
خطوة وراء خطوة: الترند العالمي بعيون سورية
انتشر على منصات التواصل الاجتماعي ترند مؤثر بعنوان "تضحيات الأب"، يقوم على وقوف الأب وابنه معاً، بينما يوجّه شخص خلف الكاميرا أسئلة للابن من قبيل: *هل فعل والدك هذا من أجلك؟*، وكلما أجاب الابن بـ"نعم" يتقدم خطوة إلى الأمام مبتعداً عن والده، إلى أن يكتشف حجم ما بذله أبوه من تضحيات، ثم يعود في النهاية ليعانقه في مشهد رمزي مؤثر.
بعد سوري مختلف
لو جرى تطبيق هذا الترند في سوريا، لكان تأثيره أعمق وأشد وقعاً، فالأب السوري عاش ظروف الحرب القاسية التي فرضت عليه أعباء مضاعفة تفوق بكثير تلك التي يتحملها آباء في بلدان مستقرة. فمن نزوح وتشريد وقصف ودمار إلى فقدان الموارد المالية وارتفاع جنوني في الأسعار، وجد الأب السوري نفسه أمام تحديات غير مسبوقة من أجل حماية أسرته وتلبية احتياجاتها الأساسية.
تضحيات تتجاوز المألوف
تحمل الآباء السوريون مسؤوليات هائلة في ظل انهيار الليرة السورية وتراجع القدرة الشرائية، وفقدان الكثيرين لمنازلهم وأعمالهم وممتلكاتهم. ورغم ذلك، لم يتخلّوا عن دورهم، بل واصلوا السعي لتأمين الغذاء والدواء والمأوى، وحتى العمل في أكثر من وظيفة بأجور زهيدة فقط ليضمنوا حياة كريمة لأبنائهم. هذه التضحيات جعلت من الأب السوري رمزاً للصبر والصلابة، ومثالاً فريداً على الوفاء والمسؤولية.
أسئلة بطعم الحرب
إذا صيغت الأسئلة الموجهة للأبناء في الترند السوري الخاص، فستكون أكثر التصاقاً بواقع الحرب، مثل: *كيف حماك والدك من القصف؟ هل تمكن من تأمين مأوى أثناء النزوح؟ هل وفر لك التعليم رغم الظروف؟ هل عمل بلا كلل بأكثر من مهنة كي تواصل حياتك؟* هذه الأسئلة تعكس مرارة التجربة التي خاضها ملايين السوريين، وتجعل لحظة عناق الابن لأبيه في نهاية الترند أكثر صدقاً وعمقاً.
رسالة إنسانية
بذلك يتحول الترند من مجرد لفتة رمزية إلى شهادة حية على بطولة الأب السوري الذي واجه الحرب والانقسام والفقر والدمار، لكنه ظل صامداً في خدمة أسرته، مجسداً معنى التضحية الحقيقية في واحدة من أقسى التجارب الإنسانية في العصر الحديث.