
حملة "الوفاء لإدلب".. مسؤول التخطيط يوضح لـ "شام" الآلية التي ستُتبع لتوزيع الأموال
كشف الدكتور أحمد الزير، مسؤول التخطيط والبرامج في حملة "الوفاء لإدلب"، عن الآلية التي ستُتبع لتوزيع الأموال التي جُمعت خلال الحملة، موضحاً أن العمل يستند إلى رؤية واضحة، بدأت منذ انطلاق الحملة والتعريف بها عبر المنصات الرسمية ومواقع التواصل الاجتماعي والموقع الإلكتروني المخصص.
الأولوية لتأهيل البنية التحتية
أوضح الزير أن التركيز الأساسي ينصب على تأهيل البنية التحتية في القرى والبلدات والمدن بمحافظة إدلب، خصوصاً في الريف الجنوبي والشرقي الذي تعرض لدمار شبه كامل، وأشار إلى أن القطاعات الأكثر تضرراً تشمل المدارس، المساجد، المشافي، الأفران، محطات المياه والصرف الصحي، الطرقات، وشبكات الكهرباء، مؤكداً أن إعادة تأهيل هذه المرافق ستساعد بشكل مباشر في عودة النازحين، إذ ما يزال أكثر من مليون شخص يعيشون في نحو ألفي مخيم شمال سوريا.
لجنة متخصصة لمتابعة المشاريع
وأضاف أن المشاريع ستُعطى الأولوية وفق دراسات دقيقة تجريها لجنة متخصصة تم تشكيلها بقرار من محافظ إدلب، وتضم ممثلين عن فعاليات مختلفة، منها مديريات خدمية ووزارات معنية مثل التربية، وأكد أن هذه اللجنة ستشرف على اختيار المشاريع وفق معايير واضحة، بما يضمن توافقها مع الاحتياجات الميدانية.
شفافية مالية ورقابة صارمة
أكد الزير أن هناك متابعة دقيقة ورقابة مالية على جميع العمليات التنفيذية، مع الالتزام بالشفافية المطلقة في اختيار المشاريع وتنفيذها وترتيبها، وأوضح أن حجم الاحتياج في مجال البنية التحتية يقدر بحوالي 3 مليارات دولار، وهو رقم ضخم يشمل فقط الخدمات الأساسية دون المنازل، في حين أن ما جُمِع حتى الآن من الحملة يصل إلى نحو ٢٠٨ مليون دولار، مع استمرار تدفق التبرعات.
مشاركة واسعة للمؤسسات الإنسانية
وأشار إلى أن أكثر من 100 مؤسسة إنسانية شاركت في الحملة، وأن التنسيق تم بشكل مسبق لتفادي أي تعارض بين المشاريع، مع منح الأولوية للمبادرات التي تخدم السياق الأوسع لاحتياجات المحافظة، ولفت الزير إلى أن هناك تواصلاً مستمراً مع فعاليات مختلفة للمساهمة بأشكال متنوعة، مع الالتزام بإصدار تقارير دورية محدثة لعرض مراحل الإنجاز والنتائج على منصة رقمية يتم تطويرها.
الحاجة تفوق الإمكانيات
ولفت إلى أن حجم الاحتياج في شمال سوريا يتجاوز بكثير حجم التمويل المتاح، إذ يغطي أقل من 12% من الاحتياجات الأساسية وفق تقارير الأمم المتحدة الأخيرة، التي أشارت أيضاً إلى أن ربع السكان بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية وتنموية. وأكد أن مواجهة هذا التحدي تتطلب تضافر الجهود على المستويات التمويلية والتشريعية والميدانية.
رسالة الأمل والاستمرارية
اختتم الزير بالإشارة إلى أن حملة "الوفاء لإدلب" ستستمر حتى تلبية احتياجات جميع المخيمات والبنى التحتية، مؤكداً أن التعاون الكبير من الأهالي والمؤسسات ورجال الأعمال يعزز فرص نجاحها. وقال: "لن نتوقف حتى آخر خيمة، وسنواصل العمل معاً حتى نصل إلى خطوات ملموسة تغيّر واقع المخيمات والحياة اليومية لأهلنا".

محافظ إدلب لـ«شام»: «الوفاء لإدلب» كسرت القواعد وأطلقت مرحلة جديدة لإعادة المهجّرين
في حديث خاص لشبكة «شام الإخبارية»، أكد محافظ إدلب السيد "محمد عبد الرحمن" أنّ حملة «الوفاء لإدلب» التي انطلقت في 26 أيلول/سبتمبر 2025 مثّلت حدثاً استثنائياً بكل المقاييس، إذ «كسرت كل القواعد بحجم التبرعات والتنظيم وإدارة الحملة التي لاقت تفاعلاً ورواجاً كبيراً على الصعيد الرسمي والشعبي والسوريين في المهجر، وتميزت بالسخاء غير المسبوق وكذلك بمشاركة الرئيس أحمد الشرع نفسه».
تكاتف الجهود سرّ النجاح
وأوضح محافظ إدلب، أن سر نجاح الحملة يكمن في «تكاتف الجهود وتوحيد الصفوف بين مختلف الجهات الرسمية والشعبية»، مشيراً إلى أنّ جميع القائمين على المبادرة تبنّوا العمل بروح الفريق الواحد.
وأضاف السيد عبد الرحمن لشبكة "شام": «استنفرت محافظة إدلب كل كوادرها واستعانت بالمجتمع المحلي ومنظمات المجتمع المدني وكافة أبناء المحافظة، وخلال خمسة عشر يوماً فقط تحوّلت إدلب إلى خلية نحل تعمل ليل نهار حتى خرجت هذه الفعالية بهذا المستوى المشرف».
