
تقرير حقوقي يوثق 109 حالات اعتقال تعسفي في سوريا خلال تموز 2025 ويحث على إصلاحات قانونية ومحاسبة الجناة
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الشهري حول أوضاع الاعتقال والاحتجاز في سوريا خلال شهر تموز/يوليو 2025، موثقة ما لا يقل عن 109 حالة اعتقال تعسفي، وسط استمرار الانتهاكات من أطراف متعددة، بما فيها الحكومة الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية، رغم دخول البلاد مرحلة انتقالية بعد سقوط نظام الأسد.
الانتهاكات مستمرة رغم التغيير السياسي
أوضح التقرير، الذي جاء في 20 صفحة، أن مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 لم تشهد بعد التحولات القانونية الكافية لضمان احترام الحقوق الأساسية، مشيرًا إلى أن ممارسات الاعتقال التعسفي والاحتجاز خارج القانون لا تزال متواصلة من مختلف القوى المسيطرة في البلاد.
تفاصيل حالات الاعتقال
سُجلت 48 حالة اعتقال على يد الحكومة الانتقالية، من بينها 12 حالة موثقة و5 لأطفال، بينما وثقت الشبكة 36 حالة أخرى نفذتها قوات سوريا الديمقراطية، تضمنت أيضًا 5 أطفال، وتركزت معظم هذه الحالات في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة.
عمليات دهم واحتجاز خارج الأطر القانونية
أشار التقرير إلى قيام الأمن الداخلي في الحكومة الانتقالية بحملات دهم واعتقال دون توجيه تهم واضحة أو تمكين الموقوفين من معرفة أسباب احتجازهم، بما في ذلك حالات طالت إعلاميين ومدنيين في محافظات حمص وطرطوس والقنيطرة، وسط غياب مذكرات توقيف أو إشراف قضائي.
انتهاكات قوات سوريا الديمقراطية
وثّق التقرير استمرار "قسد" في تنفيذ عمليات دهم واحتجاز جماعي في حلب ودير الزور، بذريعة ملاحقة خلايا تنظيم داعش أو بهدف التجنيد القسري، بما في ذلك اعتقال أطفال ونقلهم إلى معسكرات تدريب دون علم ذويهم، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
تسجيل إفراجات محدودة
في المقابل، سجل التقرير 11 حالة إفراج من مراكز الاحتجاز التابعة للحكومة الانتقالية و14 من مراكز "قسد"، بعضهم أطفال، دون توضيح المسوغات القانونية أو إجراء تحقيقات شفافة. كما رصد التقرير إفراجات لاحقة لـ19 شخصًا احتُجزوا ضمن عمليات محاسبة على جرائم مرتبطة بالنظام السابق، لم يثبت تورطهم فيها.
محاسبة عناصر النظام السابق
أبرز التقرير اعتقال ما لا يقل عن 61 شخصًا في سياق محاسبة من تورطوا بانتهاكات خلال عهد نظام الأسد، في محافظات شملت اللاذقية، طرطوس، حمص، حماة، حلب، دمشق وإدلب، مشيرًا إلى مصادرة كميات من الأسلحة ونقل المحتجزين إلى سجون مركزية.
مخاوف من استمرار الانتهاكات
رغم نوايا الإصلاح، أبدت الشبكة قلقها من أن بعض الاعتقالات ما زالت تتم دون إشراف قضائي أو معايير قانونية، مطالبة الحكومة الانتقالية باحترام الضمانات القانونية ومنع تحول عمليات المحاسبة إلى اعتقالات تعسفية جديدة.
الانتهاكات ممنهجة بحق الضحايا
أكد التقرير استمرار الانتهاكات ضد المحتجزين، من بينها التعذيب والمعاملة المهينة، وغياب الإجراءات القانونية الواضحة في معظم الحالات، ما يعد خرقًا للعهود والاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب.
توثيق موثوق وقرارات دولية
ذكّر التقرير بأن الشبكة السورية لحقوق الإنسان أصبحت مصدرًا معتمدًا للعديد من هيئات الأمم المتحدة، واستندت إليها قرارات دولية مثل قرار A/C.3/78/L.43، الذي أدان النظام السابق بارتكاب انتهاكات جسيمة، بينها اعتقال أكثر من 135 ألف شخص بشكل تعسفي.
توصيات شاملة
أوصى التقرير المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن والأمم المتحدة، باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الاعتقال التعسفي، وضمان الإفراج عن المحتجزين، ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات، مع الدعوة لتجميد أموال النظام السابق وتقديم الدعم لبرامج العدالة الانتقالية.
كما طالب الحكومة الانتقالية بالتعاون مع الجهات الدولية، والإفصاح عن مصير المعتقلين، وتوثيق الجرائم المرتكبة، وإصلاح القضاء والأمن، وتوفير الدعم للناجين من الاعتقال، وضمان الشفافية خلال حملات الملاحقة والمحاسبة.
خاتمة
يؤكد التقرير أن طريق العدالة في سوريا لا يزال طويلاً، وأن المرحلة الانتقالية لن تنجح دون احترام حقوق الإنسان، وإنهاء الاعتقال التعسفي، وتحقيق محاسبة فعلية وجادة لجميع مرتكبي الجرائم، سواء في العهد السابق أو في الفترة الحالية.