهالي أنه إلى جانب مشكلة الصيد الجائر، يعاني نهر الفرات من الإهمال في النظافة وقلة الاهتمام به، لدرجة أن هناك أجزاء منه غير صالحة للاستخدام أو السباحة، وقد أدى هذا الوضع إلى تكرار حالات الغرق في الفترات الأخيرة.
يحتاج نهر الفرات إلى رعاية عاجلة في الصيد الجائر والسباحة والنظافة العامة لحماية البيئة والثروة السمكية. ويناشد الصيادون الحكومة بوقف الممارسات غير الشرعية، وتنظيف النهر، وتفعيل الرقابة الدائمة، لضمان استمرار مهنة الصيد بشكل آمن ومستدام وحماية الأهالي من المخاطر الناتجة عن الإهمال والتلوث.