ما معنى موافقة مجلس الشيوخ على إلغاء قانون قيصر؟ وهل أُلغي فعلاً؟
ما معنى موافقة مجلس الشيوخ على إلغاء قانون قيصر؟ وهل أُلغي فعلاً؟
● أخبار سورية ١١ أكتوبر ٢٠٢٥

ما معنى موافقة مجلس الشيوخ على إلغاء قانون قيصر؟ وهل أُلغي فعلاً؟

أثار تصويت مجلس الشيوخ الأميركي، أمس الخميس، لصالح مشروع موازنة الدفاع الوطني لعام 2026 (NDAA) متضمّنًا مادةً تنص على إلغاء “قانون قيصر”، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية السورية والدولية، بين من اعتبر الخطوة “نهاية رسمية للعقوبات” ومن رأى أنها “مجرد مرحلة متقدّمة في طريق الإلغاء الكامل”.

فما الذي يعنيه هذا التصويت؟ وهل أُلغِي القانون بالفعل؟

عملية تشريعية لم تكتمل بعد

بحسب القوانين الأميركية، فإنّ أي مشروع يقرّه مجلس الشيوخ لا يصبح نافذًا إلا بعد إقراره بالصيغة نفسها في مجلس النواب الأميركي، ثم توقيعه من قبل الرئيس دونالد ترامب.

ويشير خبراء إلى أنّ ما جرى حتى الآن هو تصويت بالموافقة على نسخة مجلس الشيوخ من الموازنة، التي تتضمن تعديلًا قدمه السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، ينصّ على إلغاء قانون قيصر مع إرفاق ذلك ببنود رقابية تُلزم الحكومة السورية بسلوكيات محددة، مثل التعاون في مكافحة الإرهاب وحماية الأقليات ومنع التصعيد الإقليمي.

وعليه، فإنّ التصويت الأخير يُعد خطوة حاسمة على طريق الإلغاء، لكنه لا يعني أن العقوبات قد رُفعت رسميًا بعد، بانتظار توحيد النص بين المجلسين في لجنة مشتركة تُعرف بـ لجنة التوفيق (Conference Committee)، قبل رفع النسخة النهائية إلى الرئيس ترامب للتوقيع عليها.

قانون قيصر معلق.. ولكن!

ويُشار إلى أنّ العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر متوقّفة فعليًا منذ منتصف عام 2025، بعدما أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا قضى بتجميد تطبيق العقوبات لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، استنادًا إلى الصلاحيات التي يمنحها له القانون نفسه.

وجاء هذا القرار في إطار مراجعة شاملة للسياسة الأميركية تجاه سوريا، وبهدف “توفير بيئة سياسية واقتصادية تشجّع على الاستقرار وإعادة الإعمار”، وفق ما ورد في المذكرة الرئاسية الصادرة حينها.

غير أنّ هذا التعليق المؤقت لا يمنح دمشق ولا المستثمرين الأجانب الضمانة الكاملة للتحرك بحرّية، إذ يمكن للرئيس الأميركي أن يرفض تجديد التعليق بعد انتهاء الفترة المحددة، ما يجعل بيئة الاستثمار محفوفة بالمخاطر ويحدّ من الانخراط الاقتصادي الدولي في السوق السورية.

ولهذا السبب، تسعى الحكومة السورية وحلفاؤها إلى إلغاء القانون بالكامل من جذوره التشريعية، وليس الاكتفاء بتجميده، لضمان استقرار اقتصادي طويل الأمد وإزالة أي تهديد محتمل بإعادة فرض العقوبات في المستقبل.

منظمة الطوارئ السورية: معركة الإلغاء دخلت منعطفها الحاسم

وفي واشنطن، أصدرت منظمة الطوارئ السورية (SETF) بيانًا رسميًا أوضحت فيه أنّ “قانون قيصر لم يُلغَ بعد، لكن معركة إنهائه دخلت منعطفها الحاسم”.