إدلب رمز الثورة ومنطلق التحرير
وقال محافظ إنّ «إدلب كانت ولا تزال الحضن الذي جمع كل السوريين، وهي رمز الثورة ومنطلق التحرير، ومن الطبيعي أن يلبّي الجميع نداء الواجب تجاهها»، مؤكداً أن حجم التبرعات والسخاء الكبير يعكس عمق الانتماء والشعور بالمسؤولية تجاه المحافظة وأهلها.
زيارة تاريخية للرئيس الشرع
ولفت عبد الرحمن إلى أن زيارة الرئيس أحمد الشرع لإدلب بعد عودته مباشرة من اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك «تُعدّ زيارة تاريخية بكل المقاييس»، معتبراً أنّها «تعكس وفاء القيادة للمحافظة التي احتضنت الثورة في أصعب أيامها، وهي رسالة تقدير ودعم لكل من ضحّى وصمد في سبيل سوريا».
خطوات عملية بعد الحملة
وبيّن المحافظ أنّ محافظة إدلب باشرت منذ اليوم الأول بعد الحملة بتشكيل لجنة مختصة لبحث الأولويات وتحديد المشاريع الأكثر إلحاحاً في المحافظة، على أن تبدأ هذه اللجنة عملها فوراً لضمان سرعة التنفيذ وتحقيق الأثر الملموس على الأرض.
وفي رسالة لأهالي المخيمات قال: «نقول لأهلنا في المخيمات إننا لن ندّخر جهداً حتى نزيل آخر خيمة، ونعيد كل عائلة إلى منزلها بكرامة وعزّة. هذه الحملة كانت بداية الطريق، والعمل مستمر حتى تحقيق هذا الهدف».
شكر للمتبرعين ودعوة للاستمرار
وتقدّم عبد الرحمن بالشكر والعرفان لكل من ساهم في دعم هذه الحملة، وعلى رأسهم رجل الأعمال غسان عبود وأيمن أصفري، «وكل الأيادي البيضاء التي مدّت الخير لإدلب وأهلها، فوقوفهم معنا دليل على أصالة موقفهم وانتمائهم الإنساني والوطني».
التزام بالمستقبل
وختم محافظ إدلب حديثه لـ "شام" قائلاً: «نؤكّد لأهلنا في إدلب أنّنا سنكون دائماً السند والعون لهم، وأنّ المحافظة بكل كوادرها ستعمل بإخلاص وتفانٍ لتقديم كل الخدمات الضرورية، والارتقاء بواقع الحياة اليومية بما يليق بصمودهم وتضحياتهم، ونتوجّه بالشكر والامتنان إلى كل السوريين في الداخل والخارج الذين ساندوا حملة «الوفاء لإدلب». إن كل جهد ومبلغ قدّمتموه سيكون في خدمة أهلنا وخاصة القاطنين في المخيمات، وسيبقى أثره حيّاً في وجداننا وفي مشاريعنا القادمة».
فمنذ اللحظات الأولى لانطلاقها، كسرت الحملة كل التوقعات، إذ أعلنت الجهات المنظمة عن جمع عشرات الملايين من الدولارات خلال ساعات قليلة، ومع اختتام اليوم الأول، تجاوزت التبرعات حاجز المئتي مليون دولار، في سابقة لم يشهدها العمل الإنساني السوري بهذا الحجم والتنسيق.
هذه الأرقام - وفق متابعين - عكست حجم الثقة بالمبادرة والدعم الشعبي والرسمي الكبير لمحافظة إدلب التي تحظى برمزية خاصة في وجدان السوريين، بوصفها أرض الصمود والتضحيات خلال سنوات الحرب.
رمزية إدلب في الوجدان السوري
إدلب لم تكن مجرد ساحة معركة في الذاكرة السورية، بل أصبحت رمزًا للثبات والتحدي وملاذًا لمئات آلاف النازحين، لذلك، شكّلت الحملة بالنسبة للكثيرين أكثر من مجرد عمل إغاثي؛ هي وفاء لمحافظة حملت العبء الأكبر من النزوح والمعاناة، ورسالة بأن زمن النسيان قد ولّى وأن العودة إلى الديار أصبحت هدفًا ملموسًا.
أبعاد إستراتيجية تتجاوز الإغاثة
تتجاوز أهمية حملة «الوفاء لإدلب» جمع المال أو تقديم المساعدات العاجلة، فهي تمثل نموذجًا للعمل الجماعي المحلي الذي يسبق أي دعم دولي، وتعطي إشارة واضحة بأن إعادة الإعمار يمكن أن تبدأ بإمكانات وطنية وبمبادرات منظمة، كما أنها تشكل اختبارًا حقيقيًا لمدى القدرة على تحويل هذه التبرعات إلى مشاريع تنموية مستدامة تعيد بناء القرى وتؤسس لعودة جماعية للمهجرين.
بهذه الحملة، تحولت إدلب من رمز للألم إلى منصة للأمل والعمل المشترك، وبدت المبادرة وكأنها خطوة عملية لترجمة شعارات الوفاء والتكافل إلى مشاريع حقيقية. إنها رسالة لكل السوريين بأن إعادة الإعمار والعودة إلى الديار ليست مجرد حلم، بل مسار بدأ بالفعل، وأن وفاءهم لمحافظتهم سيقودهم نحو مستقبل أفضل أكثر استقرارًا وكرامة.