
جدل مفاضلة الدكتوراه بين طلاب الدراسات العليا ووزارة التعليم العالي
أقرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في سوريا، للمرة الأولى، نظام مفاضلة مركزية رقمية للقبول في برامج الدكتوراه (2025 – 2026)، بدل التسجيل المباشر المعمول به سابقاًوأثار القرار الذي جاء تحت عنوان "ضبط الفساد وتحقيق العدالة الأكاديمية"، موجة واسعة من الاعتراضات بين طلاب الدراسات العليا.
اعتراضات واسعة ومذكرة طلابية إلى الرئاسة
وجه طلاب الماجستير والدكتوراه مذكرة جماعية إلى رئيس الجمهورية أحمد الشرع، ناشدوه فيها إلغاء المفاضلة أو تأجيل تطبيقها، معتبرين أنها تتعارض مع القوانين والدستور وتمس بمستقبلهم الأكاديمي ومن أبرز النقاط الواردة في المذكرة أن القرار يتعارض مع المادة (146) من قانون تنظيم الجامعات رقم 6 لعام 2006، التي لم تنص على أي مفاضلة لقبول طلاب الدكتوراه.
واعتبروا أن القرار طبق بأثر رجعي على طلاب أنهوا الماجستير أو مقرراته، وهو ما عدوه إجحافاً، لأن الماجستير والدكتوراه مرحلتان متكاملتان، وتناولت المذكرة أن القرار لم يلتزم بتعليمات رئاسة مجلس الوزراء (تموز 2025) التي تشترط استطلاع ردود الأفعال وتنظيم حملات توعوية قبل اعتماد قرارات تمس حياة المواطنين.
ولفتت المذكرة الطلابية أن إقرار المفاضلة تم في مجلس التعليم العالي من دون حضور ممثلين عن الطلاب، واعتبرت أن المفاضلة تميّز بين فئات الطلاب وتناقض مبدأ المساواة أمام القانون، فيما يخشى الطلاب من إحباط واسع، هجرة للكفاءات، وضياع جهودهم المادية والمعنوية بعد سنوات من الدراسة والإنفاق.
وأشار طلاب إلى أن معدلات مرتفعة كانت تمنح سابقاً عبر المحسوبيات في جامعات النظام البائد، ما يتيح لأصحاب النفوذ التفوق في المفاضلة، كما أن حداثة الشهادة تضر بشكل خاص بالطلاب الذين تأخروا بسبب ظروف الحرب، وشدد الطلاب على أنهم لا يطلبون امتيازات، بل معاملة عادلة تراعي الظروف القاسية التي عاشوها.
وأشاروا أيضاً إلى أن شرط الجامعة الأم يفقد الكثير من الطلاب فرصتهم، خصوصاً من حصلوا على الإجازة الجامعية في جامعات النظام ثم استكملوا الماجستير في جامعات الشمال أما معايير النشر العلمي أو براءة الاختراع، فقد وصفها الطلاب بأنها شبه مستحيلة بسبب غياب البنية التحتية وقلة الموارد والعقوبات المفروضة على البلاد.
موقف وزارة التعليم العالي من قرار مفاضلة الدكتوراه
من جانبه، دافع وزير التعليم العالي مروان الحلبي عن القرار، مؤكداً أن الهدف الرئيس هو ضبط الفساد والمحسوبيات التي شابت مرحلة التسجيل المباشر، وأوضح أن المفاضلة تضع معايير موضوعية للقبول بعيداً عن التدخلات، وأن عدد الشواغر يحدد بناءً على القدرة الاستيعابية وعدد المشرفين.
كما شدد على أن معدل الماجستير لا يشكل سوى 0.1 من علامة المفاضلة، وأن مدة إنجاز الرسالة لن تُحتسب ضمن المعايير، وأضاف الوزير أن النشر العلمي معيار يمنح نقاطاً إضافية لكنه ليس شرطاً للتسجيل، مؤكداً أن الهدف هو الجودة لا العدد، مع خطة لتأمين فرص عمل لخريجي الدكتوراه والحد من هجرة العقول.
وكان نظم طلاب الدراسات العليا وقفات احتجاجية أمام جامعة حلب ومجلس التعليم العالي بدمشق، لكنهم أكدوا أن مطالبهم لم تجد آذاناً صاغية واعتبروا أن تجاهل صوتهم يكرّس القرارات الفردية ويضعف الثقة في المؤسسات التعليمية.
وفي آب/ أغسطس الماضي قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إجراء مفاضلة مركزية رقمية موحدة للقبول في برامج الدكتوراه في جميع الجامعات والمعاهد العليا اعتماداً على معايير الكفاءة والعدالة والنجاح الأكاديمي.
ويذكر أن قرار إجراء مفاضلة لمرحلة الدكتوراه طرح باعتباره وسيلة لمكافحة الفساد وضمان العدالة الأكاديمية، فيما تحوّل إلى قضية خلافية بين الطلاب والوزارة الطلاب يرونه تهديداً مباشراً لمستقبلهم وإجحافاً بحقهم، فيما تؤكد الوزارة أنه خطوة إصلاحية تضمن قبول الأكفأ وتطوير مستوى الدراسات العليا وبين الموقفين يبقى مستقبل البحث العلمي في سوريا معلقاً على كيفية معالجة هذا الجدل بما يحفظ العدالة والثقة في المؤسسات.