وأضاف البيان أن العملية التشريعية لا تزال جارية، وأنّ “المفاوضات المقبلة بين مجلسي النواب والشيوخ هي التي ستحدّد ما إذا كانت بنود القانون ستُبقى كما هي، أو تُعدّل، أو تُحذف بالكامل”.

وأشارت المنظمة إلى أن النسخة التي أقرّها مجلس الشيوخ “تضمّنت تعديلًا طرحه السيناتور ليندسي غراهام، ينصّ على الإلغاء المشروط للقانون مع السماح للكونغرس بإعادة فرضه في حال إخفاق الحكومة السورية في الالتزام بالشروط المحددة خلال فترة زمنية معينة”.

وقالت فيرونيكا زانييتا براندوني، مديرة المناصرة في المنظمة، إنّ المنظمة “ستواصل جهودها لضمان الإلغاء الكامل وغير المشروط لقانون قيصر، لما فيه مصلحة الشعبين السوري والأميركي”، مؤكّدة أنّ “العمل مع المشرّعين الأميركيين سيستمر حتى تعكس السياسة الأميركية تجاه سوريا قيم العدالة والإنسانية، وتمنح السوريين فرصة حقيقية لإعادة بناء حياتهم ومؤسساتهم”.

كما حذّرت المنظمة من ثلاثة سيناريوهات محتملة خلال مرحلة التوفيق بين المجلسين:
1. أن يتم إقرار الإلغاء الكامل في النسخة النهائية للموازنة، وهو ما تسعى إليه دمشق وحلفاؤها.
2. أن تنجح ضغوط بعض الأطراف، ومن بينها اللوبي الإسرائيلي، ولوبي الأقليات، في تمرير صيغة أكثر تشددًا تعيد بعض آليات العقوبات “المرجّعة”.
3. أو أن يُحذف القانون من النص النهائي كليًا، دون ذكر إيجابي أو سلبي، وهو ما يبقي الباب مفتوحًا أمام تفاهمات لاحقة.

مقدسي: خطوة بالغة الأهمية لكنها ليست النهاية

وفي السياق نفسه، أوضح جهاد مقدسي، الدبلوماسي السوري السابق والباحث في الشؤون الدولية، أنّ التصويت في مجلس الشيوخ “خطوة بالغة الأهمية على طريق إلغاء قانون قيصر، إذ أقرّ تعديلات خفّفت من بعض آليات المراجعة، مما فتح الطريق أمام موافقة المجلس على المشروع بصيغته الجديدة التي تلغي القانون عمليًا”.

وأضاف مقدسي، في منشور عبر منصة “إكس”، أنّ “سوريا ستبقى تحت المجهر الأميركي كما هو حال معظم دول العالم، سواء بوجود قانون قيصر أو بدونه، فهذه طبيعة عمل الكونغرس أصلًا”.

وأشار إلى أنّ الخطوة التالية ستكون “توحيد الصياغة النهائية للنص بين مجلسي النواب والشيوخ قبل إحالته إلى الرئيس ترامب للتوقيع عليه ودخوله حيّز التنفيذ”، متوقعًا أن “يتم التوقيع الرئاسي قبل نهاية العام، وفق وتيرة البيروقراطية الأميركية المعتادة”.

خطوة مفصلية لا نهاية المسار

باختصار، فإنّ تصويت مجلس الشيوخ الأميركي لا يعني الإلغاء الكامل لقانون قيصر بعد، لكنه يشكّل الاختراق التشريعي الأكبر منذ صدور القانون عام 2019، ومع اقتراب موعد مفاوضات التوفيق بين المجلسين، تبدو واشنطن أمام مفترق طرق، إما تثبيت الإلغاء النهائي وفتح صفحة جديدة مع سوريا، أو تعديل النصوص بما يُبقي بعض أدوات الضغط القديمة قائمة.

وفي الحالتين، يرى مراقبون أن مرحلة العقوبات المطلقة تقترب من نهايتها السياسية والقانونية، وأن الطريق نحو رفعها الكامل أصبح أقصر من أي وقت مضى.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 
الكلمات الدليلية:

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