
رفع العلم السوري في واشنطن: خطوة رمزية ورسائل سياسية متزامنة مع لقاءات رفيعة المستوى
في مشهد وصفه مراقبون بأنه يحمل دلالات سياسية ورمزية كبيرة، رفع وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني، أمس الجمعة، العلم السوري فوق مبنى السفارة السورية في العاصمة الأميركية واشنطن، بحضور حشد من أبناء الجالية السورية في الولايات المتحدة، في أول فعالية من نوعها منذ عقود.
وكتب الوزير الشيباني في منشور على منصة "إكس": "بعد عقود من الغياب، يُرفع اليوم علم الجمهورية العربية السورية عالياً فوق سفارتنا في واشنطن.. بمشاعر الفخر والاعتزاز، أمثّل شعباً صمد، ووطناً لم ينكسر. سوريا تعود".
لقاءات مكثفة في الكونغرس
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين في بيانها إن الوزير الشيباني أجرى سلسلة لقاءات في العاصمة الأميركية مع أعضاء في الكونغرس ومسؤولين في وزارة الخزانة بحضور المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك، حيث بحث مع النائب جو ويلسون آفاق التعاون بما يخدم مصالح الشعب السوري.
بدوره، قال ويلسون في منشور عبر "إكس": "تشرفت باستضافة وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني، وهو أول وفد سوري يزور الكونغرس منذ 25 عاماً. قيادة الرئيس ترامب فتحت فرصة تاريخية لمرحلة جديدة تصب في مصلحة الجميع. على الكونغرس الآن أن يتحرك لإلغاء قانون قيصر بالكامل".
كما التقى الشيباني بالنائب الأميركي عن ولاية أريزونا إيب حمادة، حيث تناولت المباحثات العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية. وأوضح مكتب حمادة أن المحادثات ركزت على "تعزيز أجندة الرئيس ترامب القائمة على السلام عبر القوة في المنطقة، إضافة إلى ملف استعادة رفات الأميركيين الذين قضوا في سوريا"، مشيراً إلى تقديره لدور السفير باراك في هذه الجهود.
انفتاح اقتصادي وإشارات سياسية
وبحسب الخارجية السورية، التقى الوزير الشيباني أيضاً بالسيناتور جيم ريش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، في إطار بحث سبل إعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي. وكتب ريش على "إكس": "ناقشنا خطوات أساسية تتيح لسوريا الوصول الكامل إلى الاقتصاد الدولي. أمام سوريا فرصة لبناء ديمقراطية مستقرة، وهو ما تحتاجه المنطقة بشدة الآن، وآمل أن تكون دمشق على الطريق الصحيح".
وعلّق المبعوث الأميركي باراك على هذا التصريح بالقول إن "قيادة وحكمة رئيس اللجنة عنصر أساسي لتحقيق السلام والازدهار عبر العالم".
كما التقى الشيباني بعدد من مسؤولي وزارة الخزانة الأميركية بحضور المبعوث باراك، حيث خُصصت المباحثات لبحث إعادة ربط الاقتصاد السوري بالنظام المالي العالمي بشكل مسؤول وآمن، بما يضمن تعزيز التعاون في مكافحة تمويل الإرهاب.
وأكدت وزارة الخزانة الأميركية عبر حسابها الرسمي أن الاجتماع ركّز على "العمل مع سوريا لإعادة ربط اقتصادها بالنظام المالي العالمي بشكل مسؤول وآمن، مع الاستمرار في مكافحة تمويل الإرهاب".
وشملت اللقاءات أيضاً السيناتور كريس فان هولن والسيناتور ليندسي غراهام لبحث تعزيز التعاون بين سوريا والولايات المتحدة ورفع العقوبات الأميركية المفروضة على دمشق، من دون صدور تعليقات علنية من الجانبين.
نقاش جدي حول العقوبات
ويرى مراقبون أن لقاءات الوزير الشيباني في واشنطن قد تمهّد لنقاش جدي بشأن العقوبات الأميركية، في ظل تقديم السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام والديمقراطي كريس فان هولن مشروع تعديل على موازنة الدفاع لعام 2026 ينص على تعليق العقوبات المفروضة على دمشق إذا التزمت الحكومة السورية بحزمة شروط صارمة.
وتشمل هذه الشروط القضاء على تهديد تنظيم داعش والانضمام للتحالف الدولي ضده، وتأمين حقوق الأقليات الدينية والإثنية وتمثيلها في مؤسسات الدولة، والحفاظ على علاقات سلمية مع دول الجوار بما فيها إسرائيل، إضافة إلى إبعاد المقاتلين الأجانب عن الأجهزة الأمنية والعسكرية، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان منذ ديسمبر/كانون الأول 2024.
عودة دبلوماسية وحراك متعدد المسارات
بهذا المشهد الذي جمع بين رفع العلم السوري في قلب واشنطن وسلسلة اللقاءات مع صناع القرار الأميركي، تبدو دمشق وكأنها تعيد رسم حضورها الدبلوماسي في الولايات المتحدة على أسس جديدة، فيما يتابع المراقبون بحذر ما إذا كان هذا الانفتاح الرمزي سيُترجم إلى خطوات عملية في ملف العقوبات والتعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين.